عفوا كان المنشور السابق لهذه القصيدة ناقصا وقد قام اخي العزيز سليم بإلصاقها ولم يلاحظ ذلك ،وقد لاحظت ذلك الان وهذه القصيدة الكاملة ، وأرجو من الاخ سليم تعديل المنشور وتصحيحه ودمتم.
(يوسف الصّدّيق)
سَـل يُـوسُـف الـصّـدّيق عـن أحـوالــهِ
و غَـيَـابـَةُ الـجُــبّ الـعَـمَـيقِ المُـظـلِـمِ
مـاذا دَهَـى قَــومَــاً لِـقَــتْـلِ أخَــيـهــمُ
أَو بَـيـعِهِ بَـخـسَـاً بِـصَــوتِ الــدّرهَــمِ
أو وَضْـعِـهِ فِـي الـبِـئْرِ يَـغـدُو لُـقـطَـةً
حَظّ القوافـلِ في الـبـضاعةِ مـغــنــمُ
جــاؤا عِــشــاءً خَـائِــنِــيــنَ أبِــيــهــم
يَـبـكُـون فَــقْـدَ أخِــيـهــمُ الــمُــتـألّــم
ألـقـوا جَـريـمَـتـهـم و سـوءَ فِـعَـالِـهـم
بالْـذئْـبِ جـُرمـاً و الـحَـقِـيـقـةُ أجــرمُ
تــركـــوا نـبـي الـلــهِ فـي أحـــزانــــهِ
كَــمَــداً و حُــزنــاً في مُـصابٍ مُـبـهـم
و شَــرَوهُ في مِــصــرٍ بِـــهـا سَــيّــارَةٌ
لِـعــزيـزِ مِـصـرٍ فـي بِــدايــةِ مَــقــدَمِ
بــل أكــرمُـوا مَــثــواهُ فِـيـهِـم نِـعـمَةً
و عـسـى يَـكـن و لداً مُـبَـارك يـَفــهَـم
و قَـضَى سِنِـيـناً في الحياةِ مُشَــرّفـا
فـيــهِ الـجَــمَــالُ مُــمَـيّــزاً و مُـكَــرّمِ
شُـغِـفَـت نِـسـاءُ الـقَصرِ في أخـلاقِـهِ
وجَـمــالــهِ بــيــن الــعـبـادِ مُــنَــعّــمِ
فُــتِــنَـت زُلَـيخَا في قَـرَارِةِ نَـفــسِـها
و تـَـهَـيّأت فـي مَـكرِهَـا الـمُـــتَـقَـدمِ
نـادَتــهُ لِـلأقــبَـالِ فــي مَــقــصُـــورَةٍ
والإخـــتـــلاءُ بِــــهِ بِــأمْـــرٍ صَــــارِمِ
فأبى و هَـمّـت بِــهْ وجــاءَت وَهْــلَـةٌ
قَد هَـمّ فِـيها بالـخَـطـأ فاسْـتَـعـصَـمِ
بُـرهَـانَ رَبِّـــهْ قَــد رآهُ مُـهِـــيـــمِــنَــاً
في كَـفّــةِ الـمِـيـزانِ حُـبّــاً أعـــظَــمِ
و مُـقارنـاً بَـيـن الفَــضِــيلـةِ و الـزّنـا
فأحَـبّ أن يُـسْــجَـن ولا يَسْـتَـسـلِـمِ
وقضى سِنيناً في السّجونِ مجاهداً
بالصّـبْـرِ و الـتَـأْوِيـلِ حَـقّـا يَـحــكُــمِ
وَ لَهُ تـَعَــابِــيـرُ الــرّؤى فـي قِــصّــةٍ
