- 2 -
[ لمتابعة رابط المشاركـــــــــــــة الأصليّة للبيــــــــــــــان ]
https://nasser-alyamani.org/showthread.php?p=108186
الإمام ناصر محمد اليماني
09 - 09 - 1434 هـ
16 - 07 - 2013 مـ
09:02 صباحاً
ـــــــــــــــــــــ
الردّ الثاني من الإمام المهديّ إلى أبي مودة، ونوقفه عند حدّه بسلطان العلم المُلجِم من محكم القرآن العظيم ..
بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على كافّة أنبياء الله ورسله وآلهم الطيّبين والتّابعين لهم بإحسان إلى يوم الدّين، أمّا بعد..
ويا أبا مودة، لقد أخبرنا الله في محكم كتابه أنّه بثّ في السّماوات عوالمَ من عبيده كما الأرض بثّ فيها من عبيده ما يَدِبُّ أو يطير. وذلك تصديقاً لقول الله تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السّماوات وَالْأَرْضِ وَمَا بَثَّ فِيهِمَا مِن دَابَّةٍ وَهُوَ عَلَى جَمْعِهِمْ إِذَا يَشَاء قَدِيرٌ} صدق الله العظيم [الشورى:29].
كون السّماء ليست مجرد غلافاً جويّاً بل سقفاً مرفوعاً بقدرة الله ومحفوظاً بزينتها النّجوم التي تتفجر بين الحين والآخر. تصديقاً لقول الله تعالى: {وَجَعَلْنَا السّماء سَقْفًا مَّحْفُوظًا وَهُمْ عَنْ آيَاتِهَا مُعْرِضُونَ} صدق الله العظيم [الأنبياء:32].
ولكنّ السّقف السّماويّ مرفوعٌ من غير أعمدةٍ ترونها. تصديقاً لقول الله تعالى: {خَلَقَ ٱلسَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا} صدق الله العظيم [لقمان:10].
وكما قلنا إنّ السّماء سقفٌ ليس به فتحات بل أبواب مغلقة. تصديقاً لقول الله تعالى: {أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السّماء فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ} صدق الله العظيم [ق:6].
وإنّما الفروج هي الفتحات، وما لها من فروجٍ أي ما لها من فتحات، بل لها أبوابٌ مغلقةٌ ويتمُّ فتحها حين يشاء الله عند التّنزيل أو المعراج لمن يشاء، وتُفتح أبوابها كافةً يوم تقوم القيامة. تصديقاً لقول الله تعالى: {وَإِذَا السّماء فُرِجَتْ} صدق الله العظيم [المرسلات:9].
وفُرجت بمعنى فُتحت. تصديقاً لقول الله تعالى: {وَفُتِحَتِ السّماء فَكَانَتْ أَبْوَابًا} صدق الله العظيم [النبأ:19].
وذلك نتيجة انشقاق السّقف السّماويّ. تصديقاً لقول الله تعالى: {وَانْشَقَّتِ السّماء فَهِيَ يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ (16) وَالْمَلَكُ عَلَى أَرْجَائِهَا وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ (17) يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ(18)} صدق الله العظيم [الحاقة].
وإنّما السّماء سقفٌ محفوظٌ بزينتها النّجوم. تصديقاً لقول الله تعالى: {وَزَيَّنَّا السّماء الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ} [فصلت:12].
ولكن حِفظاً من ماذا؟ ونجد الجواب في محكم الكتاب: إنّ في السّماء ملأٌ أعلى، وقد زيّنها بالنّجوم وفي نفس الوقت تحفظها من الشياطين أن يسترقوا السّمْعَ من الملأ الأعلى. تصديقاً لقول الله تعالى: {إِنَّا زَيَّنَّا السّماء الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ (6) وَحِفْظًا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ مَارِدٍ (7) لَا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلَى وَيُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ (8)} صدق الله العظيم [الصافات].
