- 4 -
الإمام ناصر محمد اليماني
18 - 11 - 1430 هـ
06 - 11 - 2009 مـ
10:57 مساءً
ـــــــــــــــــــ
كيف تعلمون هل صاحب التفسير يلوّي أعناق الآيات ..
{ سَلامٌ عَلَيْكُمْ لا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ } ..
بسم الله الرحمن الرحيم، وسلامٌ على المُرسلين، والحمدُ لله ربّ العالمين..
قال الله تعالى: {وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ لا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ} صدق الله العظيم [القصص:55].
ويا أيها الإدريسي الذي شبّه أحد أنصاري المُصدِّق بآيات الكتاب ومن المُكرّمين؛ أفتشبهه بالكلب أيّها الإدريسي؟ ولكني لن أجد في الكتاب أنَّ الذي مثله كمثل الكلب إلا من يُكذّب بآيات الكتاب. تصديقاً لقول الله تعالى: {فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَاقْصُصْ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (176) سَاءَ مَثَلاً الْقَوْمُ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَأَنفُسَهُمْ كَانُوا يَظْلِمُونَ (177)} صدق الله العظيم [الأعراف].
فاتّقِ الله يا مُسلم، وإنّما أحاجُّ الناس بآيات الكتاب ولم أُلْوِّ أعناقها كما تفترون، ألا والله لو اتَّبَعَ الإمام المهديّ هواك لاتخذته خليلاً وشهدت له بأنه المهديّ المنتظَر وأنه ذات الشخص الذي رأيته في المنام، وهيهات هيهات.. فنحن لا نتبع الأحلام وأكثرها من الشيطان، وإنما الرؤيا الصالحة إذا كانت صالحة أو موعظة فهي موعظة لصاحبها ولا ينبغي لنا أن نبني عليها فتاوى شرعية في الدين.
و أما بالنسبة لحجّتك أنّ محمداً رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- كان يحاجُّ الكافرين بالتي هي أحسن فنحن على ذلك سائرون ولكني أحاجُّ قوماً يؤمنون بالقرآن العظيم فأدعوهم للاحتكام إليه وهم عنه مُعرضون فبئس ما يأمرهم به إيمانهم بالإعراض عن الدعوة إلى الاحتكام إلى القرآن العظيم.
ويا أيها الإدريسي، إنما أعظك بواحدةٍ إذا أردت من ربِّك أن يُبصِّرك بالبيان الحقّ للقرآن العظيم فعليك أن تبحث عن الحقّ في بيانات ناصر محمد اليماني للقرآن العظيم بالتدبر بالعقل والفكر إن كُنت من أولي الألباب. تصديقاً لقول الله تعالى: {وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الألْبَابِ} صدق الله العظيم [البقرة:269].
وليست الإمّعات الذين يتّبعون الاتّباع الأعمى لأسلافهم، فقد أنذر الله طُلّاب العلم بالاتباع الأعمى. تصديقاً لقول الله تعالى: {وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولـئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً} صدق الله العظيم [الإسراء:36].
ألا والله إنّني الإمام المهديّ أنطق بالحقّ وأهدي إلى صراطٍ مستقيم، وشاهدي عليك أيها الإدريسي هو عقلك، وهل تدري لماذا؟ وذلك لأنّك إذا حكّمتَ عقلك فتدبّرت وتفكّرت في بيان ناصر محمد اليماني للقرآن العظيم فحتماً ستجد عقلك يُسلّم للحقّ تسليماً، وسوف تجد أنّ تفسير المهديّ المنتظَر لكتاب الله الذِّكر ليس تفسيراً بالرأي ولا بالاجتهاد بل تفسير المهديّ المنتظَر قُرآناً يأتيكم به من ذات القرآن وليس من رأسي من ذات نفسي، فهل تعلم من الذي يلوي عُنق الآيات؟ هم الذين يفسرون الآية بذاتها فيفسِّرونها حسب ما يرونها، فأولئك هم الذين يلوون أعناق الآيات حسب أهوائهم، وأعوذُ بالله أن أكون منهم ولستُ منهم في شيء، وهل تدري لماذا؟ لأنهم اتّبعوا أمر الشيطان وفسرّوا كلام الله بما لا يعلمون علم اليقين إن كانوا فسرّوه بالحقّ، ولو قُلت لأحدهم: "هيا اقسِم بالله إنّك لم تُفسر كلام الله إلا بالحق" فسوف يقول لك: "لا أعلم ذلك علم اليقين أنّني فسّرتُه بالحق فإن أخطأت فمن نفسي" ثم يردّ عليه المهديّ المنتظَر وأقول: فهل تراك اتبعت أمر الرحمن أم أمر الشيطان؟ فتعال لنحتكم إلى القرآن. وقال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (168) إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (169)} صدق الله العظيم [البقرة].