عن خَيرِ سَـبــعٍ ثـم جَدبٍ تـَـهْــجُــمِ
بعـدَ السّـمـانِ السّبعُ تأتي مِــثْـلُــهَـا
سَـبعٌ عِـجَـافٌ تَـأكُـلُ الــمُـــتَــراكِــمِ
عامٌ يُـغَاثُ الـنّـاسُ يَـأتي بَـعـــدُهَــا
بالـخَيرِ والأمْـطَارِ فَـضْلُ الـمُــنْــعِـمِ
مَابَالُ نِسْوَهْ في الـمَـدِيــنَـةِ تَـمْــكُـرُ
وقَطَعْنَ أيدِيـهِـنّ قُـرْبَ الـمِـعْــصَمِ
وبِمَكرِ سيّدَةٍ لَـهُـمْ فْـي قَــصْــرِهَـــا
ودخول يوسُـفْ نَـحوَهُــنّ مُـلَــثّــمِ
وَكَـشَـفْ لَهَنّ حَـقِيقَـةً عَن حُــسْـنِــهِ
فَتَخَـالَهُ مَـلَــكـاً كَــرِيــمَـا تُـــقــسِـمِ
كَــبّـرنَهُ في لَـحـظَــةٍ سَـكْــرَى بِــهَـا
وعَـزَمْـنَ إن يُـوقِــعــنَـهُ فـي مَـأثـَمِ
بـَـرأْنَــهُ بـَـعـــدَ اعــتِــرافٍ صَــادِقٍ
رَاوَدنَهُ عَن نَـفْــسِـهِ فاسْــتَـعْــصَـمِ
فأتى المَلِكْ و بَـأَمْـرِهِ مُسْـتَـخْـلِـصَاً
يٌوسِف مَـكِيـنَـاً بِـالـخَــزَائِـنِ مُـلْـزَمِ
وعَـزيـزُ مِصرٍ في البِلادِ جَمِـيعُــهَـا
بَــين الـمُـلُـوكِ مُـكَـرّمَـا و مَـعَــظّـمِ
وأتَـت سِنِينَ القَحطِ في امصَارِهَـا
و بآلِ يـَعـقُــوبَ الـنّـبِــيُّ تُــخَــيّـمِ
فَـأَتَـوا إلى مِـصـرٍ و دَقّــوا بَـابَـهَــا
يَبغُون يَـكْـتَـالُــون رِزقــاٍ يُـطــعَــمِ
بِـبـضَـاعَـةٍ مُـزجَــاةِ في أَحـمَــالِــها
بَرَكَت قُـوافِـلُـهُـم بِــوَضـعٍ مُــؤلِــمٍٍ
دخَـلوا عَـلِيـهِ بـِحَالَـةٍ يُـرثَـى لَــهــا
وشَكُوا إلـيـهِ وَ مُـنْـصِـتٌ يَــتَــأَلّــم
فَـعَرَفْ بِـهِـمْ وَ بِحَالِهِم وسُـؤالٍـهِـم
لكنّـهُـمْ لـَـم يَــعرِفُــوا الــمُــتَـكَـلّـمِ
فـأَضَـافَــهُـم ومُـبَالِـغَــاً إكْـرامِـهِــم
و بٍـنَــفـسِـهِ سِرٌّ عَــظَــيــمٌ مُـبهَمِ
فَمَنَع عَليهِم كَـيـلَـهُم و غِــذاءَهـُـم
وأعَادَ في أحمَـالـِـهِــم مـايُــفْــهَــمِ
وبـضاعــةٍ رُدّت إلِــيـهِـم تَــذكِـــرَهْ
نَحـوَ الـكَـريــمِ رسالـةٌ كَـي يَـعـلَـمِ
و لَعَلّها بـُشْـرَى أتَــتْ مِـن غَــائِــبٍ
وتَحَـقّـقَت رُؤيـا النّـبـَيّ الـمُـلَــهَــمِ
كـي يَحضرون أخَـيـهُــمُ لأَبـِـيــهُـمُ
