- 3 -
الإمامُ ناصِرُ مُحَمَّدٍ اليَمانِيُّ
29 - 10 - 1430 هـ
18 - 10 - 2009 مـ
02:39 صباحاً
ــــــــــــــــــــ
مزيدٌ من التّفصيل من حقائق القول الثّقيل ..
بسم الله الرحمن الرحيم، من الإمام المهديّ إلى الحقّ، والحقّ أحقّ أن يتّبع، فهل وجدتم إعادة الخلق في محكم كتاب الله هو الموت أم إنّكم وجدتم أنّه البعث وعلمتم بأنّ إعادة الخلق أي البعث كما خلقه أوّل مرّةٍ؟ تصديقاً لقول الله تعالى: {وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَىٰ كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُم مَّا خَوَّلْنَاكُمْ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ وَمَا نَرَىٰ مَعَكُمْ شُفَعَاءَكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَاءُ لَقَد تَّقَطَّعَ بَيْنَكُمْ وَضَلَّ عَنكُم مَّا كُنتُمْ تَزْعُمُونَ} صدق الله العظيم [الأنعام:94].
والسؤال الذي أريد أن أوجّهه إلى كافّة علماء الأمّة من الذين يقولون على الله ما لا يعلمون: أليست الإعادة هي إعادة الشيء وليس هدمه؟
ويتّبعون التفاسير التي غيّرت بيان الكتاب من الحقّ إلى الباطل، ولكنّ الإمام المهديّ لا يقول على الله ما لم يعلم، وأفتى بالحقّ أنّ الإعادة للخلق هو إعادته من جديدٍ. ولن تجدوا في كتاب الله أبداً أنّه أفتاكم أنّ الإعادة هو الموت، أفلا تتّقون؟ وقال الله تعالى: {مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَىٰ} صدق الله العظيم [طة:55].
وإلى البيان الحقّ حقيقٌ لا أقول على الله إلّا الحقّ..
{مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ}: وهذا خلقهم الأوّل للحياة الأولى فلا جدال فيه حتى نأتي ببرهانه من محكم الكتاب.
ثم نأتي لبيان قول الله تعالى: {وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ}: وذلك هو بعث الرّجعة بإعادة خلق الكافرين المنكرين للبعث فيعيد الله خلقهم كما خلقهم أوّل مرّةٍ باستثناء عباده الصّالحين. تصديقاً لقول الله تعالى: {وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَىٰ كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُم مَّا خَوَّلْنَاكُمْ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ وَمَا نَرَىٰ مَعَكُمْ شُفَعَاءَكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَاءُ لَقَد تَّقَطَّعَ بَيْنَكُمْ وَضَلَّ عَنكُم مَّا كُنتُمْ تَزْعُمُونَ} صدق الله العظيم [الأنعام:94].
ثمّ نأتي لقول الله تعالى: {وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى}، وذلك هو البعث الثّاني لهم والشّامل للكافرين والصالحين.
ويا علماء أمّة الإسلام، إنّي والله لا أخشى على المسلمين فتنة المسيح الدجّال شيئاً ولكنّي أخشى على المسلمين فتنة علمائهم الذين لا يعلمون؛ مِنَ الذين يتجرّأون أن يقولوا على الله ما لا يعلمون؛ أليس القرآن كلام الله؟ فإذا علّمتم الناس بيانه بغير الحقّ المقصود فقد أضللتم أنفسكم وأمّتكم عن البيان المقصود من كلام الله إليكم، أفلا تتّقون؟ ولذلك تجدون فتوى المعاد أنّه يقصد بها البعث وليس الموت تصديقاً لما جاء في جميع محكم كتاب الله بالفتوى الحقّ أنّ الإعادة هي إعادة الخلق من جديدٍ ولكنّكم لا تفهمون قرآنكم الذي هو بلغتكم أنّ الإعادة هي إعادة الشيء من جديدٍ، وجعلتم جلّ اهتمامكم في التّغنّي بالقرآن والغنّة والقلقلة والتّجويد ومخارج الحروف، ولكنّكم لا تتدبّرون كلام الله إليكم! ألا والله لو يبعث أحدكم برسالةٍ إلى آخر كان عليه عزيزاً فإنّه سوف يتدبّر ما يريد منه صديقه في هذه الرسالة إليه من شخصٍ يعزّ عليه، وكذلك الله أرسل إليكم رسالةً على لسان نبيّه محمّدٍ صلّى الله عليه وآله وسلّم. تصديقاً لقول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّـهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} صدق الله العظيم [المائدة:67].
