الإمام المهديّ ناصر محمد اليماني
07 - ربيع الثاني - 1431 هـ
23 - 03 - 2010 مـ
12:30 صباحًا
( بحسب التّقويم الرّسميّ لأمّ القُرَى )
___________
{إِن تُسْمِعُ إِلَّا مَن يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا فَهُم مُّسْلِمُونَ} صدق الله العظيم ..
بِسْمِ الله الرّحمن الرّحيم، وسَلامٌ على المُرسَلين، والحمدُ لله ربِّ العالَمين ..
الأخ أحمد شعبان، ليتَنِي أعلمُ متى سَوفَ يُنيرُ الله قلبَك بالحقّ مِن ربّك! فما لكَ ولَهْو الحديثِ الذي تأتينا به أخي الكريم؟ إنّما تشغَلُ الأنصارَ والزُّوّارَ بقراءة ما لم يَستَفيدوا منه شيئًا.
ويا أخي الكريم لا تَشتَرِ لَهْوَ الحديثِ بآياتٍ والبيانِ الحقّ للقرآن العظيم الذي يُنيرُ القلوبَ فيَزيدها نورًا على نورٍ كلما تدّبَّر وتفكّر في البيانِ الحقّ للذِّكرِ يَزيدُه الله به نورًا.
ويا أخي الكريم كُن مِن الشّاكرينَ أن أعثَرَكَ الله على دعوة المهديّ المنتظَر في عَصرِ الحِوارِ مِن قبلِ الظُّهور، فتَصَوَّرْ كم ندَمُكَ عَظيمٌ لو لم يَجعَلكَ اللهُ مِن الأنصارِ السّابِقينَ الأخيار في عَصرِ الحِوارِ مِن قبل الظُّهور! وأقسِمُ بالله العظيم إذا لم تتّبِع الحقّ مِن ربِّكَ أنّه سَوف يأتي يومٌ تقول فيه: "يا ليتَنِي اتّخذتُ مع الإمام المهديّ سبيل الحقّ إلى ربّ العالَمين فيَجعلني ربّي مِن المُقرّبين ومِن أحبابه الذين وَعدَ بهم في الكتابِ المُبين"، وقال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّـهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} صدق الله العظيم [سورة المائدة: 54].
أولئِك قومٌ استَجابوا لِحُبِّ الله وتنافَسُوا في حُبّهِ وقُربهِ ونَعيمِ رضوانِ نفسِه، أم ترَى أنّه ذَكَر في المَوضِع جنّةً أو نارًا؛ بل ذكَر الحُبّ فقط وذلك لأنّ جِهادَهم وإنفاقَهم ودَعوَتهم إلى ربّهم هو لأنّهم يُحِبُّونَ الله ويَطمَعونَ في حُبّ ربّهم وقُربِه ونعيمِ رِضْوانِ نفسِه حتى يَرضَى، فكُن منهم يا أحمد شعبان وكُن مِن الشّاكرين أن أعثَرَكَ على دَعوةِ الإمام المهديّ في عَصرِ الحِوارِ مِن قبلِ الظّهورِ، وكُن مِن الشّاكرينَ أن جعَلكَ في الأمّة التي بعثَ فيها المهديّ المنتظَر؛ أفلا تَرى الأمّة التي بعثَ فيها محمدًا رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم؟ أفلا ترَى أنّ الذين صدَّقوا أمْرَهُ وشَدُّوا أزرَه بادِئَ أمرِه جعَلهم الله مِن المُكرّمين وأشهَرَهُم للعالَمين إلى يومِ الدِّينِ ورفَع لهم ذِكرَهم وصارَت أُمَم المسلمينَ يَعلمونَ بالصّحابةِ المُكرّمينَ الذين صدّقوا محمدًا رسول الله - صلّى الله عليه وآله وسلّم - وشَدُّوا أزرَهُ مِن قبلِ التّمكين؟ أمّا الذين أسْلَموا مِن بعدِ فتحِ مكة، فهل تَجِدُهم يَستَوُونَ هم والذين آمنوا وصدّقوا واتّبَعوا ونصَروا مِن قبل أن يأتِي الفتحُ المُبين، فلن تَجِدَهم يَستَوُونَ مَثلًا، وكُلًّا وعَدَ الله الحُسنَى ولكنّ الفرقَ عظيمٌ تصديقًا لقول الله تعالى: {وَمَا لَكُمْ أَلَّا تُنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّـهِ وَلِلَّـهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ لَا يَسْتَوِي مِنكُم مَّنْ أَنفَقَ مِن قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ ۚ أُولَـٰئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِّنَ الَّذِينَ أَنفَقُوا مِن بَعْدُ وَقَاتَلُوا ۚ وَكُلًّا وَعَدَ اللَّـهُ الْحُسْنَىٰ ۚ وَاللَّـهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ﴿١٠﴾} صدق الله العظيم [سورة الحديد].