إذاً الفتوى في بيان كلام الله بغير علم من الرحمن هو أمر من الشيطان، فتعالوا لننظر أمر الرحمن: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ والْأِثْمَ وَالْبَغْيَ بغير الحقّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ} صدق الله العظيم [الأعراف:33].
ولسوف أفتيك بالحقّ وكُل من يُريد الحقّ كيف تعلمون هل صاحب التفسير يلوي أعناق الآيات، وأقول: إذا كان هذا المُفسِّر يلوي عُنق الآية فخذوا تفسيره لهذه الآية وقوموا بعرض تفسيره على آيات الكتاب المُحكمات، وحتماً إن كان قد قال على الله ما لم يعلم فحتماً سوف تجدون تفسيره قد تناقض مع آية مُحكمةٍ أو مع عدة آيات من آيات الكتاب المُحكمات لا شك ولا ريب، أو إذا أرجعتم تفسيره إلى العقل والمنطق فإذا كان غير الحقّ كذلك لا يقبله العقل والمنطق، ولكن بيان المهديّ المنتظَر للقرآن العظيم بالقرآن لا ولن تجدوا أن تفسيره قد جاء مُخالفاً لأيِّ آيةٍ في الكتاب بل سوف تجدون أنّ بيانه للقرآن كالبناء يشدُّ بعضه بعضاً مُتماسكٌ بالحقّ، ولا ولن تجدوا تناقضاً فيه شيئاً بإذن الله.
ذلك مما علمني ربي بوحي التفهيم وليس وسوسة شيطان رجيم فيُلهمني بسلطان العلم من ذات القرآن والحمدُ لله ربّ العالمين، وبما أن ثقتي في ربي المُعلم لعبده ثقةً مُطلقةً تجدونني أتحدّى بالبيان الحقّ للقرآن لا شك ولا ريب، ولكن للأسف الأخ الإدريسي يريد مهديّاً منتظَراً يأتي مُتبعاً لتفسير ابن عباس أو ابن فرناس! ولكن ما لي وللناس فلستُ إمّعة فقد يجوز أنّ التفسير هو حقاً لابن عباس أو مُفترى عن ابن عباس، ويجوز أنّ ابن عباس قال على الله بالظنّ الذي لا يُغني من الحقّ شيئاً، ولذلك لا تجدني أعتمد على الناس شيئاً في بياني للقرآن العظيم بل أستخدم عقلي، ألا والله إنّ عقل الإنسان هو المُستشار الأمين الذي لا يخون صاحبه ولا يخون ربه ولا يعمى عن الحق أبداً. تصديقاً لقول الله تعالى: {فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَـٰكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ ﴿٤٦﴾} صدق الله العظيم [الحج]
وهذه من الآيات المُحكمات فتوى من ربّ العالمين أن بصر العقل لا يعمى عن الحقّ إذا استخدمه صاحبه فَسَيُبَصِّره بالحقّ الذي يقبله العلم والمنطق، فإذا حكّم الإنسان عقله يفتيه بالحقّ، ولكن ليس للعقل على الإنسان سُلطانٌ برغم أنّه مُستشارٌ أمين لا يخون ربه ولا يخون صاحبه، وكما قلنا هذه الآية مُحكمة فتوى من ربّ العالمين {فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ} صدق الله العظيم، أي لا تعمى عن الحق. ومن ثم آتيكم بالسُلطان على هذا البيان ولكن ابن كثير قد حرّف سلطان الآية بالتفسير بالظن، فتعالوا للنظر سوياً في تفسير ابن كثير غفر الله له، وقال تفسير ابن كثير:
وبما أنّ الإمام ناصر محمد اليماني لا يقول على الله إلا الحقّ، أقول لكم: لقد فكّر إبراهيم عليه الصلاة والسلام أن يقيم على قومه الحُجة بالعقل والمنطق ولذلك قال الله تعالى: {وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ} صدق الله العظيم [الأنعام:83].
