الموضوع: هل من تفسير للايات 18-23 من سورة سبأ

النتائج 1 إلى 4 من 4
  1. rose هل من تفسير للايات 18-23 من سورة سبأ

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ونعيم رضوانه في نفسه
    قال تعالى "وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا قُرًى ظَاهِرَةً وَقَدَّرْنَا فِيهَا السَّيْرَ سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّامًا آمِنِينَ (18) فَقَالُوا رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا وَظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ (19) وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (20) وَمَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يُؤْمِنُ بِالْآخِرَةِ مِمَّنْ هُوَ مِنْهَا فِي شَكٍّ وَرَبُّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ (21) قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ (22) وَلَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ (23)"سبأ

    هل من تفسير لهذه الآيات من بيانات الامام ناصر محمد اليماني
    وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين

  2. افتراضي

    ======== اقتباس =========

    اقتباس المشاركة 5017 من موضوع إلى جميع عُلماء الأُمّة والباحثين عن الحقّ من الأُمّة أجمعين ..

    الإمام المهديّ ناصر محمّد اليمانيّ
    20 - محرم - 1429 هـ
    29 - 01 - 2008 مـ
    01:33 صباحًا
    (بحسب التقويم الرسمي لأمّ القرى)

    [ لمتابعة رابط المشاركة الأصلية للبيان ]
    https://nasser-alyamani.org/showthread.php?p=1010
    ____________


    إلى جميعِ عُلماءِ الأُمّةِ والباحثينَ عن الحقّ من الأُمّة أجمعين ..


    بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على جميع الأنبياء والمرسلين من أوّلهم إلى خاتم مسكهم النبيّ الأُميّ الصادق الأمين، وعلى التابعين للحقّ من الناس أجمعين في كلّ زمانٍ ومكانٍ إلى يوم الدين، ولا أُفرّق بين أحدٍ من رسله وأنا من المسلمين، أمّا بعد..

    أشهدُ أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له، وأشهدُ أنّ محمداً عبدُه ورسولُه، وأشهدُ أنّي المهديّ المنتظَر الحقّ لا أقول على الله ورسوله غير الحقّ، مصدّقاً بكتاب الله وسنّة رسوله الحقّ، ولا أُفرّق بين الله ورسوله، وأدعو الناس إلى الحقّ على بصيرةٍ من ربّي بعلمٍ وسلطانٍ منير، وأدعو جميع علماء الديانات الثلاث الأُمّيّين والمسيحيّين واليهود إلى الاحتكام إلى كتاب الله القرآن العظيم إن كانوا به مؤمنين، ولا أكفر بالتوراة والإنجيل الحقّ؛ غير أنّي لا أعمد إليهما لأستنبط الحكم الحقّ منهما حتى ولو لم يتمّ تحريفهما، وذلك مني تنفيذاً لحُكم الله بأنّه جعل القرآن العظيم الكتاب المهيّمن على جميع الكتب السماوية، وضَمِنَهُ الله من التحريف عبر العصور والأجيال؛ ليجعله حُجّةً للإمام على طالب العلم، وحُجّة طالب العلم على العالِم، فلا يتّبعه حتى يأتيَ بسلطان علمه من القرآن المبين، ولن أذهب لأستنبط الحكم من السُنَّة فأنبذ القُرآن وراء ظهري؛ بل أبحث عن الحكم أولاً في كتاب الله القرآن العظيم بدقةٍ متناهيةٍ عن الخطأ بإذن الله، وإذا لم أجد الحكم في المسألة من كتاب الله فعند ذلك أذهب للبحث عن ضالتي في سنّة محمد رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم.

    ويا معشر علماء الأُمّة والباحثين عن الحقيقة من الناس أجمعين، إنّي أُشهدُ الله وكفى بالله شهيدًا أنّي أتحدّاكم بالبيان الحقّ للقُرآن العظيم، فيجعلني الله المُهيّمن به عليكم بعلمٍ وسلطانٍ مبينٍ واضحٍ وجليٍّ لعالِمكم وجاهلكم، حتى ألجمكم بالحقّ إلجامًا، حتى لا يكون أمامكم غير التصديق إن كنتم به مؤمنين، فلا تستطيعون أن تطعنوا في البيان الحقّ للقُرآن العظيم، فهل تدرون لماذا؟ وذلك لأنّي لن أُفسّر القرآن بالظنّ كمثل كثيرٍ من المفسّرين بالاجتهاد، وأعوذ بالله أن أقول على الله بالاجتهاد قبل أن يعلّمني ربي بالحقّ فأستنبطه لكم من محكم القُرآن العظيم، وأُحرّم الفتوى بالاجتهاد جملةً وتفصيلًا.

    وأفتيكم عن الاجتهاد وهو: أن تبحث عن الحقّ حتى تجدَه بعلمٍ وسلطانٍ منيرٍ مقنعٍ، ومن ثُمّ تُعلّموا الناس ما علّمكم الله على بصيرة.

    ولكنّي أرى أكثركم يُفتي، ومن ثُمّ يقول: "هذا والله أعلم، فإن أخطأت فمن نفسي"! وهذا حرامٌ حرامٌ حرامٌ عليكم، حرّمه الله في محكم القُرآن العظيم أن تقولوا على الله ما لا تعلمون، وأفتاكم الله في مُحكم القُرآن العظيم بأنّ ذلك ليس من أمره تعالى، وأنّه من أمر الشيطان الرجيم أن تقولوا على الله ما لا تعلمون، فمن اتّبع أمر الرحمن؛ فقد اعتصم بحبل الله، واستمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها، وهُدي إلى صراطٍ ــــــــــ مُستقيم، ومن قال على الله ما لا يعلم؛ فقد اتّبع أمر الشيطان، وغوى وهوى، وكأنّما خرّ من السماء فتخطَفه الطير، أو تهوي به الريح إلى مكانٍ سحيقٍ، وذلك لأنّه لم يعتصم بحبل الله القُرآن العظيم العروة الوثقى.

    ويا معشر علماء الأُمّة، إنّي أُفتيكم بالحقّ أن لا تكونوا ساذجين فتصدّقوا أي رجُل يقول أنّه المهديّ المنتظَر، سواء ناصر محمد اليماني أو اللحيدي أو السوداني أو غيرهم من جميع الذين يدّعون المهديّة؛ ما لم يُثبت حقيقة ما يدعو إليه بعلمٍ وهُدًى من الكتاب المنير، حتى يُلجمكم بالحقّ إلجاماً فيهيمن عليكم بما زاده الله من البسطة في علم الكتاب.

    ويا معشر علماء الأُمّة، إنّي أراكم تتخبّطون فلا تعلمون كيف تعرفون مهديّ الأُمّة المنتظَر إلى صراطٍ مستقيم! ولسوف أعلّمكم كيف تعرفون أيَّ المهديّين المُدّعين شخصية الإمام المنتظَر، وأفصّل لكم الحُكم تفصيلًا من القرآن العظيم، وقبل أن ندخل في الشروط التي يتمّ تطبيقها على المهديّ المنتظَر الحقّ؛ أعلّمكم بمكر الشياطين منذ أمدٍ بعيدٍ، وكيف استطاعوا أن يصدّوا الناس عن الإيمان برسل ربهم في كلّ زمانٍ ومكانٍ لا يتّبعهم إلّا قليلٌ! ولذلك سوف أعلّمكم عن الأسباب التي منعت الناس من تصديق رسل ربّهم؛ إنّه بسبب مكر الشياطين إلى أوليائهم من الإنس، وحتى أعلّمكم بالحقّ؛ فهلمّوا ننظر ما هو رد جميع الأُمم على رسل ربهم في كُلّ زمانٍ ومكانٍ، وسوف نجده في القرآن العظيم -الذي فيه خبركُم وخبرُ من قبلكم ونبأُ ما بعدكم- لذلك سوف تجدون ردَّ الأُمم على رسُل ربهم بأنّه كان ردّاً موحّداً، وكأنّهم تواصوا بهذا الردّ الموحّد لجيلٍ بعد جيل، وقال الله تعالى: {مَّا يُقَالُ لَكَ إِلَّا مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِن قَبْلِكَ} صدق الله العظيم [فصّلت:43].

    ومن ثُمّ نبحث في القرآن العظيم ما هو هذا القول الموحّد من الأُمم لرُسل ربهم، وسوف نجده في موضع آخر في نفس الموضوع، وقال الله تعالى: {كَذَٰلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِن قَبْلِهِم مِّن رَّسُولٍ إِلَّا قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ ﴿٥٢﴾ أَتَوَاصَوْا بِهِ ۚ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ ﴿٥٣﴾} صدق الله العظيم [الذاريات].

    ولكنّنا نعلم بأنّ تلك الأُمم لم يتواصوا فيما بينهم بهذا الردّ الموحّد؛ بل الشياطين تواصوا بمكرٍ خبيثٍ ليصدّوا الناس عن الإيمان برسُل ربِّهم، ونظرًا لتواصي الشياطين بطريقةٍ موحّدة لصدّ الأُمم عن اتِّباع الرُسل؛ ولذلك تجدون ردّ الأُمم على رُسل ربّهم كان ردّاً موحّداً وكأنّهم تواصوا بهذا الردّ الموحّد: {قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ ﴿٥٢﴾ أَتَوَاصَوْا بِهِ}. فتعالوا لأفصّل لكم هذا المكر الخبيث لعلّكم ترشدون، فأبيّن لكم هذه الآية وأفصّلها تفصيلًا، ونبدأ أولًّا بالبيان الحقّ لسبب قولهم لرُسُل ربّهم: {قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ ﴿٥٢﴾ أَتَوَاصَوْا بِهِ}، وذلك لأنّ الشياطين يعلمون بأنّه إذا أيّد الله رُسله بمعجزاتٍ للتصديق بأنّهم حقاً رُسُل الله ربِّ العالمين؛ فإنّ الناس سوف يُصدقونهم فيتّبعونهم فيعبدون الله وحده لا شريك له، فيُحبط الشياطين ويبوءون بالفشل لصدّ الناس عن الصِّراط المستقيم، ولذلك اخترعوا مكراً خبيثاً حتى تُكذّب الأُمم بمعجزات ربّهم الحقّ التي يُؤيّد بها رُسله مهما كانت، فجعلوا لها ضدًّا باطلًا ما أنزل الله به من سلطانٍ، ألا وهو (سحر التّخييل) للأشياء على غير واقعها الحقيقي، برغم أنّ هذا المكر ليس له أي حقيقة على الواقع الحقيقي؛ بل مجرد سحر الأعين للتخييل لشيءٍ بأنّه تحوَّل إلى شيءٍ آخر غير ما كان عليه، برغم أنّه لم يتحوّل شيءٌ من واقعه! وتمّ تحويله ليس إلّا في حاسة البصر، فُيخيّل إلى الأعين باطلٌ حقيقته، صفرٌ في الواقع الحقيقي! ولكنّها تكشف سحرهم حاسّة الملمس باليد لهذا الشيء لو كنتم تعلمون! ونضرب لكم على ذلك مثلًا في قصة موسى وفرعون والسحرة، فسوف تجدون قول الأُمم الأُوَل لرُسل ربِّهم هو نفس قول فرعون الأَول لموسى عندما أخبره أنّه رسولٌ من ربِّ العالمين، قال: {قَالَ فِرْعَوْنُ وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ ﴿٢٣﴾ قَالَ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا ۖ إِن كُنتُم مُّوقِنِينَ ﴿٢٤﴾ قَالَ لِمَنْ حَوْلَهُ أَلَا تَسْتَمِعُونَ ﴿٢٥﴾ قَالَ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ ﴿٢٦﴾ قَالَ إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ ﴿٢٧﴾} صدق الله العظيم [الشعراء].