وأجدُ في الكتاب إنَّ اسم الكواكب يطلق على كافة الكواكب المضيئة والمنيرة، ولذلك قال الله تعالى: {إِنَّا زَيَّنَّا السّماء الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ (6) وَحِفْظًا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ مَارِدٍ (7) لَا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلَى وَيُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ (8)} صدق الله العظيم، ويقصد الكواكب المضيئة وهي مصابيح النّجوم. تصديقاً لقول الله تعالى: {وَلَقَدْ زَيَّنَّا السّماء الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ} صدق الله العظيم [الملك:5].
ونستنبط من هذه الآيات أنّ السّماء حقاً سقفٌ مرفوعٌ من المادة وليس من الهواء،؛ بل سقفٌ مرفوعٌ مخلوقٌ من مادةٍ راسيةٍ في الفضاء الكونيّ بغير عمدٍ ترونها مرفوعةً، كما زِيْنَتُها من الكواكب الكرويّة مخلوقةٌ من المادة ومرفوعةٌ في الفضاء الكونيّ ترونها معلقةً في الفضاء الكونيّ.
وكذلك السّقف السّماوي مرفوعٌ بغير عمدٍ ترونها، ويوجد فيها سكانُ الملأ الأعلى، كون السّماوات السّبع والأرضين السّبع مخلوقة من نفس مادة الأرض الأمِّ لكون السّماوات السّبع بكامل زينتها والأرضين السّبع بكامل أقمارها كانتا رتقاً واحداً مع الأرض الأمّ التي يعيش عليها البشر، فهي أمّهم التي خلقهم الله منها، وكذلك أمُّ السّماوات والأرض، وأمُّ زيْنَتها من الكواكب والنّجوم.
تصديقاً لقول الله تعالى: {أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السّماوات وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا ۖ وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ ۖ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ} صدق الله العظيم [الأنبياء:30].
وربّما يودّ أحد السائلين أن يقول: "يا ناصر محمد، وكيف يرى الكفار ذلك أنّ السّماء والأرض كانتا رتقاً كوكباً واحداً ولكن الله لم يخلق الجنّ والإنس إلا من بعد الانفتاق والانشقاق للكوكب الرتّق؟ والسؤال مرة أخرى: ماهي الرؤية المقصودة، وهل يقصد رؤية الكفار في عصر بعث تنزيل القرآن أم يقصد الكفار في عصر تفصيل البيان؟". ومن ثمّ يردّ الإمام المهديّ على السائلين ونقول: إنّما يقصد الله بقوله تعالى: {أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السّماوات وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا} أي أصحاب الرؤية العلميّة لعلوم الفيزياء الكونيّة ولا يقصد الكفار في عصر التّنزيل لكونهم يجهلون ذلك؛ بل يقصد كفار اليوم في عصر تفصيل البيان كون كفار اليوم قومٌ يعلمون. تصديقاً لقول الله تعالى: {وَكَذَٰلِكَ نُصَرِّفُ الْآيَاتِ وَلِيَقُولُوا دَرَسْتَ وَلِنُبَيِّنَهُ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ﴿١٠٥﴾} صدق الله العظيم [الأنعام].
ومن ثم يرى أصحاب الرؤية العلميّة أنَّ القرآن تنزل حقّاً من حكيمٍ حميدٍ. تصديقاً لقول الله تعالى: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السّماوات وَمَا فِي الْأَرْضِ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الْآخِرَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ (1) يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنزِلُ مِنَ السّماء وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ الرَّحِيمُ الْغَفُورُ (2) وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَأْتِينَا السَّاعَةُ قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ عَالِمِ الْغَيْبِ لَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السّماوات وَلَا فِي الْأَرْضِ وَلَا أَصْغَرُ مِن ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرُ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ (3) لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (4) وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ أُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مِّن رِّجْزٍ أَلِيمٌ (5) وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ هُوَ الحقّ وَيَهْدِي إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (6)} صدق الله العظيم [سبأ].
ولكن أبا المودة يريدُ أن يجعلَ السّماوات السّبع طبقات جويّة، هيهات هيهات! ولكنهنّ مخلوقةٌ من نفس مادة الأرض، وهي سقفٌ سماويّ.
وربّما يودّ أبو المودة أن يقول: " بل هي سقفٌ هوائيّ والدليل قول الله تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا وَيُنَزِّلُ مِنَ السّماء مَاءً فَيُحْيِي بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} صدق الله العظيم [الروم:24]". ومن ثمّ يردّ عليه الإمام المهديّ ناصر محمد وآتيك بالبيان الحقّ لهذه الآية وأقول: وإنما يقصد أنه يُنزِّلُ المطرَ من جوِّ السّماء وليس من ذات سقف السّماء بل يقصد جوَّ السّماء وهو بما تُسمّونه بالغلاف الجويّ، وكل الفضاء الكونيّ دون السّماء يسمى جوَ السّماء حتى تصل إلى السّقف السّماوي. وعلى سبيل المثال قال الله تعالى: {أَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْر مُسَخَّرَات فِي جَوّ السّماء مَا يُمْسِكهُنَّ إِلَّا اللَّه إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَات لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} صدق الله العظيم [النحل:79].
ونستنبط من ذلك إنَّ الفضاء الكونيّ يُسمى في محكم الكتاب جوَّ السّماء بدءً من مفارقة سطح الأرض فيرتقي الشيء في جوِّ السّماء وهو الفضاء الكونيّ.
ويا رجل، ليس بيان الكتاب أن تأخذوا آيةً ومن ثم تأتوا ببيانها من عند أنفسكم كما تشتهون؛ بل القرآن تَنَزَّل مفصلاً كون آيات تفصّلها آيات أُخَرْ. تصديقاً لقول الله تعالى: {أَفَغَيْرَ اللّهِ أَبْتَغِي حَكَماً وَهُوَ الَّذِي أَنَزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلاً وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِّن رَّبِّكَ بِالْحَقِّ فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ} صدق الله العظيم [الأنعام:114].
ولذلك تجدون الإمام المهديّ ناصر محمد اليماني يأتيكم بتفصيل آياتٍ في القرآن بآياتٍ أخرى جعلها الله بياناً لتلك الآيات كونها تنزّلت آيات البيان في نفس القرآن لتكون مبيّنات لآيات أُخَرْ في القرآن. تصديقاً لقول الله تعالى: {لقَدْ أَنْزَلْنَا آيَاتٍ مُبَيِّنَاتٍ وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴿٤٦﴾} صدق الله العظيم [النور].
وتلك الآيات المُبيِّنات هي ذاتها الآيات البَيِّنات المحكمات من آيات أمّ الكتاب لا تحتاج إلى بيانٍ كونها آيات بيّنات لعلماء الأمّة وعامة النّاس؛ كلّ ذي لسانٍ عربيٍّ مبينٍ. تصديقاً لقول الله تعالى: {وَلَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَمَا يَكْفُرُ بِهَا إِلاَّ الْفَاسِقُونَ (99)} صدق الله العظيم [البقرة].
وفي ذلك سرّ هيمنة سلطان العلم للإمام المهديّ ناصر محمد اليماني، وما جادله أحدٌ من القرآن سواء من علماء الأمّة أو عامتهم إلا غلبتُه بسلطان العلم المُلجِم من محكم كتاب الله القرآن العظيم، ذلك وعدٌ من الله غير مكذوب سبحانه وتعالى علواً كبيراً!
ويا أبا المودة، نصيحتي لك أن لا تقُل على الله بالظنّ الذي لا يغني من الحقّ شيئاً، واعلم أنّ بيان القرآن لا ينبغي أن يناقض بعضه بعضاً، وما كان بياناً باطلاً فمن عند أنفسكم فإن استقام لكم المعنى في نظركم في آيةٍ لما تشتهون فسوف تقف لكم آيةٌ أخرى بالمرصاد فتخالف مفهومكم الخاطئ؛ بل البيان الحقّ للقرآن لن تجد فيه تناقضاً ولا اختلافاً شيئاً بل كالبناء المرصوص يقوّي بعضُه بعضاً، اللهم قد بلغت اللهم فاشهد، وسلامٌ على المرسلين والحمد لله ربّ العالمين..
أخو الصالحين في دين الله من الإنس والجانّ وملائكة الرحمن؛ الإنسان الذي علّمه الرحمن البيان الشامل للقرآن؛ الإمام المهديّ ناصر محمد اليماني.
ــــــــــــــــــ