وقام بتحطيم جميع الأصنام إلا كبيراً لهم، وذلك حتى يُقيم عليهم الحُجّة بالحقّ، والهدف من ذلك لكي يُحَكِّموا عقولهم: كيف يعبدون هذه التماثيل التي لا يقبل عبادتها العقل والمنطق؟ وقال الله تعالى: {وَلَقَدْ آتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا بِهِ عَالِمِينَ ﴿٥١﴾ إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا هَـٰذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ ﴿٥٢﴾ قَالُوا وَجَدْنَا آبَاءَنَا لَهَا عَابِدِينَ ﴿٥٣﴾ قَالَ لَقَدْ كُنْتُمْ أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ﴿٥٤﴾ قَالُوا أَجِئْتَنَا بِالْحَقِّ أَمْ أَنْتَ مِنَ اللَّاعِبِينَ ﴿٥٥﴾ قَالَ بَلْ رَبُّكُمْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الَّذِي فَطَرَهُنَّ وَأَنَا عَلَىٰ ذَٰلِكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ ﴿٥٦﴾ وَتَاللَّـهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ بَعْدَ أَنْ تُوَلُّوا مُدْبِرِينَ ﴿٥٧﴾ فَجَعَلَهُمْ جُذَاذًا إِلَّا كَبِيرًا لَهُمْ لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ ﴿٥٨﴾ قَالُوا مَنْ فَعَلَ هَـٰذَا بِآلِهَتِنَا إِنَّهُ لَمِنَ الظَّالِمِينَ ﴿٥٩﴾ قَالُوا سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ ﴿٦٠﴾ قَالُوا فَأْتُوا بِهِ عَلَىٰ أَعْيُنِ النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَشْهَدُونَ ﴿٦١﴾ قَالُوا أَأَنْتَ فَعَلْتَ هَـٰذَا بِآلِهَتِنَا يَا إِبْرَاهِيمُ ﴿٦٢﴾ قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَـٰذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِنْ كَانُوا يَنْطِقُونَ ﴿٦٣﴾ فَرَجَعُوا إِلَىٰ أَنْفُسِهِمْ فَقَالُوا إِنَّكُمْ أَنْتُمُ الظَّالِمُونَ ﴿٦٤﴾ثُمَّ نُكِسُوا عَلَىٰ رُءُوسِهِمْ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَـٰؤُلَاءِ يَنْطِقُونَ ﴿٦٥﴾ قَالَ أَفَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّـهِ مَا لَا يَنْفَعُكُمْ شَيْئًا وَلَا يَضُرُّكُمْ ﴿٦٦﴾ أُفٍّ لَكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّـهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ ﴿٦٧﴾} صدق الله العظيم [الأنبياء].
إذاً ذلك المكر من خليل الله إبراهيم عليه الصلاة والسلام كان بإلهام من ربّ العالمين لكي يقيم على قومه الحُجة بالعقل والمنطق، ونجح إبراهيم في إقامة الحُجة على قومه حتى حكّموا عقولهم بينهم وبين أنفسهم، ولم يظهر من القوم أحدهم للآخر بما حدث في نفسه أبداً لبعضهم البعض، ولم يظهروه لرسول الله إبراهيم عليه الصلاة والسلام، وإنما علم به الله وحده في أنفسهم، فالطرف الثالث الذي حكم بينهم وبين إبراهيم هو عقولهم التي لا تعمى عن الحقّ إذا استخدمها الناس للتفكير، وفي هذا الموقف أنصت القوم وهدأ غضبهم وفكّروا بعقولهم فقالت عقولهم لأنفسهم: {إِنَّكُمْ أَنتُمُ الظَّالِمُونَ}. وقال الله تعالى: {فَجَعَلَهُمْ جُذَاذًا إِلَّا كَبِيرًا لَهُمْ لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ ﴿٥٨﴾ قَالُوا مَنْ فَعَلَ هَـٰذَا بِآلِهَتِنَا إِنَّهُ لَمِنَ الظَّالِمِينَ ﴿٥٩﴾ قَالُوا سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ ﴿٦٠﴾ قَالُوا فَأْتُوا بِهِ عَلَىٰ أَعْيُنِ النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَشْهَدُونَ ﴿٦١﴾ قَالُوا أَأَنْتَ فَعَلْتَ هَـٰذَا بِآلِهَتِنَا يَا إِبْرَاهِيمُ﴿٦٢﴾ قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَـٰذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِنْ كَانُوا يَنْطِقُونَ ﴿٦٣﴾ فَرَجَعُوا إِلَىٰ أَنْفُسِهِمْ فَقَالُوا إِنَّكُمْ أَنْتُمُ الظَّالِمُونَ ﴿٦٤﴾ ثُمَّ نُكِسُوا عَلَىٰ رُءُوسِهِمْ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَـٰؤُلَاءِ يَنْطِقُونَ ﴿٦٥﴾ قَالَ أَفَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّـهِ مَا لَا يَنْفَعُكُمْ شَيْئًا وَلَا يَضُرُّكُمْ ﴿٦٦﴾ أُفٍّ لَكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّـهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ ﴿٦٧﴾} صدق الله العظيم.
فانظروا لقول إبراهيم بعد إقامة الحجة عليهم: {ثُمَّ نُكِسُوا عَلَىٰ رُءُوسِهِمْ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَـٰؤُلَاءِ يَنْطِقُونَ ﴿٦٥﴾ قَالَ أَفَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّـهِ مَا لَا يَنْفَعُكُمْ شَيْئًا وَلَا يَضُرُّكُمْ ﴿٦٦﴾ أُفٍّ لَكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّـهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ ﴿٦٧﴾} صدق الله العظيم.