    فلماذا حكم فرعون بادئ القصة بأنّ موسى مجنون؟ وذلك بسبب مكر الشياطين يوسوِسون لبعض الأشخاص المصابين بالمسوس؛ فيوسوس له الشيطان في صدره أنّه نبيٌ ورسولٌ من ربّ العالمين، حتى يلفت انتباه الناس من حوله لفترةٍ قصيرةٍ، ومن ثُمّ يتخبّطه الشيطان من المسّ؛ فيبدأ هذا الشخص المُدّعي النّبوة بالتخبط، فتارةً يقول أنّه نبيّ ورسول، وتارةً يقول أنّه ابن الله أو أنّه الله! وذلك حتى يحكم الناس عليه بالجنون، ويتبيّن لهم بأنّه أصابه مسُّ شيطانٍ رجيمٍ. وهذا مكرٌ خبيثٌ تفعله الشياطين، حتى إذا جاء إليهم نبيٌّ ورسولٌ من ربِّ العالمين؛ فيقولون له بادئ الرأي: أنّه اعتراه أحد آلهتهم بسوء، وهو مسّ شيطانٍ رجيمٍ، نظراً لأنّه جعل الآلهة إلهاً واحداً لذلك اعتراه أحد آلهتهم بسوء فأصابه بالجنون، وهذا بسبب مكر الشياطين عن طريق بعض الناس الذين يتخبّطونهم فيوسوسون لهم بغير الحقّ، ومن ثُمّ يجعلونهم يتخبّطون في كلامهم وتصرفاتهم؛ حتى يحكم عليه الناس بالجنون، وبسبب هذا المكر الخبيث تقول الأُمم بادئ الرأي: أنّ رسولهم الذي أُرسل إليهم لمجنون، وأنّه اعتراهُ أحد آلهتهم بسوءٍ بسبب كُفره بالآلهة، ويدعو الناس إلى إلهٍ واحدٍ.

    وكذلك كان ردُّ فرعون على رسول الله موسى عليه الصلاة والسلام، برغم أنّه يدعو إلى عبادة الله وحده لا شريك له، وكذلك دعوة جميع الأنبياء والمرسلين إلى كلمة التوحيد: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ولكنّ الأُمم تحكم بادئ الرأي على رُسُل ربهم بالجنون؛ بسبب مكر الشياطين إلى بعض أصحاب الأمراض النفسية، وذلك المكر كان هو السبب في الحُكم على رُسل الله بادئ الأمر بالجنون، وكذلك تجدون ردَّ فرعون على موسى على دعوته إلى كلمة التوحيد وقال لموسى: {قَالَ فِرْعَوْنُ وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ ﴿٢٣﴾ قَالَ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا ۖ إِن كُنتُم مُّوقِنِينَ ﴿٢٤﴾ قَالَ لِمَنْ حَوْلَهُ أَلَا تَسْتَمِعُونَ ﴿٢٥﴾ قَالَ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ ﴿٢٦﴾ قَالَ إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ ﴿٢٧﴾} صدق الله العظيم [الشعراء].

    ولكنّ الشياطين قد عملوا حسابهم؛ بأنّ الله قد يؤيّد رُسُله بآيات المعجزات، ومن ثُمّ يتبيّن لهم أنّه ليس بمجنونٍ وأنّه حقاً رسولٌ من ربّ العالمين ولذلك أيّده الله بآيات التصديق، فمن ثُمّ عمدت الشياطين إلى تعليم بعضٍ من الناس السّحر، أي: سِحر التخييل في حاسة البصر، وهذا النوع من السّحرة لا يُنكرون أنّهم ساحرون؛ بل يقولون للناس أنّهم سحرة، فيسترهبونهم ويأتون بسحرٍ عظيمٍ في الإثم ما أنزل الله به من سُلطان! وذلك المكر يكون صدًا من الشياطين عن الصِّراط المستقيم؛ حتى إذا جاء الرسول بسلطانٍ مُبينٍ فيقول لهم الناس: "إذاً قد تبيّن لنا بأنّك لست مجنوناً؛ بل ساحرٌ عليم".

    فلنُتابع قصّة موسى وفرعون والسّحرة، وقال موسى -عليه الصلاة والسلام- لفرعون حين حكم عليه بادئ الأمر بالجنون وتهدَّده وتوعَّده، وقال موسى: {قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكَ بِشَيْءٍ مُّبِينٍ ﴿٣٠﴾ قَالَ فَأْتِ بِهِ إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ ﴿٣١﴾ فَأَلْقَىٰ عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُّبِينٌ ﴿٣٢﴾ وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَاءُ لِلنَّاظِرِينَ ﴿٣٣﴾ قَالَ لِلْمَلَإِ حَوْلَهُ إِنَّ هَـٰذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ ﴿٣٤﴾} صدق الله العظيم [الشعراء].

    فانظروا إلى نجاح المكر الشيطانيّ في صدّ الأُمم عن اتّباع الصِراط المستقيم، فهنا نجد فرعون حكم على موسى بادئ الأمر بالجنون، حتى إذا جاءه موسى بسلطانٍ مُبينٍ؛ فعندها تغيّرت نظرية فرعون تجاه موسى بأنّه ليس مجنوناً، فانظروا إلى قول فرعون: {قَالَ لِلْمَلَإِ حَوْلَهُ إِنَّ هَـٰذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ ﴿٣٤﴾} صدق الله العظيم؛ ويقصد فرعون بأنّ موسى ليس إلّا ساحرٌ وسوف يأتيه بسحرٍ مثله، وهو مكر الشياطين الخبيث؛ حتى لا تُصدّق الأُمم بمعجزات التصديق من الله لرسله الحقّ.

    فلنتابع القصة بتدبرٍ وتمعنٍ: {قَالَ لِلْمَلَإِ حَوْلَهُ إِنَّ هَـٰذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ ﴿٣٤﴾ يُرِيدُ أَن يُخْرِجَكُم مِّنْ أَرْضِكُم بِسِحْرِهِ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ ﴿٣٥﴾ قَالُوا أَرْجِهْ وَأَخَاهُ وَابْعَثْ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ ﴿٣٦﴾ يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَحَّارٍ عَلِيمٍ ﴿٣٧﴾} صدق الله العظيم [الشعراء].

    إذًا يا قوم، لولا اختراع سحر التخييل التي تُعلِّمُه الشياطين لبعض الناس؛ إذًا لصدّقت الأُممُ رُسُلَ ربِّهم، ولما كذّبوا بآيات التصديق الحقّ، ولهداهم الله الصِّراط المستقيم، ولكنّ الشيطان أصدقهم ظنّه، وقعد لهم بالصِّراط المُستقيم، فصدّهم عن السبيل باختراع سحر التّخييل والذي ليس له أي حقيقة في الواقع الحقيقي! ولربما يودّ أحدكم أن يقاطعني فيقول: "كيف تقول ليس له أي حقيقة، وقد رأت الناس عصيَّ وحبالَ السّحرة بأنّها ثعابين تسعى، برغم أنّها كانت من قبل أن يلقوها ليست إلّا عصيًّا وحبالًا!". ومن ثُمّ نردُّ عليه ونقول: بأنّ جميع العصيّ والحبال التي ألقى بها السّحرة؛ لم تتغيّر من واقعها شيئًا ولم تتحوّل إلى شيءٍ آخر على الإطلاق.

    ولربّما يقاطعني أحدكم فيقول: "وما يدري الناس المجتمعون في يوم الزينة أيُّهم الحقّ؛ هل عصا موسى أم عصيّ وحبال السحرة؟ فجميعها تسعى ثعابين في نظرهم! وكيف للناس أن يعلموا الحقّ من الباطل لكي يفشل مكر الشياطين؟"، ومن ثُمّ نردُّ عليهم ونقول قد أفتاكم الله في القُرآن العظيم لو كنتم تتدبّرون؛ بأنّ سحر التخييل ليس له أي حقيقة على الواقع الحقيقي؛ بمعنى أنّ الحبال والعصيّ لم تتغير شيئًا عن واقعها، وقال الله تعالى: {فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ} صدق الله العظيم [الأعراف:116].

    ولربما الجاهلون يقولون بأنّ الله وصف السحر بالعظمة، فيقولون على ربِّهم زورًا وبهتانًا عظيمًا، وإنّما يقصد الله بقوله: {وَجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ} صدق الله العظيم؛ أي عظيمٌ في الإثم؛ لأنّه تصديةٌ للتصديق بآيات الله ومعجزاته، تصديقًا لرسله الحقّ، فلا يهتدي الناس إلى الصِراط المستقيم، ولكنّ حبال وعصيّ السحرة لم تتغيّر شيئًا في واقعها، فأين العظمة والحبال والعصيّ لم تتحوّل شيئًا؟ وليس إلّا أنّهم سحروا أعين الناس؛ فخُيّل إليهم من سحرهم أنّها تسعى، ومَثلُ سحرهم كمثل سرابٍ بِقِيعةٍ يحسبه الظمآن ماءً، حتى إذا جاءه لم يجده شيئًا كما كان يراه بعينه من قبل أن يأتيه، ولو ذهب فرعون أو هامان أو أحد الحاضرين من الناس يوم الزينة فتقدم إلى عصيّ السحرة وحبالهم ويقول: "كلّ واحدٍ منكم يمسك ثعبانه من عنقه"، ومن ثُمّ يتقدم فيلمس ثعابين السحرة بيده، وأقسم بالله العلي العظيم بأنّه سوف يجد جميع حبال وعصيّ السحرة بحاسة ملمس اليد بأنّها لم تتغيّر شيئًا، بل باقيةً عصيًّا وحبالًا كواقعها الحقيقي من قبل أن يلقوها، وإنما يُخيّل للناس الحاضرين من سحرهم أنّها تسعى، وليس لما يرونه أي حقيقة على الواقع الحقيقي! ويكشف ذلك بحاسّة الملمس بأنّها عصيٌّ وحبالٌ ولم تتغيّر شيئًا في واقعها الحقيقي، ومن ثُمّ يذهب إلى ثعبان موسى ويقول: "يا موسى أمسك ثعبانك بعنقه"، ومن ثُمّ يفرك ذيل ثعبان موسى بيده؛ وعندها سوف يجد بأنّ عصاة موسى حقاً قد تحولت إلى ثعبان مبينٍ في حاسة البصر، ويصدقه حاسة الملمس باليد، ويفركه فإذا هو يهزّ يده فيتبيّن له أنّه حقّاً لثعبانٌ مُبينٌ؛ فحقًّا على الواقع الحقيقي تحولت من عصا إلى ثعبان من غير أبٍ ولا أمّ؛ بل بكن فيكون من عصا إلى ثعبانٍ مُبينٍ، مُعجزة التصديق من الله ربّ العالمين!