ولكنّكم لا تتدبّرون رسالة الله العليّ العظيم إلى الإنسان المهين فلا يكاد يُبين بين مخلوقاته؛ ومن أيّ شئٍ خلقه! وصدق ربّي بقوله: {قُتِلَ الْإِنسَانُ مَا أَكْفَرَهُ ﴿١٧﴾ مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ ﴿١٨﴾ مِن نُّطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ ﴿١٩﴾ ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ ﴿٢٠﴾ ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ ﴿٢١﴾ ثُمَّ إِذَا شَاءَ أَنشَرَهُ ﴿٢٢﴾ كَلَّا لَمَّا يَقْضِ مَا أَمَرَهُ ﴿٢٣﴾} صدق الله العظيم [عبس].
فما خطبكم لا تتدبّرون رسالة الله إليكم يا معشر المسلمين والناس أجمعين؟ وما دعاكم الإمام المهديّ إلى شيءٍ جديدٍ بل إلى القرآن العظيم رسالة الله إليكم فاتّخذتموه مهجوراً، وأكاد أن أشكو إلى ربّي ما شكاه إليه جدّي من قبل. وقال الله تعالى: {وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَٰذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا ﴿٣٠﴾} صدق الله العظيم [الفرقان:30].
ويا علماء الأمّة، لقد أنزل الله قرآنه وبيانه لو كنتم تتدبّرون كتاب الله حقّ تدبّره لوجدتم أنّ كتاب الله يفسّر بعضه بعضاً، ولكنّكم تأخذون الآية وتريدون تفسيرها أنتم، وما يدريكم يا قوم هل تقولون على الله الحقّ أم إنّكم علّمتم أمّتكم قولاً لم يقله الله لعباده؟ فمن ينجيكم من عذاب الله يا أهل التفسير لكتاب الله بالاجتهاد حسب نظرتكم القصيرة؟ ومن يريد أن يفسّر أيّ آيةٍ لا تزال بحاجةٍ للتفسير من ذات نفسه فإنّي أتحدّى أن يفسّرها بالحقّ بل سوف يقول على الله ما لم يعلم إذا فسّرها معتمداً على ذاتها فقط ما لم يتدبّر الكتاب حتى لا يخالف تفسيره آيةً أخرى محكمةً في كتاب الله، فالحذر الحذر، وبسبب ذلك أضللتم أمّتكم وأنفسكم عن كثيرٍ من حقائق الكتاب، وحتى لو صدق الشّيعة الاثنا عشر بعقيدة الرّجعة فإنّهم تجرّأوا على الله وفسّروا القرآن بالظّنّ الذي لا يغني من الحقّ شيئاً حسب ما يشتهون، وكذلك أهل السّنّة، وكذلك كثيرٌ من علماء الأمّة، ولو أنّهم استمسكوا بالقرآن المحكم الواضح الذي لا يحتاج إلى تفسيرٍ وتركوا تأويل القرآن الذي لا يزال بحاجةٍ للتأويل حتى يبعث الله من يفسّره لهم خير تفسيرٍ لما ضلّوا أبداً عن الصّراط ولما اختلفوا وتفرّقوا، ولكنّهم كانوا يفسّرون الكتاب حسب هواهم، والأعجب من ذلك أنّهم أحياناً نظراً لقلّة علمهم يغيّرون الكلمة عن موضعها وليس في القرآن فقط بل حتّى في لغتهم كمثال الإعادة للشيء وهو إرجاعه إلى ما كان عليه من قبل هدمه وكذلك الإعادة في كتاب الله لم تتغيّر شيئاً ولكنّكم جعلتموها الهدم والموت! ولكن لو تدبّرتم كتاب الله لما وجدتم قطّ أنّ الإعادة هي الهدم والموت بل إعادة الشيء كما خلقه الله أوّل مرّةٍ.
وقال الله تعالى: {وَقَالُوا أَإِذَا كُنَّا عِظَامًا وَرُفَاتًا أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقًا جَدِيدًا ﴿٤٩﴾ قُلْ كُونُوا حِجَارَةً أَوْ حَدِيدًا ﴿٥٠﴾ أَوْ خَلْقًا مِّمَّا يَكْبُرُ فِي صُدُورِكُمْ فَسَيَقُولُونَ مَن يُعِيدُنَا قُلِ الَّذِي فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ ۚ فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُءُوسَهُمْ وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هُوَ قُلْ عَسَىٰ أَن يَكُونَ قَرِيبًا ﴿٥١﴾ يَوْمَ يَدْعُوكُمْ فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ وَتَظُنُّونَ إِن لَّبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا ﴿٥٢﴾} [الإسراء].