وسبحان الله لقد كادوا أن يهتدوا لولا أن استفزّهم رسول الله إبراهيم بقوله: {أُفٍّ لَكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّـهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ﴿٦٧﴾} صدق الله العظيم، ومن ثم استشاطوا غضباً وأخذتهم العزة بالإثم: {قَالُوا حَرِّقُوهُ وَانْصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ ﴿٦٨﴾ قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ ﴿٦٩﴾ وَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَخْسَرِينَ ﴿٧٠﴾} صدق الله العظيم [الأنبياء].
وتبيّن لنا عقلين اثنين في الإنسان أحدهم في الرأس والآخر في القلب، فأما عقل الرأس فهو لا يعمى وأما عقل القلب فهو يعمى عن الحقّ ولا يستطيع الإنسان أن يهدي قلبه، ولكن إذا استخدم الإنسان عقله للتمييز بين الحقّ والباطل فإن عقله يفتيه بالحقّ. تصديقاً لقول الله تعالى: {إِنَّهَا لاَ تَعْمَى الأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ} صدق الله العظيم [الحج:46].
وقد تبيّن لكم أنّ قوم إبراهيم حين حكَّموا عقولهم بينهم وبين أنفسهم. وقال الله تعالى: {قَالُوا أَأَنْتَ فَعَلْتَ هَـٰذَا بِآلِهَتِنَا يَا إِبْرَاهِيمُ﴿٦٢﴾ قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَـٰذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِنْ كَانُوا يَنْطِقُونَ ﴿٦٣﴾ فَرَجَعُوا إِلَىٰ أَنْفُسِهِمْ فَقَالُوا إِنَّكُمْ أَنْتُمُ الظَّالِمُونَ ﴿٦٤﴾ ثُمَّ نُكِسُوا عَلَىٰ رُءُوسِهِمْ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَـٰؤُلَاءِ يَنْطِقُونَ ﴿٦٥﴾} صدق الله العظيم [الأنبياء].
ونستخلص من ذلك البيان الحقّ لقول الله تعالى: {إِنَّهَا لاَ تَعْمَى الأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ} صدق الله العظيم [الحج:46].
ويا عُلماء الدين الإسلامي الحنيف وأمتهم ويا أيها الناس أجمعين، والله لا يتذكّر فيتبع الحقّ إلا أولو الألباب من جميع الأمم. تصديقاً لقول الله تعالى: {يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلا أُولُو الأَلْبَابِ} [البقرة:269].
و تصديقاً لقول الله تعالى: {هُوَ الَّذِي أَنْـزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنّ أمّ الكتاب وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلا أُولُو الأَلْبَابِ} [آل عمران:7].
وتصديقاً لقول الله تعالى: {أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنْـزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الأَلْبَابِ} [الرعد:19].
وتصديقاً لقول الله تعالى: {هَذَا بَلاغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنْذَرُوا بِهِ وَلِيَعْلَمُوا أَنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُولُو الأَلْبَابِ} [إبراهيم:52].
وتصديقاً لقول الله تعالى: {كِتَابٌ أَنْـزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الأَلْبَابِ} [ص:29].
وتصديقاً لقول الله تعالى: {أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الأَلْبَابِ} [الزمر:9].
وتصديقاً لقول الله تعالى: {الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الأَلْبَابِ} [الزمر:18].
صدق الله العظيــــم
ألا والله يا أيها الإدريسي وكافة الباحثين عن الحقّ إنّي لا أريدُكم أن تتّبعوني الاتّباع الأعمى بمجرد ما أفتيتكم بأن جدّي محمد رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- أفتاني عن طريق الرؤيا الحقّ أنّي المهديّ المنتظَر، ولا أريدكم أن تتبعوني لأني أقسمتُ بالله الذي رفع السبع الشداد وثبت الأرض بالأوتاد وأهلك ثمودَ وعاداً وأهلك الفراعنة الشداد أنيّ المهديّ المنتظَر، وذلك لأنّ الله لم يجعل الحُجة عليكم في القسم ولا في الرؤيا في المنام ولا في الاسم؛ بل الحجة عليكم هي في العلم الذي يقبله العقل والمنطق، وآتيناكم بسلطان علمي من محكم القرآن العظيم، وأعلمكم ما لم تكونوا تعلمون، ولو تدبّرتم كافة تفاسير المُفسرين لوجدتم أنّهم يفسرون القرآن حسب رأيهم في الآية التي بين أيديهم فيقوم بتفسيرها اجتهاداً منه وهو يعلم أنّ اجتهاده قد يُخطئ وقد يصيب، ولكنّي أشهدُ لله أنّ ذلك من أمر الشيطان وليس من أمر الرحمن، لأنّ هذا كلام الله وإذا فسّرتم كلام الله بغير ما في نفس الله فقد حرّفتم المعنى المراد في نفس الله من كلامه فأصبح القرآن العظيم لا قيمة له من بعد تحريفه بالتفسير، ولذلك أضلّوا أنفسهم وأضلوا أمتهم عن الصراط المُستقيم، وأرجو من الله بحق لا إله إلا هو وبحق رحمته التي كتب على نفسه أن يغفر لهم إنه هو الغفور الرحيم.
ويا إخواني المُسلمين ألا والله لو تعلمون كم أخوكم ناصر محمد اليماني بكم رؤوفٌ رحيمٌ كمثل جده محمد صلى الله عليه وآله وسلم، ولكنّ الذي يغضبني منكم هو كيف وإنني أحاجكم بكتاب الله القرآن العظيم فأدعوكم إلى الاحتكام إليه وصارت دعوة المهديّ المنتظَر في نهاية السنة الخامسة وأنتم لا تزالون مُعرضين عن الدعوة إلى الاحتكام إلى القرآن العظيم؟ وبرغم أنّكم به مؤمنين، وبرغم أنّ القرآن هو الوحيد الذي اتفقتم عليه جميعاً أنّه كتاب الله المحفوظ من التحريف، ووجدناه بين أيديكم نُسخةً واحدةً موحدةً، والحمدُ لله ربّ العالمين الذي حفظه من التحريف من الباطل برغم نزوله قبل أكثر من 1400 عاماً، أفلا تسألون أنفسكم لماذا تمّ حفظه إلى يوم الدين من التحريف؟ وذلك لكي يكون هو المرجع والمُهيمن عليكم وعلى السُّنة النبويّة وعلى كافة الكُتب المُنزلة من قبله؛ بل جعله الله موسوعة الكُتب ذكركم وذكر من كان قبلكم. تصديقاً لقول الله تعالى: {قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ هَذَا ذِكْرُ مَنْ مَعِيَ وَذِكْرُ مَنْ قَبْلِي بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ الْحَقَّ فَهُم مُّعْرِضُونَ} صدق الله العظيم [الأنبياء:24].
وقال الله تعالى: {وَإِنَّهُ لَتَنزِيلُ ربّ العالمين (192) نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ (193) عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ (194) بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ (195) وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ (196) أَوَلَمْ يَكُن لَّهُمْ آيَةً أَن يَعْلَمَهُ عُلَمَاء بَنِي إِسْرَائِيلَ (197) وَلَوْ نَزَّلْنَاهُ عَلَى بَعْضِ الْأَعْجَمِينَ (198) فَقَرَأَهُ عَلَيْهِم مَّا كَانُوا بِهِ مُؤْمِنِينَ (199) كَذَلِكَ سَلَكْنَاهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ (200) لَا يُؤْمِنُونَ بِهِ حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ (201) فَيَأْتِيَهُم بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (202) فَيَقُولُوا هَلْ نَحْنُ مُنظَرُونَ (203) أَفَبِعَذَابِنَا يَسْتَعْجِلُونَ (204) أَفَرَأَيْتَ إِن مَّتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ (205) ثُمَّ جَاءهُم مَّا كَانُوا يُوعَدُونَ (206) مَا أَغْنَى عَنْهُم مَّا كَانُوا يُمَتَّعُونَ (207) وَمَا أَهْلَكْنَا مِن قَرْيَةٍ إِلَّا لَهَا مُنذِرُونَ (208) ذِكْرَى وَمَا كُنَّا ظَالِمِينَ (209) وَمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّيَاطِينُ (210) وَمَا يَنبَغِي لَهُمْ وَمَا يَسْتَطِيعُونَ (211) إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ (212) فَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتَكُونَ مِنَ الْمُعَذَّبِينَ (213) وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ (214) وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (215) فَإِنْ عَصَوْكَ فَقُلْ إِنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تَعْمَلُونَ (216) وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ (217) الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ (218) وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ (219) إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (220) هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَن تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ (221) تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ (222) يُلْقُونَ السَّمْعَ وَأَكْثَرُهُمْ كَاذِبُونَ (223) وَالشُّعَرَاء يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ (224) أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ (225) وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ (226) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيراً وَانتَصَرُوا مِن بَعْدِ مَا ظُلِمُوا وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ (227)} صدق الله العظيم [الشعراء].
ويا أخواني وأحبابي في الدين إنّما نُريد لكم الهُدى وإن قسوت عليكم يا إخواني المُسلمين بسبب إعراضكم عن الدعوة إلى الاحتكام إلى القرآن العظيم وذلك من شدة خوفي عليكم من عذاب الذي أنزل الكتاب؛ الله ربّ العالمين، ألا والله أنّي أعلمُ من الله ما لا تعلمون.
ويا أخواني المُسلمين وعُلماءهم، لقد أصبحتم صداً عن التصديق بدعوة المهديّ المنتظَر لكافة البشر إلى اتّباع الذكر، ويقول الكُفار: "لو كُنت حقاً المهديّ المنتظَر لما كذّبك المُسلمون الذين يؤمنون بهذا القرآن" ومن ثم لا أجد ما أردّ به عليهم، فهل أقول لهم إن المُسلمين كفّار بكتاب الله القرآن العظيم! ولكنّكم به مؤمنون وهم يعلمون؟ ولو أقول لهم ذلك لقالوا: "إنّما أنت كذابٌ بل هم به مؤمنون". إذاً لماذا تأَبَون أن تتّبعوا كتاب الله القرآن العظيم؟ وإلى متى الإعراض عن دعوة المهديّ المنتظَر الذي بعثه الله بقدر مقدورٍ على اختلافٍ بينكم ليكون حكماً بينكم فيما كُنتم فيه تختلفون؟ وأقسمُ بالله العظيم ما دعوتكم إلى الاحتكام إلى كتاب الله حصريّاً من ذات نفسي، وأعوذُ بالله أن أكون من الجاهلين، فلم يجعلني الله مُبتدِعاً مثلكم بل مُتّبعاً لخاتم الأنبياء والمُرسلين مُحمد -صلى الله عليه وآله وسلم- وجعل الله في اسمي خبري وعنوان أمري (ناصر مُحمد)، وقد أخبرني أحد الأنصار أنّه أحضر عالماً من أهل السُّنة والجماعة لكي ينظر إلى بيانات رجلٍ يقول أنّه المهديّ المنتظَر ولكنّه لم يخبره بالاسم وطلب منه أن يتدبّر بيانات شخص يقول أنّه المهديّ المنتظَر وفتح له أحد البيانات فأول ما وجد ((من المهديّ المنتظَر ناصر محمد اليماني)) نهض من أمام الكمبيوتر وهو يستعيذ بالله، ويكرر أعوذُ بالله، ولم يتدبّر من بيانات ناصر محمد اليماني شيئاً بسبب فتنة الاسم في حقيقة التواطؤ!
ويا أمّة الإسلام لماذا أنتم موقنون بما بين أيديكم من الروايات والأحاديث أشدَّ مما أنتم موقنون بهذا القرآن العظيم؟ فما يُدريكم هل هي من عند الله أم من عند غير الله الشيطان الرجيم ليصدّكم عن الصراط المُستقيم؟ فتعالوا لنسأل الله سوياً وهو يُجيبنا بالحقّ علام الغيوب:
ســـ 1- اللهم أنت ربنا وسعت كُل شيء رحمة وعلماً، أفتنا هل كان يوجد بين صحابة رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- مُنافقون يظهرون الإيمان ويبطنون الكُفر؟
الجواب من كلام الله: {إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ ﴿١﴾ اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ ۚ إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴿٢﴾} صدق الله العظيم [المنافقون].
ســـ 2- اللهم يا من تُحيط بكل شيء علماً أفتنا عن هدف المُنافقين من انضمامهم إلى صحابة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟
الجواب من كلام الله: {وَيَقُولُونَ طَاعَةٌ فَإِذَا بَرَزُوا مِنْ عِنْدِكَ بَيَّتَ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ وَاللَّهُ يَكْتُبُ مَا يُبَيِّتُونَ} صدق الله العظيم [النساء:81].
ســـ 3- اللهم ربنا وهل أمرت محمد رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- بكشف أمرهم وطردهم حتى لا يضلوا المُسلمين؟
والجواب من كلام الله سُبحانه: {فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا (81)} صدق الله العظيم [النساء:81].
ســـ 4- اللهم ربنا ولماذا أمرت مُحمداً رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- أن لا يكشف أمرهم فيطردهم؟
والجواب من كلام الله: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقرآن وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا (82)} صدق الله العظيم [النساء].
ويا عُلماء أمّة الإسلام وأمتهم، فهذه فتوى من ربّ العالمين تجدونها محكمة في القرآن العظيم:
إنّ السنة ليست محفوظةً من التحريف برغم أنّها جاءت بياناً للقرآن. تصديقاً لقول الله تعالى: {وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} صدق الله العظيم [النحل:44].
إذاً سُنّة البيان لا ينبغي لها أن تُخالف محكم القرآن، فإذا كانت سنةً مدسوسةً من الشيطان على لسان أوليائه الذين يُبطنون الكُفر ويُظهرون الإيمان فحتماً سوف نجد بين الحديث المُفترى وبين محكم القرآن اختلافاً كثيراً. ولذلك تجدون المهديّ المنتظَر يدعوكم إلى الاحتكام إلى كتاب الله، وما فعلتُ ذلك عن أمري بل هذا أمرُ الله إليكم في محكم كتابه، وأفتاكم في كثيرٍ من آياته أنّه قد حفظ لكم القرآن العظيم من التحريف وأمركم أن تجعلوه هو المرجع والحكم بينكم فيما كُنتم فيه تختلفون، ولم يأمركم الله بالتطبيق مع مُتشابهه بل التطبيق مع آيات الكتاب المُحكمات هُنَّ أم الكتاب، وأمركم الله بالإيمان بهنّ واتِّباعهن، وأما المُتشابه فلم يأمركم الله إلا بالإيمان به حتى يأتي تأويله بالحقّ، فهل أنتم مؤمنون؟
ويا علماء الأمّة وأمّتهم، إنّكم لم تكذِّبوني بأنّ القرآن هو المرجع فيما كنتم فيه تختلفون بل كذّبتم بأمر الله في محكم كتابه وأعرضتم عنه، فكيف تحسبون أنّكم مهتدون إذا أعرضتم عن أمر الله في محكم كتابه وقد أمركم وأمر النصارى واليهود أنّ القرآن هو المرجع والحكم لكم جميعاً والمهيمن على التوراة والإنجيل والسُّنة النبويّة أفلا تتقون؟ وقال الله تعالى: {وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ} صدق الله العظيم [الشورى:10].
بمعنى أنّ الله هو الحَكَمْ وما على المهديّ المنتظَر إلا أن يستنبط لكم حُكْمَ الله فيما كُنتم فيه تختلفون، ولم يجعلني مُبتدعاً بل مُتبعاً لمحمد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فآتيكم بحكم الله من محكم كتابه كما كان يأتي به محمد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. وقال الله تعالى: {أَفَغَيْرَ اللّهِ أَبْتَغِي حَكَماً وَهُوَ الَّذِي أَنَزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلاً} صدق الله العظيم [الأنعام:114].
و قال الله تعالى: {وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ فَاحْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ عَمَّا جَاءكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً وَلَوْ شَاء اللّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَـكِن لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُم فَاسْتَبِقُوا الخَيْرَاتِ إِلَى الله مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ} صدق الله العظيم [المائدة:48].
ولا تكونوا يا معشر المُسلمين كمثل الذين أوتوا الكتاب من قبلكم كانوا إذا دُعوا إلى كتاب الله ليحكم فلا يُعجبهم من القرآن ما خالف أهواءهم وإن يوافقهم في شيء فيأتوا إليه مُذعنين، فأولئك يؤمنون ببعض الكتاب ويكفرون ببعض فلا تكونوا أمثالهم. وقال الله تعالى: {لَقَدْ أَنْزَلْنَا آَيَاتٍ مُبَيِّنَاتٍ وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (46) وَيَقُولُونَ آَمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنَا ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُولَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ (47) وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ (48) وَإِنْ يَكُنْ لَهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ (49) أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمِ ارْتَابُوا أَمْ يَخَافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ بَلْ أُولَئِكَ هُمَ الظَّالِمُونَ (50) إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (51)} صدق الله العظيم [النور].
فلا تكونوا يا إخواني المُسلمين كمثل أهل الكتاب دعاهم محمدٌ رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- إلى كتاب الله القرآن العظيم ليحكم بينهم فيما كانوا فيه يختلفون فأعرض فريقٌ منهم عن الدعوة إلى كتاب الله ليحكم بينهم. وقال الله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوْتُواْ نَصِيباً مِّنَ الْكِتَابِ يُدْعَوْنَ إِلَى كِتَابِ اللّهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِّنْهُمْ وَهُم مُّعْرِضُونَ (23)}صدق الله العظيم [آل عمران].
إذاً من أعرض عن دعوة الاحتكام إلى كتاب الله فقد أعرض عن طريق الهدى. وقال الله تعالى: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيراً مِّمَّا كُنتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ قَدْ جَاءكُم مِّنَ اللّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ (15) يَهْدِي بِهِ اللّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلاَمِ وَيُخْرِجُهُم مِّنِ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ (16)} صدق الله العظيم [المائدة].
وجعل الله في كتابه القرآن العظيم الحكم فيما كنتم فيه تختلفون. وقال الله تعالى: {إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللّهُ وَلاَ تَكُن لِّلْخَآئِنِينَ خَصِيماً (105)} صدق الله العظيم [النساء].
ويا معشر المؤمنين بهذا القرآن العظيم لا تعرِضوا عن الهُدى فقد أمركم الله باتِّباعه وبالكفر لما خالف محكمه حتى لا تجعلون لله حجّة عليكم فيعذبكم ولا تكون لكم حجّة على الله إنّه لم ينزِّل إليكم كتاباً لتتبعوه. وقال الله تعالى: {وَهَـذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُواْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (155) أَن تَقُولُواْ إِنَّمَا أُنزِلَ الْكِتَابُ عَلَى طَآئِفَتَيْنِ مِن قَبْلِنَا وَإِن كُنَّا عَن دِرَاسَتِهِمْ لَغَافِلِينَ (156) أَوْ تَقُولُواْ لَوْ أَنَّا أُنزِلَ عَلَيْنَا الْكِتَابُ لَكُنَّا أَهْدَى مِنْهُمْ فَقَدْ جَاءكُم بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن كَذَّبَ بِآيَاتِ اللّهِ وَصَدَفَ عَنْهَا سَنَجْزِي الَّذِينَ يَصْدِفُونَ عَنْ آيَاتِنَا سُوءَ الْعَذَابِ بِمَا كَانُواْ يَصْدِفُونَ (157)} صدق الله العظيم [الأنعام].
فقد أمركم الله باتباعه إن كنتم به مؤمنين. وقال الله تعالى: {كِتَابٌ أُنزِلَ إِلَيْكَ فَلاَ يَكُن فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِّنْهُ لِتُنذِرَ بِهِ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ (2) اتَّبِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم} صدق الله العظيم [الأعراف:2-3].
ألا والله لو تدبّرتم كتاب ربِّكم لوجدتم أنّه مُجملٌ ثم مُفصلٌ في ذات القرآن. تصديقاً لقول الله تعالى: {وَلَقَدْ جِئْنَاهُم بِكِتَابٍ فَصَّلْنَاهُ عَلَى عِلْمٍ هُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (52)} صدق الله العظيم [الأعراف].
ألا والله إنّه لن يتبع المهديّ المنتظَر إلا من اتّبع محمداً رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. تصديقاً لقول الله تعالى: {إِنَّمَا تُنذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمَن بِالْغَيْبِ فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَأَجْرٍ كَرِيمٍ} صدق الله العظيم [يس:11].
ويا أمّة الإسلام والناس أجمعين، اسمعوا وأطيعوا خليفة الله عليكم، واعترفوا بالإمام المهديّ الذي ابتعثه الله رحمةً للعالمين، فإن شكرتم وصدَّقتم بالحقّ كان خيراً لكم، وإن أعرضتم عن الدعوة إلى الاحتكام إلى كتاب الله فإنّكم لم تعرضوا عن ناصر محمد اليماني ولكنكم أعرضتم عن الله وكتابه ورسوله محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وما أنا إلا من المؤمنين بما تنزّل على محمد رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- ومن التابعين لهُ حتى ألقى الله بقلبٍ سليمٍ، فكونوا من الشاهدين. وكونوا يا آل البيت من المُسلمين فلستم خيراً عند الله من الناس أجمعين بل أنتم بشرٌ ممّن خلق فلا تفتنكم الشياطين أنّ لكم وضعٌ خاصٌ عند ربّ العالمين، كلا وربي.. إنّما أنتم بشرٌ ممّن خلق مثلكم كمثل الناس، وأكرم الناس عند ربهم أتقاهم، فكونوا من الشاكرين أنتم وجميع المُسلمين، فقد منّ الله عليكم أن ابتعث في أمَّتكم المهديّ المنتظَر ليُعلمكم الكتاب والحكمة ويعلِّمكم ما لم تكونوا به تعلمون، ويُفصّل لكم كتاب الله تفصيلاً، فاتّبعوني أهدِكم صراطاً سوياً، فوعدٌ علينا غير مكذوب لنهدي بالقرآن المجيد من يشاء من العبيد إلى صراط العزيز الحميد، وإنّما أنا عبدٌ من عبيد الله بشرٌ مثلكم لا أقول لكم اعبدوني من دون الله وما ينبغي لي ولكن اعبدوا الله ربّي وربَّكم، فاتّبِعوا المهديّ المنتظَر الحقّ من ربِّكم ليُعيدكم إلى منهاج النبوّة الأولى كما كان عليه مُحمدٌ رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- وصحابته الذين معه قلباً وقالباً رُحماء بينهم، فأين أنتم منهم؟ بل بأسكم بينكم شديد، وأذكِّر بالقرآن من يخاف وعيد، وأهدي به الناس إلى صراط العزيز الحميد.
وسلامٌ على المُرسلين، والحمدُ لله ربّ العالمين..
أخوكم الإمام المهديّ ناصر محمد اليماني.
ـــــــــــــــــــــ