    ولكن للأسف، فإنّ كُفّار قريش؛ حتى لو أنزل الله كتابًا يرونه من السماء نازلًا إلى بين يدي محمدٍ رسول الله - صلّى الله عليه وآله وسلّم - ومن ثُمّ يذهبون إليه فيلمسون كتاب الله بأيديهم؛ لقالوا: "إنّ هذا لسحرٌ مُبين"! نظراً لعدم خلفيّتهم عن سحر التّخييل، بأنّه ليس إلّا في الخيال البصري، ولا ينبغي له أن يكون حقيقة ما تراه العين حقًّا على الواقع الحقيقي وهو سحر، وقال الله تعالى: {وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كِتَابًا فِي قِرْطَاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ لَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَـٰذَا إِلَّا سِحْرٌ مُّبِينٌ ﴿٧﴾} صدق الله العظيم [الأنعام].

    وننتقل الآن إلى مكر الشياطين ضدّ المهديّ المنتظَر الحقّ، وقد مكروا كثيرًا؛ فيوسوِسون لبعضٍ من أصحاب المسوس أن يقول: إنّه المهديّ المنتظَر، فيشعر في نفسه أنّه المهديّ المنتظَر، وأقسم بالله العلي العظيم لو يذهب أتباعه بهذا المُدّعي إلى شيخٍ يعالج بالقرآن؛ فيقرأ عليه قدر ساعةٍ أو ساعتين بالكثير؛ ليتبيّن لهم أنّ فيه مسّ شيطانٍ رجيمٍ يوسوِس له بغير الحقّ! وأما إذا كان الممسوس لا يُريد إذا كان فيه مسّ أن يتبَيّن لأتباعه؛ فلن ينطق المسّ بلسانه، ولكنّهم سوف يعرفون ذلك في وجهه يكاد أن يسطو بالذي يتلو عليه القرآن! وذلك لأنّ المسّ يحترق بالآيات البيّنات التي تُبيّن للناس كلمة التوحيد الحقّ؛ فيحترق منها مسوس الشياطين في الناس، فأمّا الإنسان الممسوس: فأنّه لا يحترق؛ بل يتضايق من الذِّكر الحكيم وكأنّه يصّعّد في السماء؛ صدره ضيِّقاً حرجاً لا يكاد أن يتنفس! وأمّا الشياطين التي في الأجساد فتُحرق بالقُرآن العظيم وكأنّه نار، وقال الله تعالى: {وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ تَعْرِفُ فِي وُجُوهِ الَّذِينَ كَفَرُوا الْمُنكَرَ ۖ يَكَادُونَ يَسْطُونَ بِالَّذِينَ يَتْلُونَ عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا ۗ قُلْ أَفَأُنَبِّئُكُم بِشَرٍّ مِّن ذَٰلِكُمُ ۗ النَّارُ وَعَدَهَا اللَّـهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ۖ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ ﴿٧٢﴾} صدق الله العظيم [الحج].

    وإيّاكم أن تظلموا الممسوسين الذين تؤذيهم الشياطين، بلاءً من ربّ العالمين، فلا أقصدهم شيئًا، وإن كانت الأعراض واحدة. بل أقصد الذين يدّعون المهديّة بغير الحقّ، ويريدون أن يضلّوا الناس عن الصِّراط المستقيم، ولا أقصد الإنسان الممسوس؛ بل الشيطان الذي فيه يريد أن يُضلّه ويُضلّ المسلمين عن الحقّ، ومنهم من يُصيبونه بالجنون من بعدِ أن يدّعي المهديّة، ومن ثُمّ النبوّة، ولربما الربوبيّة، وبعضٌ منهم قد يستمر في دعوته فيقول إنّه المهدي المنتظر.

    ولكن كيف لكم يا معشر المسلمين أن تعرفوا أيًّا من هؤلاء المهديين الحقّ المنتظَر خليفة الله على البشر من أهل البيت المُطهّر؟ فتوجد هناك شروط، إذا لم يتصف بها هذا الذي يدّعي المهديّة؛ فهو ليس المهديّ المنتظَر الحقّ، ونذكر أهم هذه الشروط: وهو أن يزيده الله بسطةً في علم الكتاب على جميع علماء الأُمّة، فيؤتيه الله عِلم القرآن كُلّه، حتى يُبيّن للناس أسرارًا خفيت في هذا القرآن العظيم، وحقائق لطالما قضَّت مضاجع كثيرٍ من الباحثين عن الحقيقة، كمثل: إرم ذات العماد التي لم يُخلق مثلها في البلاد، وثمود الذين جابوا الصخر بالواد، وكذلك أصحاب الكهف والرقيم من آيات الله عجبًا، وكذلك حقيقة يأجوج ومأجوج وأين هم، وكذلك حقيقة سدّ ذي القرنين، وكذلك حقيقة المسيح الدجال، وكذلك حقيقة الأراضين السبع، فإذا استطاع هذا الذي يدّعي المهديّة أن يُبيّن للناس من القرآن جميع هذه الأسرار والتي لا تزال مجهولة الحقائق لدى جميع علماء الأُمّة؛ شرط أنّ الباحثين عن الحقيقة من بعد البيان لهم يهتمون بالأمر؛ فيبحثوا عن تصديق البيان من القرآن بالتطبيق للتصديق بالعلم والمنطق على الواقع الحقيقي بكل حيلةٍ ووسيلة؛ فإذا وجدوا بيان الأسرار هو الحقّ من ربِّهم بِلا شك أو ريب؛ فقد تبيّن لهم الحقّ الذي يدعو إلى الحقّ ويهدي إلى صِراطٍ ــــــــــ مستقيم إن كانوا يريدون الحقّ، ومن أعرض عن الحقّ؛ يُقيّض الله له شيطانًا فهو له قرين، وإنّهم ليصدّونهم عن السبيل ويحسبون أنّهم مهتدون، ولم يجعلهم الله مهديّين، فكيف يصطفيهم الله ثُمّ لا يؤيّدهم بالعلم والسلطان المُبين؟ بل يجادلون بالوهم والظنّ الذي لا يغني من الحقّ شيئًا، وكذلك سوف يرى أولو الألباب بأنّ تأويلهم للقرآن معدوم السلطان، بل يُأَوِّلون القُرآن حسب هواهم وحسب ما يشتهون، وزيّن لهم الشيطان عملهم فصدّهم عن السبيل، وذلك لأنّهم اتَّبعوه وأطاعوا أمره بقولهم على الله ما لا يعلمون، وقد حرّم الله عليهم ذلك أن يقولوا على الله ما لا يعلمون، وأنّ ذلك من أمر الشيطان وليس من أمر الرحمن، وقال الله تعالى: {وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ ۚ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ ﴿١٦٨﴾ إِنَّمَا يَأْمُرُكُم بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ وَأَن تَقُولُوا عَلَى اللَّـهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴿١٦٩﴾} صدق الله العظيم [البقرة].

    وعلّمكم الله في القرآن العظيم بأنّ ذلك من أمر الشيطان، وأنّه حرّم ذلك الرحمن أن يقولَ عليه الإنسان بالظنّ ما لم يعلم، وقال الله تعالى: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُوا بِاللَّـهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَن تَقُولُوا عَلَى اللَّـهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴿٣٣﴾} صدق العظيم [الأعراف].

    ويا معشر الباحثين عن الحقيقة، ألم يكفِكم من آيات التصديق ما قد بيّنّاه لكم، أم إنّكم لم تجدوها حقًّا على الواقع الحقيقي؟ إذًا أنا لست المهديّ المنتظَر؛ إذا لم تجدوا آيات التصديق حقًّا بالتطبيق على الواقع الحقيقي، وأقسم بالله العليّ العظيم لقد بيّنت لكم من آيات الله الكُبرى على الواقع الحقيقي بالعلم والمنطق، فبيّنت لكم كيف كان الكون قبل أن يكون، وأنتم تعلمون أنّه كان رتقًا كوكبًا واحدًا، ومن ثُمّ زدناكم علمًا وبيّنت لكم أيّ الكواكب كان رتقًا واحدًا؛ وأنّه كان رتقًا واحدًا في كوكبكم الذي تعيشون فيه والذي رمزه: (الماء) في القرآن العظيم، ومن ثُمّ بيّنت لكم أنّ كوكبكم ليس من عدد الرقم سبعة للأراضين السبع، وذلك لأنّه هو الكوكب الأُم الذي انفتق منه هذا الكون العظيم، ومن ثُمّ بيّنتُ لكم بأنّ الأراضين السبع توجد طباقًا من تحت أرضكم في الفضاء؛ سبعًا طباقًا، وتمّ التطبيق للتصديق فلم يُحدث لكم ذكرًا.

    ومن ثم بيّنت لكم: {وَالْأَرْضَ وَضَعَهَا لِلْأَنَامِ ﴿١٠﴾ فِيهَا فَاكِهَةٌ وَالنَّخْلُ ذَاتُ الْأَكْمَامِ ﴿١١﴾ وَالْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ وَالرَّيْحَانُ ﴿١٢﴾ فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ﴿١٣﴾} صدق الله العظيم [الرحمن]، وأنّها لتوجد تحت أقدامكم، يسكنها الشيطان المسيح الدجال، هو وقبيله منكم، فيرونكم من حيث لا ترونهم، وهم لكم يمكرون، وللمهديّ المنتظَر ينتظرون لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ؛ بل يُعدُّ جيشًا كبيرًا من نسل أُناسٍ منكم؛ ليواجه به عدوّه اللدود المهديّ المنتظَر، وإنَّا فوقهم قاهرون، وجند الله لهم المنصورون ولهم الغالبون، وكان حقًّا على الله أن ينصر الناصر لمحمدٍ رسول الله - صلّى الله عليه وآله وسلّم - الإمام ناصر محمد اليماني، والذي جعل الله في اسمه خبره وعنوان أمره (ناصر محمد)، وذلك لأنّه لم يجعله الله نبيًّا ولا رسولًا؛ بل إمامٌ عدلٌ وذو قولٍ فصلٍ وما هو بالهزل، فلا يجادلني عالِمٌ من القرآن إلّا غلبته بالحقّ؛ بل لا أتحدَّى بالبيان اللفظي فحسب؛ بل تحدٍّ بآيات التصديق للتطبيق على الواقع؛ هل حقًّا البيان لأسرار القرآن الذي بيّنها ناصر اليماني تجدونها حقًّا على الواقع؟

    ويا قوم! كم بيّنت لكم من آيات الله على الواقع الحقيقي، فعمد الأذكياء منكم إلى الأخطاء اللغوية فجعلوها حُجّةً عليّ؛ بل هي حُجّتي عليهم؛ إذ كيف أُبيّن القُرآن البيان الحقّ؛ فيجدونه الحقّ على الواقع الحقيقي وهم لم يعلموه من قبل، رغم تفوّقهم علينا بالغُنّة والقلقلة وليست لديهم أخطاءٌ لغويةٌ؛ ولكنّهم لم يستطيعوا معرفة ما عَلِمَه صاحب الأخطاء اللغوية! فيقول أولو الألباب منكم: "إنّه حقاً يتلقّى القُرآن بالتفهيم من ربّ العالمين برغم أنّه ليس بارعاً في النحو والإملاء ولكنّه استطاع أن يأتي بالبيان الحقّ للقرآن من نفس القرآن بإلهامٍ من لدن حكيمٍ عليمٍ". فيعلمون أنّ تلك مُعجزةٌ لي وحُجّةٌ لي وليست حُجّةً عليّ كما يظن الذين جعل الله فتنتهم الأخطاء اللغوية فاشمأزَّت قلوبهم فعموا عن البصيرة للبيان وجعلوا جُلّ تركيزهم على الأخطاء اللغوية! ومنهم من يشمئز قلبه فلا يُكمل قِراءة البيان إلى آخره وكان سبب فتنته هو الأخطاء اللغوية. ومن ثُمّ نقول لهم: يا قوم اتّقوا الله وانظروا هل لديّ خطأ في البيان للقرآن؟ فتلك هي الحُجّة علينا لو كنتم تعقلون.

    أما ما دام ناصر اليماني أتاكم بالبيان الحقّ للقرآن فلن تُعيبه الأخطاء اللغوية بل هي معجزةٌ له إذ كيف يأتي بالبيان المنطقي خيراً منكم وأحسن تفسيراً برغم تفوقكم عليه في النحو والإملاء؟ إذاً يا قوم إنّي لم أعلم بالبيان نظراً لبراعتي في اللغة العربية بل بالتفهيم من لدن حكيمٍ عليم، أفلا تعقلون؟

    ولسوف نزيدكم بالبيان الحقّ من القرآن عن موقع إِرَم ذات العماد التي لم يُخلق مثلها في البلاد وثمود الذين جابوا الصخر بالواد، وأنّ موقعهم في منطقة الربع الخالي بالجزيرة العربية وليس كما تظنّون بأنّ مواقع ثمود هي الجبال المنحوتة؛ بل أجد قصورهم في وسط الربع الخالي في موقع الرجفة لكويكب العذاب، وأما قُرى قوم عادٍ فسوف تجدونها كالرّميم في ظاهرها؛ بمعنى أنّها تُغطيها الكُثبان الرملية من جرَّاء الريح العقيم والتي لم تبلغ درجة سرعتها ريحٌ على وجه الأرض منذ أن سكنها الإنسان.

    ويا معشر الباحثين عن الحقيقة إنّي لن أُكلّمكم من غير كتاب الله ربِّ العالمين وأُفصّل لكم تفصيلاً، فهل أنتم به مؤمنون؟ ونبدأ بقوم (عاد)، وقال تعالى في القُرآن العظيم بأنّ قُراهم ممتدةٌ بين قُرى سبأ وقُرى مكة المكرمة. وقال الله تعالى: {وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا قُرًى ظَاهِرَةً وَقَدَّرْنَا فِيهَا السَّيْرَ ۖ سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّامًا آمِنِينَ ﴿١٨﴾} صدق الله العظيم [سبأ].

    فأما قرى سبأ فهي في مأرب كما تعلمون بأنّ الله أرسل عليهم سيل العَرِم لوادي (ذنه) وكبس منازلهم باطن الأرض ما كان قوياً منها وبعضها أخذها في طريقه، وأما قرى عادٍ فهي في المنطقة الوسط بين قرى مكة المكرمة وقرى سبأ مأرب، بمعنى أنّهم في منطقة الربع الخالي.

    ولربما يودُّ أحدكم أن يقاطعني فيقول: "وكيف يعيشون في الصحراء بلا ماء؟". ومن ثُمّ نردُّ عليه: إنّي أجد في القرآن بأنّه يوجد في أجزاءٍ من الربع الخالي حياةٌ طيّبةٌ وجناتٌ وعيونٌ وبئرٌ معطّلةٌ فلا تُستخدم وقصرٌ مَشيدٌ فلا يسكن فيه أحد. تصديقاً لقول الله تعالى: {فَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ فَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَىٰ عُرُوشِهَا وَبِئْرٍ مُّعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَّشِيدٍ ﴿٤٥﴾} صدق الله العظيم [الحج].

    فأمّا الخاويات على عروشها فهي قُرى قوم ثمود، وأمّا البئر المعطّلة والقصر المشيد فهي قُرى إرمَ ذات العماد التي لم يُخلق مثلها في البلاد، وقال الله تعالى: {ذَٰلِكَ مِنْ أَنبَاءِ الْقُرَىٰ نَقُصُّهُ عَلَيْكَ ۖ مِنْهَا قَائِمٌ وَحَصِيدٌ ﴿١٠٠﴾} صدق الله العظيم [هود].

    فأما القائم والذي لا يزال قائماً فهي قرى إرم العُظمى قائمةٌ تحت الكثبان الرملية لو كنتم تعلمون، وأما الحصيد فهي قرى ثمود وهي في نفس الربع الخالي في موقع الرجفة لكويكب العذاب والذي ضرب منطقة الربع الخالي قبل ما يقارب سبعة وعشرون ألف سنة، وهم قبيل أصحاب الرّس قرية الرّسُل الثلاثة أصحاب الكهف والذين يسمّونها حِمّة ذياب ابن غانم، واسمها الحالي حِمّة كلاب. ولا أُريد الخروج عن الموضوع فقد بيّنا قرية أصحاب الرّس والكهف والرقيم ولكنّ أكثركم يجهلون، والذين عثروا على الخبر لا يبحثون عن الحقّ هل يجدونه حقاً على الواقع أم أنّ ناصر اليماني يقول على الله ما لا يعلم؟ والكذب حباله قصيرة، يا قوم أليس فيكم رجل رشيد؟

    ونعود لقرى عادٍ وثمود، فأمّا عادٌ فأهلكهم الله كما تعلمون بالريح العقيم، ومعنى قول الله العقيم بمعنى أنّها لم تكن كمثلها ريح في سرعتها في تاريخ البشرية أجمعين ولذلك تُسمى الريح العقيم، أي الوحيدة في رقم السرعة الرهيبة وأي شيء يواجهها فإذا لم تحمله فتجعله كالرميم، ومعنى قوله كالرّميم بمعنى أنّه قد يمرّ أحدكم جنب ذلك الشيء فيحسبه رميم وهو أحد قصور إرمَ ذات العماد التي لم يخلق مثلها في البلاد، وتوجد تحت الكثبان الرملية في منطقة الماء بالربع الخالي وكانت مروجاً وأنهاراً لو كنتم تعلمون، وسوف تعود قريباً جداً مروجاً وأنهاراً إن يشأ الله، فتحِلّ الرجفة قريباً من دياركم في الربع الخالي حتى يأتي الله بأمره فتطيعون أمر المهديّ المُنتظَر. وقد أصابت الرّجفة الربع الخالي قبل ما يقارب سبعة وعشرين ألف سنة؛ أهلك الله بالرجفة قوم ثمودٍ فضربهم كويكب وهو ما تسمونه بالنيزك ولكنّه ضخمٌ طاغيةٌ، ويسمى طاغية لأنّه أتى من خارج الأرض فاخترق غلافها الجوي فوقع على قوم ثمود في منطقتهم بالربع الخالي المأهول بالحياة والماء، وقال الله تعالى: {فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ ﴿٣٧﴾} صدق الله العظيم [العنكبوت]. ولكنّي أرى موقع الرجفة في منطقة في الربع الخالي بعيدة جداً من الجبال وذلك لأنّ الله قال عنهم: {وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ ﴿٩﴾} صدق الله العظيم [الفجر]؛ بمعنى أنّهم بعيدون عن الجبال والصخور ولكنّهم نحتوا الجبال وقطعوا منها صخوراً كُبرى ومن ثُمّ يحضرونها إلى واحتهم بالواد بالربع الخالي، وسوف تجدون حطامها في موقع الرجفة أو على مقربةٍ من موقع الرجفة ليخسف الله بديارهم الأرض.

    ولربما يودُّ أحدكم أن يقاطعني فيقول: "مهلاً مهلاً، لقد كانت مساكن عاد وثمود يعرفها كُفّار قريش، لذلك قال الله تعالى: {وَعَادًا وَثَمُودَ وَقَد تَّبَيَّنَ لَكُم مِّن مَّسَاكِنِهِمْ} صدق الله العظيم [العنكبوت:38]". ومن ثُمّ نردُّ عليه فنقول: إنه لا ينبغي أن يكون هنالك تناقضٌ في القُرآن! فقد أخبر القُرآن بأنّ محمداً رسول الله وقومه لا يرون لهم من باقية ولا أثر ولا آثار، لذلك قال الله تعالى: {فَهَلْ تَرَىٰ لَهُم مِّن بَاقِيَةٍ ﴿٨﴾} صدق الله العظيم [الحاقة].

    {وَعَادًا وَثَمُودَ وَقَد تَّبَيَّنَ لَكُم مِّن مَّسَاكِنِهِمْ} صدق الله العظيم، وأقسم بالله العظيم أنّه يقصد بوش الأصغر وأوليائه وقد أحاطه الله عن طريق الأقمار بمساكن عادٍ وثمود وتبيّن لهم كيف فعل الله بهم لذلك ينطق القرآن بالتهديد والوعيد المُوجّه للمفسدين في الأرض اليوم من بعد القسم للتصديق بالعذاب بحدوث أشراط الساعة الكبرى كما سبق وأن بيّنّا لكم من قبل. وقال الله تعالى: {وَالْفَجْرِ ﴿١﴾ وَلَيَالٍ عَشْرٍ ﴿٢﴾ وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ ﴿٣﴾ وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ ﴿٤﴾ هَلْ فِي ذَٰلِكَ قَسَمٌ لِّذِي حِجْرٍ ﴿٥﴾ أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ ﴿٦﴾ إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ ﴿٧﴾ الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ ﴿٨﴾ وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ ﴿٩﴾ وَفِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتَادِ ﴿١٠﴾ الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلَادِ ﴿١١﴾ فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ ﴿١٢﴾ فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ ﴿١٣﴾ إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ ﴿١٤﴾} صدق الله العظيم [الفجر].

    وأما وصف أجسام قوم عادٍ وثمود فضخامتها تشبه أجسام أصحاب الكهف، وذلك لأنّ أصحاب الكهف على مقربةٍ منهم في الزمن فهم من بعد عادٍ وثمود فكذلك أجساد عادٍ وثمود ضخمة فقد وصفها لكم القرآن في ضخامتها بأنّهم عمالقة فيكون أطولكم إلى جانب أحدهم كمثل طفل يمشي إلى جانب أطول رجل فيكم، وتستنبطون ذلك من خلال قول الله تعالى: {كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ مُّنقَعِرٍ} صدق الله العظيم [القمر:20].

    فهل تعلمون ما هو أعجاز النخل؟ وهو ساق النخلة الطويل إذا انقعر من الأرض فخوى على الأرض ساقطاً. وبيّن لكم التشبيه الحقّ كذلك في قول الله تعالى: {فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَىٰ كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ} صدق الله العظيم [الحاقة:7].