وكذلك في أمّة المهديّ المنتظَر فلا يَستَوُونَ مَثَلًا الذين صدّقوا المهديّ المنتظَر في عَصرِ الحِوارِ مِن قبلِ الظُّهور وشَدُّوا أزرَهُ مِن قبل التّمكينِ بالفتحِ المُبين ثمّ يُؤمِنُ الناس أجمعون مِن بعدِ الفتحِ المُبينِ بالدخانِ المُبينِ، فهل تَرَونَهم يَستَوُونَ هم والذين صدّقوا المهديّ المنتظَر وشَدُّوا أزرَهُ مِن قبل التّمكينِ بالفتحِ المُبين؟ أم أنّكم لا تَعلمونَ بالفتحِ المُبينِ للمهديّ المنتظَر؟ بل والله الذي رفَعَ السّماءَ بلا عَمَدٍ تَرَونَها أنَّ الفتحَ للمهديّ المنتظَر مِن ربّ العالَمين لهُوَ أعظمُ وأكبَر فَتحٍ في تاريخِ البشر، فيُظهِر الله خليفتَه على كافّة أُمَمِ البَشرِ وهم صاغِرون، فهل تَرَوْنهم مُكرمين الذين آمنوا بعد أن جاء الفتحُ المُبين بسبب آية الدخان المُبين الذي يَرتَقِب لها المهديّ المنتظَر مِن ربّه ليُظهِرَه بها على العالَمين؛ الذين أعرَضوا عن دَعوَتِه واستَهانوا بأمرِه وهو خليفة الله عليهم يَدعُوهم إلى سَبيلِ الله على بَصيرةٍ مِن ربّه (ذِكر العالَمين) فإذا هم عن الحقّ مُعرِضون (عن الذِّكرِ الحكيمِ) مِن قبل أن يأتي المهديّ المنتظَر ومِن بعدِ أن بعثَه الله إليهم ليُذكّرهم به فإذا أكثَرهم عن الحقّ مُعرِضون؟! ولذلك نَرتَقِبُ لآية الدخانِ المُبينِ آية التّصديقِ مِن ربّ العالمين ومِن ثمّ يُؤمِنُ بالحقّ الناس أجمعون وذلك هو الفتحُ المُبين تصديقًا لقول الله تعالى: {فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُّبِينٍ ﴿١٠﴾ يَغْشَى النَّاسَ ۖ هَـٰذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴿١١﴾ رَّبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذَابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ ﴿١٢﴾} صدق الله العظيم [سورة الدخان].
فذلك هو الفَتحُ الأكبَرُ للمهديّ المنتظَر على كافّة البشَر فيُظهره الله عليهم بآية العذابِ الأليمِ فيُهلك قُرًى ويُعذّب أخرى تصديقًا لقول الله تعالى: {وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هَـٰذَا الْفَتْحُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ﴿٢٨﴾ قُلْ يَوْمَ الْفَتْحِ لَا يَنفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِيمَانُهُمْ وَلَا هُمْ يُنظَرُونَ ﴿٢٩﴾} صدق الله العظيم [سورة السجدة].
فهل ترَى أنّ الذين أنظَروا إيمانهم مِن المسلمين حتى جاءَ الفتحُ المُبينُ بآيةِ العذابِ الأليمِ، فهل ترَى أنّهم سواءٌ في التّكريمِ عندَ الله وخليفته؟ هيهات.. هيهات، ألا والله الذي لا إله غيره ربّي وربّكم إنّ الذين صدَّقُوا المهديّ المنتظَر واتّبَعوهُ وشَدُّوا أزرَهُ لَيَجعَلهم الله مِن المُكرّمين ولَمِن المُقرّبين، فكَم يَستَوصيني بهم جدّي وحبيبي محمد رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، وإنّما ذلك مُجَرَّد بُشرَى لهم في الدنيا، فكيفَ بالتّكريمِ لهم عند ربّهم فيَجعَلهم مِن أحبابِه المُقرَّبينَ ويَحشُرهم على مَنابِرَ مِن نورٍ يومَ يَقومُ الناس لربّ العالَمين يَغبِطُهم الأنبياءُ والشُّهداء وهم ليسوا بأنبياءَ ولا شُهَداء؛ بل استَجابُوا لداعي حبّ الله فاجتَمعوا في حبّ الله مِن مُختَلَفِ دُوَلِ العالَمين وساعَدُوا المهديّ المنتظَر لتَحقيقِ النّعيم الأعظمِ حتى يكونَ الله راضِيًا في نفسِه وليسَ مُتَحسِّرًا ولا حزينًا على عبادِه الذين ضلّ سَعيُهم في الحياةِ الدُّنيا وهم يَحسَبُونَ أنّهم يُحسِنونَ صُنعًا، فكُن مِن الشّاكرين وكُن مِنهُم يا أحمد شعبان، كُن مِن أتباعِ المهديّ المنتظَر لِهَدْيِ البشر بالبَصيرةِ الحقّ للذّكر حُجة الله على البشر مِن ربّ العالَمين، ولا تكِن مِن الذين فرّقوا دينَهم شِيعًا مِن بعد ما جاءَتهم البيناتُ مِن ربّهم وقالوا لا يَعلمُ تأويلَه إلّا الله وفرّقوا دينهم شيعًا، وتذَكّر يا أحمد شعبان قول الله تعالى: {وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِن بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ ۚ وَأُولَـٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴿١٠٥﴾} صدق الله العظيم [سورة آل عمران].