وقالَ اللهُ تعالى: {قُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَمَا يُبْدِئُ الْبَاطِلُ وَمَا يُعِيدُ} [سباء:49].
قال اللهُ تعالى: {إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا وَعْدَ اللَّـهِ حَقًّا إِنَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ بِالْقِسْطِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ شَرَابٌ مِّنْ حَمِيمٍ وَعَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ} [يونس:4].
قال اللهُ تعالى: {قُلْ هَلْ مِن شُرَكَائِكُم مَّن يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ قُلِ اللَّـهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ فَأَنَّىٰ تُؤْفَكُونَ} [يونس:34].
وقال اللهُ تعالى: {أَمَّن يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَمَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَإِلَـٰهٌ مَّعَ اللَّـهِ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ} [النمل:64].
وقال اللهُ تعالى: {أَوَلَمْ يَرَوْا كَيْفَ يُبْدِئُ اللَّـهُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ إِنَّ ذَٰلِكَ عَلَى اللَّـهِ يَسِيرٌ} [العنكبوت:19].
وقال اللهُ تعالى: {اللَّـهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} [الروم:11].
وقال اللهُ تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلَىٰ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [الروم:27].
وقال الله تعالى: {وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَىٰ كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُم مَّا خَوَّلْنَاكُمْ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ وَمَا نَرَىٰ مَعَكُمْ شُفَعَاءَكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَاءُ لَقَد تَّقَطَّعَ بَيْنَكُمْ وَضَلَّ عَنكُم مَّا كُنتُمْ تَزْعُمُونَ} [الأنعام:94].
صدق الله العظيم.
ويا علماء أمّة الإسلام، أقسم بالله العظيم أنّ البشر قد دخلوا في عصر يوم القيامة بحسب أيّام الرّبّ في الكتاب. تصديقاً لقول الله تعالى: {وَإِنَّ يَوْمًا عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ} صدق الله العظيم [الحج:47]، وفي خلاله تحدث كافّة الأشراط الكبرى للسّاعة ولكنّكم لا تعلمون، وسبق وأن وجّهت إليكم سؤالاً وقلنا: إلى متى أنظر الله إبليس فأجاب الله طلبه فتنةً لطاعتكم لله؟ فأنظره إلى يوم يبعثون. فإذا كان ظنّكم أنّه يقصد يوم البعث الشامل يوم يقوم الناس لربّ العالمين فإنّكم لخاطِئُون فأصبح حسب عقيدتكم أنّ الشيطان لن يموت وذلك لأنّه منظرٌ إلى يوم البعث الشّامل، ولكنّي لا أجد في كتاب الله أنّه يوجد هناك موتٌ لأحدٍ من بعد البعث الشامل يوم يقوم الناس لربّ العالمين وتجدوا الشيطان لن يموت من بعد البعث الشامل بل موجودٌ وسوف ينطق بالحقّ، ويقول: {وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّـهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ إِلَّا أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنفُسَكُم مَّا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنتُم بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِن قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} صدق الله العظيم [ابراهيم:22].
وها أنتم تجدونه موجوداً ولن يموت من بعد البعث الشامل؛ بل سوف يدخله الله النار هو وحزبه الذين استجابوا لدعوته من أصحاب السّعير. تصديقاً لقول الله تعالى: {إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ} صدق الله العظيم [فاطر:6].
والسؤال الذي يطرح نفسه: فما هو المقصود من دعوته لربّه: {قَالَ أَنظِرْنِي إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ ﴿١٤﴾ قَالَ إِنَّكَ مِنَ الْمُنظَرِينَ ﴿١٥﴾ قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ ﴿١٦﴾ ثُمَّ لَآتِيَنَّهُم مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَن شَمَائِلِهِمْ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ ﴿١٧﴾} صدق الله العظيم [الأعراف].
فما يقصد بقوله إلى يوم يبعثون؟ ويقصد إلى يوم القيامة قال: {قَالَ أَرَأَيْتَكَ هَـٰذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلَّا قَلِيلًا} صدق الله العظيم [الإسراء:62].
والبشر الآن في يوم القيامة حسب أيّام الله وخلاله تحدث كافة أشراط السّاعة الكبرى تترى كما علّمكم الله كيف تعلمون أيّان يوم القيامة حسب أيام الله في الكتاب ذكرى لأولى الألباب.