    وإنّما يا قوم يشرح لكم القرآن العظيم ضخامة هؤلاء القوم في قوله تعالى: {فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَىٰ كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ} صدق الله العظيم. وكذلك قوله تعالى: {كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ مُّنقَعِرٍ} صدق الله العظيم، وذلك لأنّ طولهم يشبه طول أعجاز النخل، والقرآن دقيق في وصفه فلا بد أنّ طولهم كطول جذوع النخل، فليستقِم أحدكم إلى جانب جذع نخلةٍ وسوف يجد الفرق بيننا وبينهم كالفرق بيننا وبين طول جذوع النخل العملاق فهل أنتم مصدِّقون، وتبحثون عن الحقائق على الواقع الحقيقي بكل حيلةٍ ووسيلة كل منكم على قدر جهده وحيلته؟ وإن أردتم الأحياء النائمين فاذهبوا الأقمر بمحافظة ذمار شرقي حورور فتجدون أصحاب الكهف في قرية الأقمر لتعلموا حقيقة قول الله تعالى: {لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَارًا وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْبًا} صدق الله العظيم [الكهف:18]. فتعلمون إنّما الفرار من التفاجؤ لأجساد بشرٍ عمالقة لم يُرَ مثلهم قط ويرى أحدكم نفسه حقيراً صغيراً إليهم. وأقسم بالله العليّ العظيم لا أنطق لكم بغير الحقّ، فهل تؤمنون بالقُرآن العظيم؟ فلا نزال ندّخر آياتٍ كثيرة للمُمترين فنلجمهم بالحقّ إلجاماً.

    وأرجو من الله أن يُجازي ابن عمر عنّي بخير الجزاء بأفضل ما جزى به عباده الصالحون وذلك أنّه حقاً رجُلٌ يسعى للتطبيق للتصديق على الواقع الحقيقي ليقول للناس يا قوم اتّبعوا المهدي المنتظَر الذي يُخاطبكم بالبيان الحق للقُرآن تجدونه حقّاً على الواقع الحقيقي، وهو على ذلك من الشاهدين، فلا أُثني عليه إلّا وأنا أعلم أنّه يستحق الثناء وأعلم أنّه لا يريد مني جزاءً ولا شكوراً بل يُريد حُبّ الله وقُربه ورضوان نفسه وأنا على ذلك من الشاهدين رضي الله عنه وأرضاه وشفاه وعافاه إنّ ربّي سميع الدعاء فلا ييأس من رحمة الله إلّا القانطون، وسلامٌ على المرسلين، والحمدُ لله ربِّ العالمين.

    ويا قوم ما خطبكم تنبذون كتاب الله وراء ظهوركم وتعمدون إلى الروايات؟ فمنها ما هو صحيحٌ وأكثرها ما أنزل الله به من سلطان؛ بل وتستمسكون بها وكأنَّ الله وعدكم بحفظها من التحريف كما وعدكم بحفظ القُرآن العظيم! فلماذا تذرون كتاب الله المحفوظ من التحريف وتتمسّكون برواياتٍ تحتمل الصح والخطأ؟ فما كان منها موافقاً للبيان الحقّ للقرآن فهو حقّ، وما خالف القرآن من السّنّة فهو باطلٌ ولم ينطق به محمد رسول الله - صلّى الله عليه وآله وسلّم - الناطق بالبيان الحقّ للقُرآن العظيم، فكيف أُجادلكم بالقرآن ومن ثُمّ يأتي أحدكم يهذهذ لي بروايات وأحاديث؟ برغم إنّكم تعلمون أنّ منها الموضوع ومنها المدرج فيه زيادة عن الحقّ ومنها ما هو حقّ نطق به الذي لا ينطق عن الهوى، وأنا لا أنكر سُنَّة مُحمد رسول الله الحقّ ولكنّي لا أبدأ بالثانية ومن ثُمّ أعود للأولى، فكيف تبدأون بالسُنَّة من قبل الكتاب؟ بل عليكم أولاً البحث في كتاب الله عن ضالّتكم فإذا لم تجدوها فاذهبوا للسنة من بعد القرآن، وكذلك لا أريد أن أجادلكم بالروايات والأحاديث وذلك لأنّّي لم أجد في القرآن العظيم بأنّ الله وعدكم بحفظ أحاديث النبيّ عليه الصلاة والسلام. وقال الله تعالى: {وَيَقُولُونَ طَاعَةٌ فَإِذَا بَرَزُوا مِنْ عِندِكَ بَيَّتَ طَائِفَةٌ مِّنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ ۖ وَاللَّـهُ يَكْتُبُ مَا يُبَيِّتُونَ ۖ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّـهِ ۚ وَكَفَىٰ بِاللَّـهِ وَكِيلًا ﴿٨١﴾} صدق الله العظيم [النساء].

    إذاً يا قوم إنّي أخاطبكم بالمضمون من التحريف ليكون حُجّتي عليكم أو حُجّتكم عليّ أفلا تعقلون؟ ما لم؛ فلماذا حفظه الله من التحريف إلّا لكي لا يكون لكم حُجّة بين يدي الله بأنّكم ضلَلْتم عن الصِراط المستقيم نظراً لتحريف القرآن، ولذلك حفظه الله حتى لا تكون لكم الحُجّة، بل الحُجّة لله ولرسوله وللمهديّ المنتظَر.

    وسلامٌ على المرسَلين، والحمدُ لله ربِّ العالمين..
    المهدي المنتظَر الحقّ؛ الإمام ناصر محمد اليماني.
    ______________

    اضغط هنا لقراءة البيان المقتبس..

  3. افتراضي

    إذا إن تحقيق الشفاعة هو أن يرضى الله في نفسه، وكيف يكون راضيا في نفسه؟ حتى يدخل عباده في رحمته ومن ثم تأتي الشفاعة من الله وحده لا شريك له وهنا المفاجأة الكبرى لدى أهل النار تصديقا لقول الله تعالى: {حتى إذا فزع عن قلوبهم قالوا ماذا قال ربكم قالوا الحق وهو العلي الكبير} [سبأ:23].

    قال الله تعالى: {ولا تنفع الشفاعة عنده إلا لمن أذن له حتى إذا فزع عن قلوبهم قالوا ماذا قال ربكم قالوا الحق وهو العلي الكبير ﴿٢٣﴾} [سبأ

    اقتباس المشاركة 20797 من موضوع لا تشبه محمد رسول الله





    الإمام ناصر محمد اليماني
    28 - 10 - 1432 هــ
    27 - 09 - 2011 مــ
    06:46 صباحاً
    ــــــــــــــــــ



    الإمام المهديّ المنتظَر ينفي عقيدة شفاعة العبيد بين يدي الربّ المعبود ..

    بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على جدّي محمدٍ رسول الله وآله الأطهار وجميع أنصار الله الواحد القهار إلى اليوم الآخر، أمّا بعد..

    يا أيها الضيف المدعو ضياء، إني أراك تفتي بشفاعة العبد للعبيد بين يدي الربّ المعبود! ولكن الله سبحانه يقول إنه لا يعلم بشفاعة عبد للعبيد في أهل السموات والأرض ولسوف نردّ عليك وعلى الذين يعتقدون بشفاعة العبيد من الله مباشرةً:
    {وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّـهِ مَا لَا يَضُرُّ‌هُمْ وَلَا يَنفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَـٰؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِندَ اللَّـهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّـهَ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْ‌ضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِ‌كُونَ ﴿١٨﴾} صدق الله العظيم [يونس].

    وسبق من الإمام المهديّ بيانٌ أثبتنا النفي المطلق لشفاعة العبيد للعبيد بين يدي الربّ المعبود نقوم بنسخه لضياء والذين أشركوا بسبب عقيدة الشفاعة للعبيد بين يدي الربّ المعبود ، وإليك مزيداً من البرهان لتأكيد نفي شفاعة العبيد للعبيد بين يدي الربّ المعبود ومن المفروض أن يكفيكم الرد من الله على أصحاب عقيدة الشفاعة للعبيد بين يدي الربّ المعبود بقول الله تعالى:
    {وَيَقُولُونَ هَـٰؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِندَ اللَّـهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّـهَ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْ‌ضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِ‌كُونَ ﴿١٨﴾} صدق الله العظيم [يونس].


    ولكن نزيدكم بهذا البيان تفصيلاً كتبناه من قبل كما يلي:

    بسم الله الرحمن الرحيم، وسلامٌ على المُرسلين والحمدُ لله ربّ العالمين ولا اُفرق بين أحدٍ من رُسله وأنا من المُسلمين..
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، ويا أيّها السائل إنّي الإمام المهديّ أُصلّي وأسلم على جدّي محمدٍ رسولِ الله وآله الأطهار وصحابته الأخيار الذين معه قلباً وقالباً وأسلمُ عليهم تسليماً، وقد أفتاكم الله في صحابته الأخيار وهم الذين آمنوا ونصروا محمداً رسول الله من قبل الفتح وشدّوا أزره في زمن العُسرة من قبل التمكين بفتح مكة المُبين، أولئك أُثني عليهم جميعاً كما أثنى الله عليهم في مُحكم كتابه في قول الله تعالى:
    {مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَٰلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَىٰ عَلَىٰ سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا} صدق الله العظيم [الفتح:29].

    ومنهم أبو بكر الصديق بالحقّ من الأنصار السابقين الأخيار ومن صحابة مُحمدٍ رسول الله قلباً وقالباً، وذكر الله صحبته في محكم الكتاب في قول الله تعالى:
    {إِلَّا تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَىٰ وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} صدق الله العظيم [التوبة:40].

    وأنا الإمام المهديّ أصلّي على أبتي الإمام علي وأبي بكر وعُمر وعثمان وجميع صحابة رسول الله الذين معه قلباً وقالباً وأسلم عليهم من ربّهم وأقول فيهم قولاً كريماً أنّهم من الأنصار السابقين الأخيار في عصر العسر من قبل التمكين بالفتح المُبين؛ أولئك رضي الله عنهم ورضوا عنه. تصديقاً لقول الله تعالى:
    {لَّقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا ﴿١٨﴾} صدق الله العظيم [الفتح].

    أليس أبو بكر وعمر قد رضي الله عنهما كونهما من المؤمنين الذين بايعوا الله بالبيعة لرسوله تحت الشجرة، ولذلك فإنهم من المؤمنين المُبشرين بنعيم رضوان الله عليهم. تصديقاً لقول الله تعالى:
    {لَّقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ} صدق الله العظيم؟

    وأمّا معاوية ابن أبي سُفيان وابنه يزيد فقد سبق فيهما الحكم الحقّ في الحديث الحقّ أنّهم هُم الفئة الباغية على المُتقين، ولن تجدني ألعن أحداً من المُسلمين حتى ولو علمت أنهم كانوا خاطئين إلا المُنافقين الذين يظهرون الإيمان ويبطنون الكفر، وأما غير ذلك فالحكم لله الذي يعلم بما في أنفسهم فألتزم بقول الله تعالى:
    {تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُم مَّا كَسَبْتُمْ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ} صدق الله العظيم [البقرة:134].

    ويا أيها النابغة إن كُنت نابغة حقاً فلتسعَ مع الإمام المهديّ لجمع المُسلمين ولمداواة جراحهم وتطهير قلوبهم لوحدة صفهم حتى تقوى شوكتهم فنجعلهم بإذن الله خير أمّة أخرجت للناس لا يفرقون دينهم شيعاً وأحزاباً، فهذا مُحرم في كتاب الله في قول الله تعالى:
    {وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِن بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} صدق الله العظيم [آل عمران:105].

    فهل تعلم الحقّ لقول الله تعالى:
    {وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِن بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ}؟ وهُنّ الآيات المُحكمات البيِّنات لعالمكم وجاهلكم. تصديقاً لقول الله تعالى: {إِن تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُم مُّدْخَلًا كَرِيمًا} صدق الله العظيم [النساء:31].