ويَزيـدَكَيـلاَ في الحسابِ و يَفْـهَـمِ
فأَجَابَهُم يَـعـقُـوبُ بَـعـد الـمَـوثِـقِ
أن يَحفَظُوهُ مِن الـشّرُورِ و يُعـصَمِ
ووصـيــةٌ أوصـى بـِـهـــا أبــنَــــاءَهُ
وقَضَى بـِهـا في نَفـسِهِ مـا يُــكْتَمِ
وأََوَىَ إلــيـهِ شَـقِــيـقَــهُ في مَـأمَـنٍ
مَن مَكـرِ إخوَتـِـهِ الـعَــدُوّ الأظـلَـمِ
ورسالـةٌ أُخــرَى يَــؤولُ مَــفَــادُهَــا
بـُـشــرى ولَـكِــن شَـكـلُـهـا مُــتَــأزّمِ
قَـد مَـسّهـم قَـحطُ السّـنينِ أذَلّـهُـم
دَخَـلُـوا علـيـهِ وحالُـهُـم يَـسـتَـرحِـمِ
طَـلَـبُـوه إحـسَـانـاً لِـرِقّــةِ حَـالِــهِـم
قـد مَـسَّـهُم ضُـرٌّ و فَـاقــةُ مُــعــدِمِ
فـأجَـابَـهُـم مُـتَـسَـائــلاً و مُـفَـاجِــئـاً
عــن يُـوسُـفٍ و أخـيـهِ مـاذايُـعــلَـمِ
هل قَـد عَـلِمْـتُـم مَـا فـعَلتُم فِـيهِـمَـا
بِـجَــهـَــالَـــةٍ لَـــكِـــنّ ربـّـي أرحَــــمِ
قالوا أإنّكَ أنْـتَ يُـوسُـفْ حَــاكِــمَــاً
وعلى وجوهِـهِم الذّهُـولُ الأسْـحَـمِ
فَأجَـابَـهُـم مُـتَـهَــدّجَــا فـي صَـوتـِـهِ
لا غــاضِـبَــاً مِـنـهُــم و لا مُـتَـجَـهّــمِ
واغـرُورَقَـت عَـيـنَـاهُ بالدّمـعِ الـذي
غَـسَل الـفُراقَ و حُـزنَـهُ الـمُـتَـراكِـمِ
إنّـي أنـا يـُوسُـفْ و هـذا هُــوْ أخِـي
ربّـي عَـلِـيـمٌ بـالـصّـبُـورِ الـمُــسْـلِــمِ
سُـبــحَــان ربّـي إنّــهُ مَــن يَــتّــقِ
يـؤتِـيــهِ أجـراً كــامِـلاً لَـمْ يُــحـــرَمِ
عـُـودُوا إلـى أهْـلِـيْـكُـمُ فَــأْتُـوبِــهِـم
هــذا قَـمَـيْـصِي بِـالـبِـشـارَةِ يُـخـتَـمِ
تـأتـي بَـصِـيـراً يـا أبِـي مِن فَـورِكُـم
مـن رَحـمـةِ اللهِ الطّـبِـيـبِ الأعـظَمِ
سَجَدَ الكواكِبُ والقَـمَرْ مَعَ شَمْسِهِـم
و تَـحَـقّــقـت رؤيـا الـنّـبـي الـمُـلْـهَـمِ
كانـت بـِأمْــرِ الـلـهِ في تـَرتـِـيــبِــهَــا
ومَـشِـيـئَـةٍ تَــقــدِيــرُهَـا و مُـنَــظّــمِ
فِيها مِن الـعِبَرِ الـعَــظَيـمَــةِ شَـأنُــهُـا
قَصَصٌا تَجَـلّت في بـَيَانٍ الـمُـحــكَـمِ
(بحرالكامل)
#الشاعر_الأديب_عبدالرحيم_دحان_السباعي
ربي إليك توجهي وعبادتي
وإلى سبيلك دعوتي وجهادي