ويا علماء الأمّة، اتّقوا الله فالوقت صار قصيراً ولم نبيّن لكم من أسرار الكتاب إلا قليلاً، وأكرّر القول الموجّه إليكم وأقول والله إنّي لا أخشى على المسلمين فتنة المسيح الدجّال والذي هو ذاته (المُبلِس من رحمة الله) الشيطان الرجيم المُنظَر إلى يوم البعث الأوّل، ويريد أن يدّعي الرّبوبيّة ويقول أنّه مَن بعث الأموات ولكنّي أخشى على المسلمين فتنة علمائهم لأنّ المبعوثين ممّن أهلكهم الله وكانوا كافرين سوف يبعثهم الله فيعيدهم إليكم فلن تستطيعوا أن تكذّبوا الأموات لأنّ منهم من تعرفونهم ولكنّهم لن يدعوا الناس إلى الكفر لأنّهم قد أخذوا نصيبهم الأوّل من العذاب من بعد الموت وأنتم لا تعلمون؛ بل هم يريدون أن يتّبعوا الحقّ لأنّهم طلبوا من الله أن يعيدهم إلى الدّنيا ليعملوا صالحاً، وقال الله تعالى: {حَتَّىٰ إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ ﴿٩٩﴾ لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ ۚ كَلَّا ۚ إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا ۖ وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ ﴿١٠٠﴾} صدق الله العظيم [المؤمنون].
فما هي الكلمة التي هو قائلها سبحانه؟ والجواب من محكم الكتاب، قال الله تعالى: {وَحَرَامٌ عَلَىٰ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا أَنَّهُمْ لَا يَرْجِعُونَ ﴿٩٥﴾ حَتَّىٰ إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ} صدق الله العظيم [الأنبياء:95-96].
وذلك لأنّ البعث مربوطٌ سرّه بخروج يأجوج ومأجوج فتنةً للنّاس أجمعين، وقال الله تعالى: {قَالَ هَـٰذَا رَحْمَةٌ مِّن رَّبِّي فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا ﴿٩٨﴾ وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَجَمَعْنَاهُمْ جَمْعًا ﴿٩٩﴾ وَعَرَضْنَا جَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ لِّلْكَافِرِينَ عَرْضًا ﴿١٠٠﴾} صدق الله العظيم [الكهف].
ويا أمّة لا إله إلّا الله، يا عباد الله اتّقوا الله! فوالله الذي لا إله غيره ولا معبودَ سواه لئن لم تصدّقوا بالبيان الحقّ للكتاب فتتّبعوا المهديّ المنتظر أنّكم سوف تُفتنوا فتُصدّقوا أنّ المسيح الكذّاب هو حقّاً ربّ العالمين وهو يكلّمكم جهرةً ويقول لكم: ألم تروا نار جهنّم الكبرى قد عرضناها عليكم عرضاً، فمن أتى بها سوانا؟ ويقول لكم: ألم تروا أمواتكم قد بعثناهم فمن بعثهم سوانا؟ وأمّا الجنّة التي وعدتكم بها فإنّها من تحت الثّرى باطن أرضكم، ثم تفتنون لأنّكم لن تستطيعوا أن تقولوا أنّ ذلك سحرٌ أبداً لأنّكم حقّاً سوف ترون النار قد تمّ عرضها للكافرين فمرّت بجانب أرضكم وكذلك الجنّة حقاً تجدونها حقاً على الواقع الحقيقيّ من تحت أرضكم، وكذلك الأموات يكلّمونكم قد تمّ بعثهم من قبورهم، وأمّا الذين لن تجدوهم من الذين كانوا يعبدون الله فسوف يقول أولئك قد ألقيناهم في نار جهنّم، ألا لعنة الله عليه لعناً كبيراً فكم المهديّ المنتظر متشوّقٌ للقاء عدوّ الله وعدوّ المؤمنين.