    ألا وإن من الكبائر اختلافكم في الدين الذي يسبب تفرق المُسلمين شيعاً وأحزاباً فتفشلون فتذهب ريحكم كما هو حالكم، فذلك من كبائر ما تنهون عنه عدم التفرق في الدين وتدمير وحدة المُسلمين، ولذلك وعدكم الله لئن خالفتم أمره بعذاب عظيم. تصديقاً لقول الله تعالى:
    {وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِن بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} صدق الله العظيم [آل عمران:105].

    وسبب العذاب لأنّهم أعرضوا عن البيّنات من ربهم في محكم كُتبه. تصديقاً لقول الله تعالى:
    {وَلَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَمَا يَكْفُرُ بِهَا إِلَّا الْفَاسِقُونَ} صدق الله العظيم [البقرة:99]. ولذلك تجد الإمام المهديّ يدعو عُلماء المُسلمين وأمّتهم إلى الاحتكام إلى آيات الكتاب البيِّنات لعالمكم وجاهلكم.

    والسؤال الذي يوجهه المهديّ المنتظَر إلى كافة عُلماء المُسلمين هو: لماذا لا يجيبون داعي الاحتكام إلى آيات الكتاب البيِّنات في مُحكم القرآن العظيم إن كانوا به مؤمنين؟ ولا يزالون يتّبعون ملّة فريقٍ من أهل الكتاب من الذين أعرضوا عن دعوة الاحتكام إلى كتاب الله القرآن العظيم؟ وقال الله تعالى:
    {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِّنَ الْكِتَابِ يُدْعَوْنَ إِلَىٰ كِتَابِ اللَّهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ يَتَوَلَّىٰ فَرِيقٌ مِّنْهُمْ وَهُم مُّعْرِضُونَ} صدق الله العظيم [آل عمران:23].

    وذلك لأنّه يوجد فيه الحكم فيما كانوا فيه يختلفون في دينهم. تصديقاً لقول الله تعالى:
    {وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ} [المائدة:48].

    {إِنَّ هَٰذَا الْقُرْآنَ يَقُصُّ عَلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَكْثَرَ الَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ} صدق الله العظيم [النمل:76].

    ولكنهم أعرضوا عن دعوة الاحتكام لكتاب الله. وقال الله تعالى:
    {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِّنَ الْكِتَابِ يُدْعَوْنَ إِلَىٰ كِتَابِ اللَّهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ يَتَوَلَّىٰ فَرِيقٌ مِّنْهُمْ وَهُم مُّعْرِضُونَ} صدق الله العظيم [آل عمران:23].

    والسؤال الذي يطرح نفسه: هو لماذا تتّبعون ملتهم فتعرضون عن دعوة الاحتكام إلى كتاب الله كما أعرضوا؟ فلماذا تنهجون نهجهم وتعرضون عن آيات الكتاب البيِّنات لعالمكم وجاهلكم؟ فهل ترضون على أنفسكم أن تكونوا من الفاسقين المُعرضين عن آيات الكتاب البيِّنات لعالمكم وجاهلكم؟ فتذكروا قول الله تعالى:
    {وَلَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَمَا يَكْفُرُ بِهَا إِلَّا الْفَاسِقُونَ} صدق الله العظيم [البقرة:99]، وذلك لأنها من آيات أمّ الكتاب البيِّنات هُنّ أمّ الكتاب. تصديقاً لقول الله تعالى: {هُوَ الَّذِي أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ} صدق الله العظيم [آل عمران:7].

    ومن آيات الكتاب البيِّنات لعالمكم وجاهلكم قول الله تعالى:
    {وَأَنذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَن يُحْشَرُوا إِلَىٰ رَبِّهِمْ لَيْسَ لَهُم مِّن دُونِهِ وَلِيٌّ وَلَا شَفِيعٌ لَّعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ} صدق الله العظيم [الأنعام:51].

    وقول الله تعالى:
    {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لَّا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خُلَّةٌ وَلَا شَفَاعَةٌ وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ} صدق الله العظيم [البقرة:254].

    ولكن للأسف ستجدون أنفسكم مُعرضين عن آيات الكتاب البيّنات هُنّ أمّ الكتاب وتتّبعون الآيات المُتشابهات في الشّفاعة وليس بيانهن كما تزعمون! فكيف؟ فهُنّ آيات مُتشابهات لهُنّ بيانٌ غير ظاهرهنّ المتشابه، ولم يأمركم الله بالاعتصام بظاهرهن لأنّهنّ من أسرار الكتاب ولا يعلم تأويلهنّ إلا الله ويعلم بتأويلهن الراسخون في العلم من الأئمّة المُصطفين إنْ وجدوا فيكم، وإذا لم يوجدوا فلم يأمركم الله باتّباع ظاهرهن؛ بل أمركم باتّباع آيات الكتاب المحكمات البيّنات لعالمكم وجاهلكم كلّ ذي لسان عربيٍّ مُبينٍ. ولكنكم تتّبعون ظاهر المُتشابه ابتغاء البرهان لأحاديث وروايات الفتنة الموضوعة التي منها ما يأتي يتطابق مع ظاهر المُتشابه، ولذلك اتّبعتم ظاهر المُتشابه ابتغاء إثبات رواية الفتنة الموضوعة وأنتم لا تعلمون أنّها موضوعة بل تزعمون أنّ ذلك الحديث أو الرواية إنما هو تأويلٌ لهذه الآية، ولذلك قال الله تعالى:
    {هُوَ الَّذِي أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ} صدق الله العظيم [آل عمران:7].

    ولربّما يودّ أحد السائلين أن يقاطعني فيقول: "ويا ناصر محمد اليماني؛ أليس البيان الحقّ يأتي مُتشابهاً لآيات القرآن تصديقاً لحديث محمد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال:
    [ما تشابه مع القرآن فهو مني]؟". ومن ثمّ يردُّ عليهم الإمام المهديّ ناصر محمد اليماني وأقول: اللهم نعم بشرط أن لا يُخالف الحديث لإحدى آيات الكتاب المُحكمات البيِّنات فلا ينبغي أن يكون تناقضاً في كلام الله سُبحانه وتعالى علواً كبيراً. وتعالوا لنزيدكم علماً فإنّ الآيات المُتشابهات لهُنّ بيان يختلف عن ظاهرهن جُملةً وتفصيلاً، ولذلك لا يعلم بتأويلهن إلا الله، ولكن حديث الفتنة يأتي يتشابه مع ظاهرها تماماً. إذاً لماذا يقول الله تعالى: {وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ}؟ ويقصد المُتشابه. إذاً لو كان الحديث تأويلاً لتلك الآية لما تشابه مع ظاهرها تماماً.

    ولكن يا قوم؛ أفلا تعلمون أنّ ظاهر المُتشابه تجدونه يختلف مع آيات الكتاب البيّنات المحكمات هُنّ أمّ الكتاب؟ وذلك لأنّ الله وضع فيهن أسراراً في الكتاب يعلمها الراسخون في العلم منكم الذين لا يقولون على الله ما لا يعلمون، ولم يجعل الله الحُجّة عليكم في الآيات المُتشابهة التي لا يعلم بتأويلهن إلا الله، بل أمركم فقط بالإيمان بهنّ أنّهن كذلك من عند الله وأمركم أن تتّبعوا آيات الكتاب المحكمات البيّنات، لا يعرض عنهن فيتّبع ظاهر المُتشابه إلا من كان في قلبه زيغ عن الحقّ المُحكم والبَيِّن، ولذلك قال الله تعالى:
    {هُوَ الَّذِي أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ} صدق الله العظيم [آل عمران:7].

    إذاً الله أمركم باتّباع آيات الكتاب المحكمات وأمركم بالإيمان بالآيات المُتشابهات التي لا يعلم بتأويلهنّ إلا الله، أفلا تتقون؟ ولكني الإمام المهديّ آتاني الله علم الكتاب مُحكمه ومُتشابهه ليجعلني شاهداً عليكم بالحقّ إن أعرضتم عن الدعوة إلى مُحكم كتاب الله. تصديقاً لقول الله تعالى:
    {وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلًا قُلْ كَفَىٰ بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِندَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ} صدق الله العظيم [الرعد:43].

    وبما أنّ الله آتاني علم الكتاب فحتماً أعلم بمحكمه وعلمني ربي بمتشابهه الذي لا يعلم بتأويله إلا الله ولكن أكثركم يجهلون برغم أني أدعوكم إلى الاحتكام إلى آيات الكتاب المحكمات هُنّ أم الكتاب لا يزيغ عمّا جاء فيهنّ إلا من كان في قلبه زيغٌ عن الحقّ، فمن ذا الذي لا يعلم بقول الله تعالى:
    {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لَّا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خُلَّةٌ وَلَا شَفَاعَةٌ وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ}؟ صدق الله العظيم [البقرة:254].

    والسؤال للإمام المهدي: أليس قول الله بمحكم بيّن ينفي شفاعة العبيد بين يدي الربّ المعبود؟ ولذلك قال الله تعالى:
    {وَأَنذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَن يُحْشَرُوا إِلَىٰ رَبِّهِمْ لَيْسَ لَهُم مِّن دُونِهِ وَلِيٌّ وَلَا شَفِيعٌ لَّعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ} صدق الله العظيم [الأنعام:51].

    فانظروا لقول الله تعالى:
    {لَيْسَ لَهُم مِّن دُونِهِ وَلِيٌّ وَلَا شَفِيعٌ} صدق الله العظيم، ولكن الذين لا يؤمنون بالله إلا وهم مُشركون سيقولون مهلاً مهلاً يا ناصر محمد اليماني إنّما نفي الشفاعة للكُفار أما المؤمنون فلهم الشفاعة بين يدي ربهم ولذلك يشفع لهم محمد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ومن ثمّ يردُّ عليه الإمام المهديّ وأقول: سننظر أصدقت أم كُنت من الكاذبين ممن يقولون على الله ما لا يعلمون وسوف نجد الحُكم بيننا من الله في مُحكم كتابه في قول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لَّا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خُلَّةٌ وَلَا شَفَاعَةٌ} صدق الله العظيم [البقرة:254].

    وتجد الخطاب موجه للمؤمنين وينفي الله الشفاعة لهم بين يدي ربهم. تصديقاً لقول الله تعالى:
    {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لَّا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خُلَّةٌ وَلَا شَفَاعَةٌ} صدق الله العظيم.

    والسؤال الذي يطرح نفسه: أليست كلمة (لا) هي نافية في قاموس اللغة العربية، ولذلك تقولون (لا إله إلا الله)؟ وكذلك جاء النفي في قول الله تعالى:
    {وَلَا شَفَاعَةٌ} أي ولا شفاعة لِوَلِيٍّ أو نبيٍّ بين يدي ربّه يشفع للمؤمنين، وكذلك كلمة (ليس)؛ أفلا تعلمون أنّها من كلمات النفي المُطلق؟ ولذلك قال الله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} صدق الله العظيم [الشورى:11].

    ولذلك قال الله تعالى:
    {وَأَنذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَن يُحْشَرُوا إِلَىٰ رَبِّهِمْ لَيْسَ لَهُم مِّن دُونِهِ وَلِيٌّ وَلَا شَفِيعٌ لَّعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ} صدق الله العظيم [الأنعام:51].