فلا تكُن سُنّيًّا ولا تكُن شيعيًّا ولا تكُن مِن أيِّ فِرقةٍ مِن فِرَقِ المسلمين الذين فرَّقوا دينَهم شيعًا؛ بل ادْعُ إلى ربّكَ بالبَصيرَةِ الحقّ مِن ربّ العالَمين ولا تَقُل وأنا مِن الشيعة ولا السُّنة ولا غيرهم؛ بل حنيفًا مُسلمًا ولا تكُن مِن المُشركين.
ويا أحمد شعبان، عجَبي مِن أمرِكم! فكيف تُريدونَ أن تُقنِعوا العالَم بدِينِكم وأنتم مُختَلِفونَ فيه؟ فلن يَستَجِيبُوا لكم لأنّهم حينَ يَرَوْنكُم مُختَلفين في دِينِكم يَشُكّونَ أن يكونَ هو الحقّ مِن ربّكم ويَذرونَكم ودِينكم دِين المُختَلفين، ولن تُقنِعوا العالَم بالدُّخولِ في دِين الإسلام حتى تَجتَمِعوا على كلمةٍ واحدةٍ جميع المسلمين وتَنبُذوا الطَّعنَ في دينِ بَعضكُم بَعضًا، وذلك لأنّ العالَم الآخر يَنظُرونَ إلى المسلمين فإذا الشيعة يقولون: إنّ السُّنة على ضَلالٍ وليسَ أهل السُّنة على شيءٍ! وكذلكَ أهل السُّنة يقولون: إنّ الشيعة على ضَلالٍ وليست الشيعة على شيءٍ! وهم يَتلونَ الكتابَ كما كان يَتلوهُ اليهود والنّصارى، وقال الله تعالى: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَىٰ عَلَىٰ شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَىٰ لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَىٰ شَيْءٍ وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ ۗ كَذَٰلِكَ قَالَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ ۚ فَاللَّـهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ ﴿١١٣﴾} صدق الله العظيم [سورة البقرة].
أفلا تَعلمُونَ مَن يَقصِدُ الله بقوله تعالى: {كَذَٰلِكَ قَالَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ} صدق الله العظيم؟ وإنّه يَقصدُ الشيعة والسّنة أنّهم قالوا كما قالت اليهود والنّصارى: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَىٰ عَلَىٰ شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَىٰ لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَىٰ شَيْءٍ وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ} صدق الله العظيم.
وبرغم أنّهم يَتلونَ كِتابَ الله التّوراة والإنجيل مِن قبل التّحريفِ، ولكنّهم لم يُقيموا التّوراة والإنجيل والقرآن، وقال الله تعالى: {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَىٰ شَيْءٍ حَتَّىٰ تُقِيمُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنجِيلَ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ ۗ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِّنْهُم مَّا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا ۖ فَلَا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ ﴿٦٨﴾} صدق الله العظيم [سورة المائدة].
وكذلك نقولُ لكم يا معشَر الشيعة والسُّنة؛ لستُم على شيءٍ جميعًا حتى تُقيمُوا كتابَ الله القرآن العظيم؛ أفلا تَعقِلون؟! فاتَّقوا الله واتّبِعوا الإمام المهديّ الذي يَهديكُم إلى الحقِّ ويَحكُم بينكم بإذن الله فيما كنتم فيه تَختَلفون لعلّكم تتّقون.
وكذلك يا معشَر الفِرَقِ الأخرى مِن الذينَ فرّقوا دينَهم شِيَعًا مِن المسلمين فلا تَحسبوا المهديّ المنتظَر راضٍ عنكم كونَه دائمًا مُرَكِّزٌ على السُّنة والشيعة، وإنّما نُرَكِّزُ عليهم لأنّ أشدّ العَداوَة والبَغضاء بين المسلمين هي بين الشيعة والسُّنة فيَلعَن بَعضهُم بَعضًا ويفتِي بَعضهُم بقَتلِ بعضٍ وضلّوا ضَلالًا كبيرًا وهم مِن أكبَر الفِرَقِ الإسلاميّة الذين فرَّقوا دينهم شِيَعًا، فاتّقوا الله جميعًا يا أمّة الإسلام يا حُجاج بيتِ الله الحرام واستَجيبُوا لداعي الله وأطيعوا أمرَ الله في مُحكَمِ كتابِه:
{أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ} [سورة الشورى: 13].
{وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ ﴿٣١﴾ مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا ۖ كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ ﴿٣٢﴾} [سورة الروم].
{إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ ۚ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّـهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ ﴿١٥٩﴾} [سورة الانعام].
{وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِن بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ ۚ وَأُولَـٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴿١٠٥﴾} [سورة آل عمران]. صـــدق الله العظيــم.
فلماذا يا معشَر المسلمين تَضرِبونَ بأمرِ الله المُحكَم في آياتِ أمّ الكتابِ البيّناتِ عَرْضَ الحائِط وكأنّكم لم تَسمَعوها أو كأنّكم لا تَعلمُونها، أفلا تَخافُونَ الله وعذابَه أم إنّكم لا تَعلمونَ ما هو ضَرُرُ التَّفرُّق في الدِّين على الدِّينِ؟ وذلك لأنّ العالَمين لن يُصدِّقوا دينَ الإسلام ولن يَتّبِعوه وهم يَرَونَ أنّكم مُختلفون فيه ويُكفّرُ بَعضكُم بعضًا ويَلعنُ بَعضكُم بعضًا، ويا سبحان ربّي! فكيف تُريدونَ إقناعَ الناس بدين الله دين الإسلام فيَدخُلونَ فيه، أفلا تَعقِلون؟ بل قولوا لأنفسكم وأهل الكتابِ والناس أجمعين: يا أيّها الناس أجيبونا مَن خلقَ السّماوات والأرض؟ ومَعلومٌ جَوابهم سيَقولون: "الله"، وقال الله تعالى: {وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّـهُ ۖ فَأَنَّىٰ يُؤْفَكُونَ ﴿٦١﴾} صدق الله العظيم [سورة العنكبوت].
فكيف تَفتَرونَ آلِهةً تَعبُدونَها غير الله وهو الذي خلقَكم وخلقَ السّماواتِ والأرض؟! فتَعالوا إلى كلمةٍ سواءٍ بين العالَمين أن لا نَعبُدَ إلّا الله ولا نُشرِكَ به شيئًا ولا يتّخِذَ بَعضُنا بَعضًا أربابًا مِن دونِ الله، فإن أجابُوا دعوَتكم فقد اهتَدوا ولا يَغفِرُ الله أن يُشرَكَ به، فرَكّزوا في دَعوَتِكم على ذلك تُفلِحوا، فإذا أخلَصُوا لربّهم بصَّرَ الله قُلوبَهم، فمَا خَطبُكم تَنسونَ الله والدّعوة إليه وتَدعونَ إلى فِرَقِكُم وشِيَعِكُم أفلا تتّقون؟! فما خَطبُكم لا تفقَهون قولًا ولا تهتَدون سَبيلًا؟ فكيف إنّي أحاجّكم بآياتٍ بيّناتٍ وما يَكفُر بها إلّا الفاسِقون مِن أهلِ الكتابِ، فما خَطبُكم تفعَلونَ مِثلهم وتَحذونَ حَذوَهم؟ وقال الله تعالى: {وَلَمَّا جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِّنْ عِندِ اللَّـهِ مُصَدِّقٌ لِّمَا مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِّنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ كِتَابَ اللَّـهِ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ﴿١٠١﴾} صدق الله العظيم [سورة البقرة].
فهل اتّبعتُموهم حتى رَدّوكُم مِن بعدِ إيمانِكم كافِرين أم ما خَطبُكم وماذا دَهاكُم؟ وقال الله تعالى: {إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَىٰ وَلَا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاءَ إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ ﴿٨٠﴾ وَمَا أَنتَ بِهَادِي الْعُمْيِ عَن ضَلَالَتِهِمْ ۖ إِن تُسْمِعُ إِلَّا مَن يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا فَهُم مُّسْلِمُونَ ﴿٨١﴾ وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِّنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لَا يُوقِنُونَ ﴿٨٢﴾} صدق الله العظيم [سورة النمل].
أخوكُم الإمام المهديّ؛ ناصر محمد اليماني.
____________
[لقراءة البيان من الموسوعة]
https://nasser-alyamani.org/showthread.php?p=5160