ويا أمّة الإسلام يا حجّاج بيت الله الحرام، إذا لم تصدّقوا المهديّ المنتظر الذي ابتعثه الله لينقذكم وكافّة الأمم من فتنة المسيح الكذّاب فلن تستطيعوا أن تكذّبوه فكيف سوف تكذّبون بالنار وقد تمّ عرضها أمام أعينكم فمرّت بجانب أرضكم من الأعلى من جهة القطبين وكذلك المبعوثين من كافّة الأمم الذين أهلكهم الله بسبب التّكذيب لرسل ربهم وكذلك الجنّة تجدونها باطن أرضكم، ولكنّي أشهد الله عليكم وكافّة الأنصار الموقنين بالبيان الحقّ لكتاب ربّهم أنّي قد فصّلت لكم الحقّ تفصيلاً لعلّكم تتّقون، وأفتيتكم إنّما الجنّة التي باطن أرضكم إنّما هي الجنّة التي كان فيها أبواكم آدم وحوّاء وأخرجهم منها الشيطان الرّجيم إلى حيث أنتم وبقي الشيطان وقبيله من شياطين الجنّ والإنس من كلّ جنسٍ باطن أرضكم وحذّركم الله فتنتهم. وقال الله تعالى: {يَا بَنِي آدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم مِّنَ الْجَنَّةِ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ} صدق الله العظيم [الأعراف:27]، ألا والله إنّي لا أخشى على المسلمين والنّاس أجمعين فتنة الشّيطان الرّجيم المسيح الكذّاب ولكنّي أخشى على الأمم فتنة علماء المسلمين من الّذين اتّبعوا ما يخالف لكتاب الله ويحسبون أنّهم مهتدون.
ويا أمّة الإسلام ويا حجّاج بيت الله الحرام إنّما البعث بعثان فلا يفتنكم عدوّ الله فليس هو من بعثهم؛ بل الله بعثهم وليس له أيّ علاقةٍ ببعثهم، وإنّما قدّر الله للشّياطين من يأجوج ومأجوج وإبليس الذين هم له عابدون الخروج من باطن الأرض في ميقات البعث الأوّل فتنةً للأحياء منكم وللأموات المبعوثين في البعث الأوّل، وذلك لأنّ المسيح الكذّاب فتنةً للأحياء والأموات. تصديقاً لقول الله تعالى: {وَحَرَامٌ عَلَىٰ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا أَنَّهُمْ لَا يَرْجِعُونَ ﴿٩٥﴾ حَتَّىٰ إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ} صدَق اللهُ العظيم [الأنبياء:95-96].
وقال اللهُ تعالى : {قَالَ هَـٰذَا رَحْمَةٌ مِّن رَّبِّي فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا ﴿٩٨﴾ وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَجَمَعْنَاهُمْ جَمْعًا ﴿٩٩﴾ وَعَرَضْنَا جَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ لِّلْكَافِرِينَ عَرْضًا ﴿١٠٠﴾} صدق الله العظيم [الكهف].
فاتّقوا الله فليس المسيح الكذّاب والذي سوف يقول أنّه الله ربّ العالمين مَن أتى بنار جهنّم، وليس المسيح الكذّاب من بعث أموات الأمم الذين أهلكهم الله من قبلكم وكانوا مجرمين وليس المسيح الكذّاب من خلق جنّة الله من تحت الثّرى بل الله هو من أتى بالنّار فعرضها أمام أعينكم بقدرٍ مقدورٍ في الكتاب المسطور، بل الله من بعث أمواتكم من الذين أهلكهم الله من قبلكم المكذّبين برسل ربّهم وليس المسيح الدجّال ربّ الأرض ذات المشرقين التي فيها جنّة الله باطن أرضكم فاتّقوا الله وصدّقوا كلام الله ربّي وربّكم وما كان لكم أن يكلّمكم الله الذي خلقكم جهرةً سبحانه بل من وراء حجاب الغمام. تصديقاً لقول الله تعالى: {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ اللَّـهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِن وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ} صدق الله العظيم [الشورى:51].
بمعنى أنّه ما كان لكم أن يكلّمكم الله جهرةً، ألا تتّقون؟ بل المسيح الكذّاب يكلّمكم جهرةً وأنتم ترونه، أفلا تعقلون؟ بل هو الشّيطان الرّجيم وسبق التّحذير منه لكافّة الأمم. تصديقاً لقول الله تعالى: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّـهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُم مَّنْ هَدَى اللَّـهُ وَمِنْهُم مَّنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلَالَةُ} صدق الله العظيم [النحل:36].
اللهمّ قد بلّغت، اللهمّ فاشهد.. لا قوّة إلّا بالله العليّ العظيم إنّا لله وإنّا إليه لراجعون.
ويا علماء الأمّة إنّ الإمام المهديّ يريد أن يظهر لكم بالحقّ فصدّقوا بالحقّ ليتمّ الظّهور وإن أبيتُم أظهرني الله على مسلمكم وكافركم في ليلةٍ واحدةٍ وأنتم صاغرون.
وسلامٌ على المرسلين، والحمد لله ربّ العالمين..
خليفة الله؛ الإمام المهديّ ناصر محمّدٍ اليمانيّ.
____________