    أفلا ترون أنّ الإمام المهديّ يحاجكم بآيات الكتاب البيّنات لعالمكم وجاهلكم هُنّ أمّ الكتاب لتصحيح العقيدة الحقّ، فلماذا لا تتبعون آيات الكتاب البيِّنات لعالمكم وجاهلكم فهل أنتم فاسقون؟ وقال الله تعالى:
    {وَلَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَمَا يَكْفُرُ بِهَا إِلَّا الْفَاسِقُونَ} صدق الله العظيم [البقرة:99].

    {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْهَا وَنَسِيَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ إِنَّا جَعَلْنَا عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا وَإِن تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدَىٰ فَلَن يَهْتَدُوا إِذًا أَبَدًا} [الكهف:57].

    {هُوَ الَّذِي أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ} [آل عمران:7].

    وقال الله تعالى:
    {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَىٰ عَلَى الْعَرْشِ مَا لَكُم مِّن دُونِهِ مِن وَلِيٍّ وَلَا شَفِيعٍ أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ} [السجدة:4].

    وقال الله تعالى:
    {وَذَرِ الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَعِبًا وَلَهْوًا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَذَكِّرْ بِهِ أَن تُبْسَلَ نَفْسٌ بِمَا كَسَبَتْ لَيْسَ لَهَا مِن دُونِ اللَّهِ وَلِيٌّ وَلَا شَفِيعٌ وَإِن تَعْدِلْ كُلَّ عَدْلٍ لَّا يُؤْخَذْ مِنْهَا أُولَٰئِكَ الَّذِينَ أُبْسِلُوا بِمَا كَسَبُوا لَهُمْ شَرَابٌ مِّنْ حَمِيمٍ وَعَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ} [الأنعام:70].

    وقال الله تعالى:
    {وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَٰؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِندَ اللَّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ} [يونس:18].

    وقال الله تعالى:
    {وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ} صدق الله العظيم [غافر:18].

    ولكن الذي في قلبه زيغٌ عن الحقّ لن يستطيع أن ينكر لمحكم ما جاء فيهن؛ بل سيعرض عنهنّ وكأنه لا يعلم بهن ويجادلني بآيات الكتاب المتشابهات في ذكر الشفاعة كمثال قول الله تعالى:
    {مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِندَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ} [البقرة:255].

    {مَا مِن شَفِيعٍ إِلَّا مِن بَعْدِ إِذْنِهِ} [يونس:3].

    {وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَـٰنُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُّكْرَمُونَ ﴿٢٦﴾ لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُم بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ ﴿٢٧﴾يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَىٰ وَهُم مِّنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ ﴿٢٨﴾} [الأنبياء].

    وقال الله تعالى:
    {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنسِفُهَا رَبِّي نَسْفًا ﴿١٠٥﴾ فَيَذَرُهَا قَاعًا صَفْصَفًا ﴿١٠٦﴾ لَّا تَرَىٰ فِيهَا عِوَجًا وَلَا أَمْتًا ﴿١٠٧﴾ يَوْمَئِذٍ يَتَّبِعُونَ الدَّاعِيَ لَا عِوَجَ لَهُ وَخَشَعَتِ الْأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَـٰنِ فَلَا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْسًا ﴿١٠٨﴾ يَوْمَئِذٍ لَّا تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَـٰنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلًا ﴿١٠٩﴾} صدق الله العظيم [طه].

    وقال الله تعالى:
    {وَلَا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِهِ الشَّفَاعَةَ إِلَّا مَن شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} صدق الله العظيم [الزخرف:86].

    وقال الله تعالى:
    {وَكَم مِّن مَّلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لَا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا إِلَّا مِن بَعْدِ أَن يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَن يَشَاءُ وَيَرْضَىٰ} صدق الله العظيم [النجم:26].

    ويا عُلماء المُسلمين وأمّتهم، إنما نتهرب من تأويل آيات الكتاب المُتشابهات في سرّ الشفاعة حتى لا يزيدكم الحقّ فتنةً إلى فتنتكم لأنّ من الناس من لا يزيدهم الحقّ إلا رجساً إلى رجسهم! ولكني أعظكم بواحدةٍ لعلكم تتفكرون في الاستثناء وهو قول الله تعالى:
    {إِلَّا مِن بَعْدِ أَن يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَن يَشَاءُ وَيَرْضَىٰ} صدق الله العظيم، فانظروا لقول الله تعالى: {وَيَرْضَىٰ} صدق الله العظيم.

    إذاً الشفاعة ليست كما تزعمون، وإنما يوجد عبدٌ من بين العبيد أَذِنَ الله له أن يُخاطب ربّه في هذا الشأن من بين المُتقين جميعاً، ولن يسأل الله الشفاعة سُبحانه وتعالى علواً كبيراً! بل خاطب ربه أنه يرفض جنة النعيم ويريد تحقيق النعيم الأكبر منها وهو أن يكون الله راضياً في نفسه، ولكن الله لن يرضى في نفسه حتى يدخل عباده في رحمته، ولذلك قال الله تعالى: {وَكَم مِّن مَّلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لَا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا إِلَّا مِن بَعْدِ أَن يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَن يَشَاءُ وَيَرْضَىٰ} صدق الله العظيم [النجم:26].

    فإذاً إن تحقيق الشفاعة هو أن يرضى الله في نفسه، وكيف يكون راضياً في نفسه؟ وذلك حتى يدخل عباده في رحمته ومن ثمّ تأتي الشفاعة من الله وحده لا شريك له، وهُنا المُفاجأة الكُبرى لدى أهل النار. تصديقاً لقول الله تعالى:
    {حَتَّىٰ إِذَا فُزِّعَ عَن قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ} [سبأ:23].

    وقال الله تعالى:
    {وَلَا تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ عِندَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ حَتَّىٰ إِذَا فُزِّعَ عَن قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ} [سبأ:23].

    فأمّا البيان لقول الله تعالى:
    {وَلَا تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ عِندَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ} صدق الله العظيم، فلا يقصد الله أنه أذن له أن يُشفع لعباده؛ بل أذن له أن يُخاطب ربه في هذه المسألة لأنه سوف يقول صواباً وذلك لأنّ الله هو أرحم بعباده من عبده فكيف يشفع لهم بين يدي ربهم؟ ولذلك أذن الله له من بين المُتقين لأنه سوف يقول صواباً ولن يتجرِّأ للشفاعة بين يدي ربه سُبحانه وتعالى علواً كبيراً، ولذلك لن تجدوا لجميع المُتقين من الجنّ والإنس وملائكة الرحمن المُقربين لن تجدوهم يملكون من الله الخطاب في هذه المسألة نظراً لأنهم جميعاً لا يعلمون باسم الله الأعظم الذي جعله سراً في نفسه، ولذلك قال الله تعالى: {إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازًا ﴿٣١﴾ حَدَائِقَ وَأَعْنَابًا ﴿٣٢﴾ وَكَوَاعِبَ أَتْرَابًا ﴿٣٣﴾ وَكَأْسًا دِهَاقًا ﴿٣٤﴾ لَّا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا كِذَّابًا ﴿٣٥﴾ جَزَاءً مِّن رَّبِّكَ عَطَاءً حِسَابًا ﴿٣٦﴾ رَّبِّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا الرَّحْمَٰنِ لَا يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطَابًا} صدق الله العظيم [النبأ].

    فانظروا يا عباد الله إلى محكم كتاب الله الذي يفتيكم أنّ المُتقين من الإنس والجنّ لا يملكون من الرحمن خطاباً في مسألة الشفاعة، وكذلك الملك جبريل وكافة ملائكة الرحمن المُقربين. تصديقاً لقول الله تعالى:
    {يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ صَفًّا لَّا يَتَكَلَّمُونَ} صدق الله العظيم [النبأ:38]، ومن ثم استثنى على عبد من عبيد الله. وقال الله تعالى: {إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَٰنُ وَقَالَ صَوَابًا} صدق الله العظيم [النبأ:38].

    وذلك هو العبد الوحيد الذي يحقّ له أن يخاطب ربّه في هذه المسألة لأن الله يعلم أن عبده سوف يُحاج ربه بالقول الصواب ولن يشفع وما ينبغي له أن يشفع بين يدي من هو أرحم بعباده من عبده سُبحانه وتعالى علوَّاً كبيراً، بل يخاطب ربه في تحقيق النعيم الأعظم من نعيم جنته ويريدُ من ربه أن يرضى..
    ((((( وَيَرْضَىٰ )))))، إذاً الشفاعة هو أن يرضى الله في نفسه ولذلك عبده سوف يُخاطب ربه في تحقيق النعيم الأعظم من جنته (((((((((وَيَرْضَىٰ))))))))). وقال الله تعالى: {وَكَم مِّن مَّلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لَا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا إِلَّا مِن بَعْدِ أَن يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَن يَشَاءُ وَيَرْضَىٰ} صدق الله العظيم [النجم:26].

    وكيف يكون الله راضياً في نفسه؟ حتى يدخل عباده الذين أخذوا نصيبهم من العذاب جنته، فيقول الله تعالى:
    {وَكَم مِّن مَّلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لَا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا إِلَّا مِن بَعْدِ أَن يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَن يَشَاءُ وَيَرْضَىٰ} صدق الله العظيم [النجم:26].

    إذاً الشفاعة هي لله وحده لا شريك له، ولن تتحقق حتى يرضى فإذا رضي في نفسه تحقّقت لعباده برحمته فتشفع لهم رحمته من غضبه. تصديقاً لقول الله تعالى:
    {قُل لِّلَّـهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا لَّهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴿٤٤﴾ وَإِذَا ذُكِرَ اللَّـهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِن دُونِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ ﴿٤٥﴾ قُلِ اللَّـهُمَّ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ أَنتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِي مَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ ﴿٤٦﴾} صدق الله العظيم [الزمر].

    فمن ذا الذي هو أرحم بكم من الله أرحم الراحمين؟ ويا قوم أفلا تعلمون أنه يتحسّر على عباده الذين ظلموا أنفسهم برغم أنّه لم يظلمهم شيئاً؟ ولا نزال نُذكّركم بتحسر الله على عباده فيقول الله تعالى:
    {يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ} [يس:30].

    وأمّا الذين ظلموا أنفسهم فيقول كل منهم:
    {يَا حَسْرَتَىٰ عَلَىٰ مَا فَرَّطتُ فِي جَنبِ اللَّـهِ وَإِن كُنتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ ﴿٥٦} صدق الله العظيم [الزمر]، فهل تجتمع الحسرة والغضب؟ بمعنى فهل يمكن أن يغضب الله على قومٍ وفي نفس الوقت يتحسّر عليهم؟ والجواب كلا إنما الحسرة تحدث في نفس الربّ من بعد أن يتحسروا عباده على أنفسهم فيقول الظالم لنفسه: {يَا حَسْرَتَىٰ عَلَىٰ مَا فَرَّطتُ فِي جَنبِ اللَّـهِ وَإِن كُنتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ ﴿٥٦} صدق الله العظيم [الزمر].

    وإنما الحسرة تحدث في نفس الربّ من بعد أن يهلكهم الله بسبب دُعاء أنبيائِهم عليهم فيصدقهم الله ما وعدهم فيدمّر عدوهم تدميراً، ولكن عباده لم يهنوا عليه ولو لم يظلمهم شيئاً وذلك بسبب صفته التي جعلها في نفسه وهي الرحمة وليست كرحمة الأم بولدها العاصي لو نظرتْ إليه يصرخ في نار جهنم؛ بل أشدّ وأعظم تكون حسرته على عباده الذين ظلموا أنفسهم، وذلك لأنّ الله هو أرحم الراحمين، فبعد أن يدمّر عباده المُكذّبين برسل ربهم ورفضوا أن يجيبوا دعوة الله ليغفر لهم. وقال الله تعالى:
    {وَقَالُوا إِنَّا كَفَرْنَا بِمَا أُرْسِلْتُم بِهِ وَإِنَّا لَفِي شَكٍّ مِّمَّا تَدْعُونَنَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ ﴿٩﴾ قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي اللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمْ} صدق الله العظيم [إبراهيم:9-10].

    حتى إذا اعتقد المُرسلون أنّ قومهم قد كذّبوهم فاستيئسوا من هداهم، ومن ثم يقولون:
    {رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ} صدق الله العظيم [الأعراف:89].

    ومن ثم يأتيهم نصر الله ولن يخلف الله وعده رُسله وأولياءه فينصرهم على عدوهم فيصبحوا ظاهرين فيورثهم الأرض من بعدهم. وقال الله تعالى:
    {وَكَأَيِّن مِّنْ آيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ ﴿١٠٥﴾ وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُم بِاللَّـهِ إِلَّا وَهُم مُّشْرِكُونَ﴿١٠٦﴾ أَفَأَمِنُوا أَن تَأْتِيَهُمْ غَاشِيَةٌ مِّنْ عَذَابِ اللَّـهِ أَوْ تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ ﴿١٠٧﴾ قُلْ هَـٰذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّـهِ عَلَىٰ بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي ۖ وَسُبْحَانَ اللَّـهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ ﴿١٠٨وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُّوحِي إِلَيْهِم مِّنْ أَهْلِ الْقُرَىٰ أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَدَارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ اتَّقَوْا أَفَلَا تَعْقِلُونَ﴿١٠٩حَتَّىٰ إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَن نَّشَاءُ وَلَا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ﴿١١٠﴾ لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِّأُولِي الْأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَىٰ وَلَـٰكِن تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ﴿١١١﴾} صدق الله العظيم [يوسف].

    وقال الله تعالى:
    {وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا} [الكهف:49].
    {وَمَا ظَلَمُونَا وَلَٰكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ} صدق الله العظيم [البقرة:57].

    ولكن يا أحباب الله يا معشر الآباء والأمهات، فتصوروا لو أنّ أحد أبنائكم عصاكم طيلة حياته لم يطع لكم أمراً ومن بعد موته اطَّلعتم عليه فإذا هو يصرخ من شدة عذاب الحريق في نار جهنم فتصورا الآن كم سوف تكون عظيم حسرتكم على أولادكم! فما بالكم بحسرة ربّهم الذي هو أرحم؟ والله أرحم الراحمين! أم إنكم لم تجدوا في محكم كتابه أنه يتحسر على عباده؟ وقال الله تعالى:
    {إِن كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ خَامِدُونَ﴿٢٩﴾ يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ مَا يَأْتِيهِم مِّن رَّسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ ﴿٣٠﴾} صدق الله العظيم [يس].

    وأما الظالمون لأنفسهم فيقول كل منهم:
    {يَا حَسْرَتَىٰ عَلَىٰ مَا فَرَّطتُ فِي جَنبِ اللَّـهِ وَإِن كُنتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ ﴿٥٦} صدق الله العظيم [الزمر].

    وأما آخرون:
    {فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ} صدق الله العظيم [آل عمران:170].

    وأما القوم الذين قال الله عنهم:
    {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} صدق الله العظيم [المائدة:54].

    فكيف يرضون بجنة النعيم وقد علّمهم إمامهم أنّ من يحبونه يتحسّر في نفسه على عباده الذين ظلموا أنفسهم؟ ولذلك فهم يريدون تحقيق النعيم الأعظم من جنته، وكل عباد الله الصالحين يحبون ربّهم لأنّه أحسن إليهم فأنقذهم من ناره وأدخلهم جنته، ولأنّ القوم الذي وعد الله بهم في محكم كتابه تنزَّه حُبهم لربهم عن المادة ولذلك لم تجدوا أنّ الله ذكر ناره أو ذكر جنته، بل قال الله تعالى:
    {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَٰلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} صدق الله العظيم [المائدة:54].

    وهُنا يتوقف أولو الألباب للتفكير فيقولون إذا كنّا حقاً نحبّ الله الحبّ الأعظم من النعيم والحور العين فما الفائدة من الاستمتاع بنعيم الجنة وحورها وقد علّمنا الإمام المهديّ أنّ حبيبنا الأعظم مُتحسرٌ وحزينٌ على عباده الذين ظلموا أنفسهم؟ أولئك لن يرضيهم الله بالنعيم والحور العين؛ بل ينضمّون إلى جانب الإمام المهديّ فيُناضلون في تحقيق النعيم الأعظم حتى يذهب التحسّر من نفسه على عباده
    ((((((( وَيَرْضَىٰ )))))))، فذلك هو أملهم ومنتهى غايتهم وكُل أمنيتهم وجميع هدفهم فهل تدرون لماذا؟ لأنّهم قوم ((((((( يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ )))))))، فمن كان منهم فوالله لا يجد إلا أن يتّبع الإمام المهديّ فيُحرّم على نفسه جنّة ربه ويقول وكيف أرضى بجنة النعيم وحورها وقصورها وأحب شيء إلى نفسي يقول: ((((((( يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ ))))))).

    فلا نزال نذكِّركم بتحسِّر الله في نفسه حتى لا تدعوا على عباده بل تصبروا على عباده حتى يهديهم، وأقصد الصبر على الذين ضلَّ سعيهم في الحياة الدُنيا ويحسبون أنهم مهتدون، وذلك لأنهم لم يبصروا بعدُ ما أبصرتموه يا معشر الأنصار، فصبرٌ جميلٌ عسى الله أن يهديهم برحمته التي كتب على نفسه وسع ربنا كل شيء رحمة وعلماً.

    وسلامٌ على المُرسلين، والحمدُ لله رب العالمين..
    أخوكم؛ الإمام المهديّ ناصر محمد اليماني.
    ــــــــــــــــــــــ



    [ لقراءة البيان من الموسوعة ]
    اضغط هنا لقراءة البيان المقتبس..

  4. افتراضي

    29 - 07 - 1432 هـ
    01 - 07 - 2011 مـ
    4:30 صباحاً
    ـــــــــــــــــ

    اقتباس المشاركة :
    وقال الله تعالى: {وَلَا تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ عِندَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ ۚ حَتَّىٰ إِذَا فُزِّعَ عَن قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ ۖ قَالُوا الْحَقَّ ۖ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ ﴿٢٣﴾} صدق الله العلي العظيم [سبأ].

    ولم يأذن الله له بالشفاعة سبحانه بل أذن لعبده بالخطاب والقول الصواب في تحقيق النّعيم الأعظم، تصديقاً لقول الله تعالى: {لَّا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا كِذَّابًا ﴿٣٥﴾ جَزَاءً مِّن رَّ‌بِّكَ عَطَاءً حِسَابًا ﴿٣٦﴾ رَّ‌بِّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْ‌ضِ وَمَا بَيْنَهُمَا الرَّ‌حْمَـٰنِ لَا يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطَابًا ﴿٣٧﴾ يَوْمَ يَقُومُ الرُّ‌وحُ وَالْمَلَائِكَةُ صَفًّا لَّا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّ‌حْمَـٰنُ وَقَالَ صَوَابًا ﴿٣٨﴾} صدق الله العظيم [النبأ].

    والقول الصواب هو: إنّ عبداً من عبيد الله خاطب ربّه بأنّه يريد النّعيم الأعظم من جنّته وهو أن يكون الله راضياً في نفسه لا مُتحسّراً ولا حزيناً، وكيف يكون الله راضياً في نفسه؟ وذلك حتى يُدخِل عباده في رحمته، ومن ثمّ جاءت الشفاعة من الله أرحم الراحمين وتفاجأ بذلك اليائسون، وقالوا: {مَاذَا قَالَ ربّكم}؟ ومن ثمّ يردّ عليهم المتقون {قَالُوا الحقّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ} صدق الله العلي العظيم.

    بمعنى: أنّ الشفاعة جاءت من الله فشفعتْ لعباده رحمتُهُ من غضبِه، تصديقاً لقول الله تعالى: {وَلَا تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ عِندَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ ۚ حَتَّىٰ إِذَا فُزِّعَ عَن قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ ۖ قَالُوا الْحَقَّ ۖ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ ﴿٢٣﴾} صدق الله العلي العظيم [سبأ].

    وليست الشفاعة كما تزعمون أنّه يطلب من ربّه الشفاعة، سبحانه عمَّا يشركون وتعالى علوّاً كبيراً! وإنّما يأذن الله له أن يُخاطب ربّه لأنّه سوف يقول صواباً ويخاطب ربّه في تحقيق النّعيم الأعظم فيرضى في نفسه، ولذلك قال الله تعالى: {إِلَّا مِن بَعْدِ أَن يَأْذَنَ اللَّـهُ لِمَن يَشَاءُ وَيَرْضَىٰ} صدق الله العظيم [النجم:26].

    فأما قول الله تعالى {إِلَّا مِن بَعْدِ أَن يَأْذَنَ اللَّـهُ لِمَن يَشَاءُ} أي لمن يشاء له الله بخطاب ربّه، وأما قول الله تعالى { وَيَرْضَىٰ }، فذلك تحقيق رضوان الله في نفسه، ولكن هيهات هيهات فقد ذاق وبالَ أمرهم كثيرٌ منهم من بعد موتهم، فعذّبهم الله في النّار الليل والنّهار ولكنّ أكثركم لا يعلمون.

    ويا فضيلة الشيخ أبو سيد الأنصاري إنّي أرى أنّ أحداً من الأنصار يفتي أنّك تدعو الإمام المهديّ ناصر محمد اليماني إلى الحوار في موقعك،
    انتهى الاقتباس
    الرابط: https://nasser-alyamani.org/showthread.php?p=18436

المواضيع المتشابهه
  1. سؤال عن تفسير آيه
    بواسطة رضاك ربي غايتي في المنتدى قسم يحتوي على مختلف المواضيع والمشاركات
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 31-10-2021, 09:21 PM
  2. تفسير أية
    بواسطة يوسف في المنتدى قسم الأسئلة والإقتراحات والحوارات المفتوحة
    مشاركات: 5
    آخر مشاركة: 14-08-2021, 06:25 PM
  3. تفسير سورة الكافرون...!
    بواسطة علاءالدين نورالدين في المنتدى نفي شفاعة العبيد للعبيد بين يدي الرب المعبود
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 03-03-2021, 01:03 AM
  4. تفسير آية
    بواسطة صبحي قصي في المنتدى قسم يحتوي على مختلف المواضيع والمشاركات
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 13-02-2020, 08:59 PM
  5. سورة الشورى سورة القصص ؛ للقارئ / عبد الرحمن العوسي
    بواسطة مها محمد في المنتدى قسم القرآن العظيم
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 25-05-2019, 04:08 AM
ضوابط المشاركة
  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •