الإمام ناصر محمد اليماني
26 - 05 - 1433 هـ
18 - 04 - 2012 مـ
03:14 صباحاً
ـــــــــــــــــــــــ
ردّ الإمام المهديّ إلى فضيلة الشيخ خالد الذي أنكر حزن الله وتحسّره على الذين ظلموا أنفسهم من عباده الضالين ..
بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على جدّي محمد رسول الله وآله الأطهار وجميع أنصار الله في كلّ زمانٍ ومكانٍ إلى يوم الدين، وبعد..
سلامُ الله عليكم ورحمته أحبتي الأنصار السابقين الأخيار، فاقتدوا بالإمام المهديّ في حجّة البيان حتى تقيموا على من يجادلكم حجّة العلم والسلطان كما سوف نقيمها على حبيبي في الله فضيلة الشيخ خالد حفظه الله وهداه إلى الحقّ إن كان باحثاً عن الحقّ ولا يريد غير سبيل الحقّ والحقّ أحقّ أن يُتبع.
ويا حبيبي في الله، لا تحرِّف كلام الله عن مواضعه في الكتاب مثال فتواك لقول الله تعالى: {فَلَمَّا آسَفُونَا انتَقَمْنَا مِنْهُمْ} صدق الله العظيم [الزخرف:55].
ومن ثم يقول خالد: إنه الغضب، ومن ثم نقول له: وإنما الغضب يحدث في نفس الله من لحظة إعراضهم عن دعوة الحقّ من ربِّهم، وإنما يأتي الأسف حين وقوع العذاب، فما هو الأسف على الآخرين؟ وتجد فتوى الله عن المقصود من الأسف أنه الحزن، وقال الله تعالى:{وَتَوَلَّىٰ عَنْهُمْ وَقَالَ يَا أَسَفَىٰ عَلَىٰ يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ ﴿٨٤﴾} صدق الله العظيم [يوسف:84]؛ ونستنبط من ذلك البيان الحقّ للأسف وأنه الحزن على الآخرين.
ويا حبيبي في الله إنّ ربّي يفرح بتوبة وهدى عباده إلى الحقّ فرحاً عظيماً كما بيّن ذلك لكم محمد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؛ قال:
[لله أشد فرحا بتوبة عبده حين يتوب إليه من أحدكم كان على راحلته بأرض فلاة، فانفلتت منه، وعليها طعامه وشرابه فأيس منها فأتى شجرة فاضطجع في ظلها – قد أيس من راحلته – فبينا هو كذلك إذا هو بها قائمة عنده فأخذ بخطامها ثم قال من شدة الفرح اللهم أنت عبدي وأنا ربك – أخطأ من شدة الفرح] صدق عليه الصلاة والسلام وآله.
ويا حبيبي في الله خالد، فبما أن الله يفرح بتوبة عباده فكذلك يحزن لظلمهم لأنفسهم، ولكن الغضب في نفس الله عليهم يستمر في نفس الله باستمرار إعراضهم عن الحقّ من ربهم حتى إذا استيأس الأنبياء والذين آمنوا معهم من أقوامهم وظنّوا أنهم كذبوا ولم يبقَ لديهم أمل أن يتبع القوم رسول ربهم فمن ثم يدعو الله الأنبياءُ والذين آمنوا معهم فيقولون كمثل قول نبي الله شعيب والذين آمنوا معه، وقال الله تعالى: {قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِن قَوْمِهِ لَنُخْرِجَنَّكَ يَا شُعَيْبُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَكَ مِن قَرْيَتِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا ۚ قَالَ أَوَلَوْ كُنَّا كَارِهِينَ ﴿٨٨﴾ قَدِ افْتَرَيْنَا عَلَى اللَّـهِ كَذِبًا إِنْ عُدْنَا فِي مِلَّتِكُم بَعْدَ إِذْ نَجَّانَا اللَّـهُ مِنْهَا ۚ وَمَا يَكُونُ لَنَا أَن نَّعُودَ فِيهَا إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّـهُ رَبُّنَا ۚ وَسِعَ رَبُّنَا كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا ۚ عَلَى اللَّـهِ تَوَكَّلْنَا ۚ رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بالْحَقِّ وَأَنتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ ﴿٨٩﴾ وَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن قَوْمِهِ لَئِنِ اتَّبَعْتُمْ شُعَيْبًا إِنَّكُمْ إِذًا لَّخَاسِرُونَ ﴿٩٠﴾ فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ ﴿٩١﴾ الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْبًا كَأَن لَّمْ يَغْنَوْا فِيهَا ۚ الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْبًا كَانُوا هُمُ الْخَاسِرِينَ ﴿٩٢﴾} صدق الله العظيم [الأعراف].
وكذلك الرسل ومن تبعهم لا يعذب الله أقوامهم فيهلكهم إلا بعد أن يستيئسوا من قومهم أن يهتدوا ثمّ يدعون عليهم ومن ثمّ يستجيب الله دعاءهم فينصرهم فيهلك عدوهم. وقال الله تعالى: {حَتَّىٰ إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَن نَّشَاءُ ۖ وَلَا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ ﴿١١٠﴾} صدق الله العظيم [يوسف].
والسؤال الذي يطرح نفسه: فهل الله فَرِحٌ بكفر عباده أم غاضب منهم؟ والجواب في محكم الكتاب. قال الله تعالى: {إِن تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّـهَ غَنِيٌّ عَنكُمْ ۖ وَلَا يَرْضَىٰ لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ ۖ وَإِن تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ} صدق الله العظيم [الزمر:7].
ويا حبيبي في الله خالد وكافة الباحثين عن الحقّ تعالوا لنتابع ما يحدث في نفس الله تجاه عباده الكافرين المعرضين عن دعوة الحقّ من ربهم، فأمّا الحدث الأول فهو الغضب ويحدث بعد أن يدعوهم رسل الله إلى عبادة الله وحده لا شريك له فيأبون إلا أن يعبدوا الأصنام التي وجدوا عليها آباءهم. فقال لهم رسول ربهم: {قَالَ قَدْ وَقَعَ عَلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ رِجْسٌ وَغَضَبٌ ۖ أَتُجَادِلُونَنِي فِي أَسْمَاءٍ سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَاؤُكُم} صدق الله العظيم [الأعراف:71].
ففي هذا الوضع يكون الله غاضباً عليهم، ويستمر غضبه حسب استمرارهم في الإعراض عن دعوة الحقّ من ربِّهم حتى يهتدوا إلى الحقّ فيفرح فيرضى أو يهلكهم فيحزن عليهم. والسؤال الذي يطرح نفسه: فما هو سبب حزن الله في نفسه على القوم الكافرين، ومتى يحدث ذلك في نفس الله؟ والجواب: يحدث فور علم الله أنّهم أصبحوا نادمين. ومتى يحدث الندم؟ والجواب: من حين رؤيتهم لعذاب الله قد جاءهم وصدق المرسلون، ومن هنا يبدأ الندم في أنفسهم والاعتراف بظلمهم لأنفسهم كون ردّهم على رسل الله هو الكفر بدعوتهم وعدم التصديق بالبعث. وقال الله تعالى:
{فَأَرْسَلْنَا فِيهِمْ رَسُولًا مِّنْهُمْ أَنِ اعْبُدُوا اللَّـهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرُهُ ۖ أَفَلَا تَتَّقُونَ ﴿٣٢﴾ وَقَالَ الْمَلَأُ مِن قَوْمِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِلِقَاءِ الْآخِرَةِ وَأَتْرَفْنَاهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا مَا هَـٰذَا إِلَّا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يَأْكُلُ مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ ﴿٣٣﴾ وَلَئِنْ أَطَعْتُم بَشَرًا مِّثْلَكُمْ إِنَّكُمْ إِذًا لَّخَاسِرُونَ ﴿٣٤﴾ أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذَا مِتُّمْ وَكُنتُمْ تُرَابًا وَعِظَامًا أَنَّكُم مُّخْرَجُونَ ﴿٣٥﴾ هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ لِمَا تُوعَدُونَ ﴿٣٦﴾ إِنْ هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ ﴿٣٧﴾ إِنْ هُوَ إِلَّا رَجُلٌ افْتَرَىٰ عَلَى اللَّـهِ كَذِبًا وَمَا نَحْنُ لَهُ بِمُؤْمِنِينَ ﴿٣٨﴾ قَالَ رَبِّ انصُرْنِي بِمَا كَذَّبُونِ ﴿٣٩﴾ قَالَ عَمَّا قَلِيلٍ لَّيُصْبِحُنَّ نَادِمِينَ ﴿٤٠﴾ فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ بالحقّ فَجَعَلْنَاهُمْ غُثَاءً ۚ فَبُعْدًا لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ﴿٤١﴾ ثُمَّ أَنشَأْنَا مِن بَعْدِهِمْ قُرُونًا آخَرِينَ ﴿٤٢﴾ مَا تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَهَا وَمَا يَسْتَأْخِرُونَ ﴿٤٣﴾ ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تَتْرَىٰ ۖ كُلَّ مَا جَاءَ أُمَّةً رَّسُولُهَا كَذَّبُوهُ ۚ فَأَتْبَعْنَا بَعْضَهُم بَعْضًا وَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ ۚ فَبُعْدًا لِّقَوْمٍ لَّا يُؤْمِنُونَ ﴿٤٤﴾ ثُمَّ أَرْسَلْنَا مُوسَىٰ وَأَخَاهُ هَارُونَ بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُّبِينٍ ﴿٤٥﴾ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا عَالِينَ ﴿٤٦﴾ فَقَالُوا أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنَا وَقَوْمُهُمَا لَنَا عَابِدُونَ ﴿٤٧﴾ فَكَذَّبُوهُمَا فَكَانُوا مِنَ الْمُهْلَكِينَ ﴿٤٨﴾} صدق الله العظيم [المؤمنون].
ونستنبط من ذلك التوقيت الدقيق لبدء زمن الندم أنّه مباشرةً حين الصيحة تصديقاً لقول الله تعالى: {قَالَ عَمَّا قَلِيلٍ لَّيُصْبِحُنَّ نَادِمِينَ ﴿٤٠﴾ فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ بالْحَقِّ فَجَعَلْنَاهُمْ غُثَاءً ۚ فَبُعْدًا لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ﴿٤١﴾} صدق الله العظيم. ويبدأ الندم بالضبط في أنفسهم من لحظة رؤية عذاب الله أقبل عليهم، فمن تلك اللحظة يبدأ الندم في أنفسهم والاعتراف أنهم كانوا ظالمين. تصديقاً لقول الله تعالى: {وَكَمْ قَصَمْنَا مِن قَرْيَةٍ كَانَتْ ظَالِمَةً وَأَنشَأْنَا بَعْدَهَا قَوْمًا آخَرِينَ ﴿١١﴾ فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنَا إِذَا هُم مِّنْهَا يَرْكُضُونَ ﴿١٢﴾ لَا تَرْكُضُوا وَارْجِعُوا إِلَىٰ مَا أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَمَسَاكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْأَلُونَ ﴿١٣﴾ قَالُوا يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ ﴿١٤﴾ فَمَا زَالَت تِّلْكَ دَعْوَاهُمْ حَتَّىٰ جَعَلْنَاهُمْ حَصِيدًا خَامِدِينَ ﴿١٥﴾} صدق الله العظيم [الأنبياء].
وهكذا يبدأ الندم في أنفسهم من لحظة مجيء عذاب الله، وقال الله تعالى: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّـهِ ۚ إِنَّ اللَّـهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا ۚ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ﴿٥٣﴾ وَأَنِيبُوا إِلَىٰ رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنصَرُونَ ﴿٥٤﴾ وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ بَغْتَةً وَأَنتُمْ لَا تَشْعُرُونَ ﴿٥٥﴾ أَن تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَىٰ عَلَىٰ مَا فَرَّطتُ فِي جَنبِ اللَّـهِ وَإِن كُنتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ ﴿٥٦﴾ أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللَّـهَ هَدَانِي لَكُنتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ ﴿٥٧﴾ أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذَابَ لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ ﴿٥٨﴾ بَلَىٰ قَدْ جَاءَتْكَ آيَاتِي فَكَذَّبْتَ بِهَا وَاسْتَكْبَرْتَ وَكُنتَ مِنَ الْكَافِرِينَ ﴿٥٩﴾} صدق الله العظيم [الزمر].
وسبب ذهاب الغضب من نفس الربّ كونه يراهم يعضّون الأنامل من شدّة النّدم لو أنّهم اتّبعوا رسل ربِّهم، ويراهم قد أصبحوا نادمين ندماً شديداً لدرجة أنّهم يعضّون الأنامل من شدة النّدم لعدم اتّباع الذِّكر الذي جاءهم به رسل ربِّهم من قبل العذاب، وقال الله تعالى: {وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَىٰ يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا ﴿٢٧﴾ يَا وَيْلَتَىٰ لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا ﴿٢٨﴾ لَّقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي ۗ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنسَانِ خَذُولًا ﴿٢٩﴾} صدق الله العظيم [الفرقان].
ويا أخي الكريم خالد، فلسوف أضرب لكم على ذلك مثلاً، فلو أنّ أحداً أغضبك في شيء ومن ثم رأيته نادماً ندماً شديداً بسبب أنّه أغضبك، فهل ترى الغضب في نفسك عليه سوف يستمر من بعد الندم؟ وجواب العقل والمنطق لن يستمر في نفسك إلا باستمرار الإصرار على ما أغضبك، وأما إذا ندم ندماً شديداً على أنّه أغضبك فهنا يسكت الغضب في نفسك، وكذلك ما يحدث في نفس الله. فما خطبكم لا تفقهون إلا قليلاً؟
ولربّما يودّ أن يقاطعني الذين لا يعلمون فيقول: "مهلاً مهلاً يا ناصر محمد اليماني ألم يقل الله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ۖ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} صدق الله العظيم [الشورى:11]"، ومن ثمّ يردّ عليه الإمام المهديّ وأقول: فاسمع هداك الله، وإنما نشرح لكم صفاته ولا نوصِّف لكم ذاته، فتفكّروا في صفاته ولا تتفكّروا في ذاته فتكفروا، إني لكم ناصحٌ أمينٌ.
فتعالوا لنتابع ما يحدث في نفس الله من بعد أن يصبح عباده نادمين على ما فرّطوا في جنب ربهم ويحدث ذلك في أنفسهم من حين حدوث صيحة العذاب، ومن بعد أن علم الله بالندم الشديد في أنفسهم بعد أن ذهب غيظه في البطشة الأولى، وبعد أن حلّ الندم والحسرة في أنفسهم على ما فرّطوا في جنب ربهم، ومن ثم يسكت الغضب في نفس الله وتعقبه الحسرة على عباده الذين ظلموا أنفسهم. تصديقاً لقول الله تعالى: {إِن كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ خَامِدُونَ ﴿٢٩﴾ يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ ۚ مَا يَأْتِيهِم مِّن رَّسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ ﴿٣٠﴾ أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّنَ الْقُرُونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لَا يَرْجِعُونَ ﴿٣١﴾ وَإِن كُلٌّ لَّمَّا جَمِيعٌ لَّدَيْنَا مُحْضَرُونَ ﴿٣٢﴾} صدق الله العظيم [يس].
وأما سبب تحسّره على عباده فكونه أرحم بعبده من الأم بولدها، ولكنّهم ظلموا أنفسهم كذلك من بعد حدوث الصيحة، وظلمهم لأنفسهم هو اليأس من رحمة ربهم؛ الله أرحم الراحمين. كونهم من رحمة الله مبلسين، وقال الله تعالى:
{فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّىٰ إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُم بَغْتَةً فَإِذَا هُم مُّبْلِسُونَ ﴿٤٤﴾} صدق الله العظيم [الأنعام].
{وَلَا تَيْأَسُوا مِن رَّوْحِ اللَّـهِ ۖ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللَّـهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ} صدق الله العظيم [يوسف:87].
وأما سبب التحسر في نفس الله فتجدونه في قول الله تعالى: {وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ} صدق الله العظيم [يوسف:92]، فهل هذه الآية تحتاج إلى تأويل غير ظاهرها، أم إنّها آيةٌ محكمةٌ؟ يُفتيكم الله أنّه لا يوجد في خلقهِ أجمعين من هو أرحم من الله، وقال الله تعالى: {وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ} صدق الله العظيم.
إذاً يا عباد الله، فما الذي تريدونه من جنات النّعيم والحور العين وربّكم متحسِّرٌ وحزينٌ على عباده الذين ظلموا أنفسهم من الضّالين عن الصراط المستقيم؟ فإن تريدون أن تعلموا ما يحبّه الله ويرضى لعباده فإنه يرضى لعباده الشكر ولا يرضى لعباده الكفر. تصديقاً لقول الله تعالى: {إِن تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّـهَ غَنِيٌّ عَنكُمْ ۖ وَلَا يَرْضَىٰ لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ ۖ وَإِن تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ ۗ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ ۗ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّكُم مَّرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ۚ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ ﴿٧﴾} صدق الله العظيم [الزمر].
فيا عباد الله اتّخِذوا رضوان الله غايتَكم ومنتهى هدفَكم، وبما أنّ الله يرضى لعباده الشكر فهيا لنسعَ جميعاً لنجعل الناس أمّةً واحدةً على صراطٍ مستقيم حتى يكون الله راضياً في نفسه، ولا تتمنّوا قتال الكافرين الضّالين لتقتلوهم ويقتلوكم بل أحبّ إلى الله أن تتمنّوا هداهم فتسعوا لتحقيق هدى عباده إلى الصراط المستقيم، وناضِلوا مع المهديّ المنتظَر لنهدي البشر حتى نجعل الناس أمّةً واحدةً على صراطٍ مستقيم طمعاً في تحقيق ما يحبّه الله ويرضى به، فكيف لا نحرص على تحقيق ما يحبّه الله ويرضي نفسه؟ أفلا تحبّون الله؟ فاسعوا لتحقيق ما يُفرح نفسه سبحانه وليس لتحقيق ما يُحزنه.
ألا والله ما بعث الله الإمام المهديّ إلا رحمة للعالمين كمثل جده محمد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وقال الله تعالى: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ ﴿١٢٨﴾} صدق الله العظيم [التوبة]. صلى الله عليك يا حبيبي وجدي وقدوتي محمد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم تسليماً كثيراً.
وسلامٌ على المرسلين، والحمد لله ربّ العالمين ..
أخوكم الإمام المهديّ ناصر محمد اليماني .
______________
[ لقراءة البيان من الموسوعة ]
https://nasser-alyamani.org/showthread.php?p=40416
الإمام ناصر محمد اليماني;
رد الإمام المهدي إلى خالد (هلخ) الذي أنكر حزن الله وتحسره على الذين ظلموا أنفسهم من عبادة الضالين..[/u][/color]
***************
بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام محمد رسول الله وآله الأطهار..
تفسير روح المعاني/ الالوسي (ت 1270 هـ) مصنف و مدقق
فَلَمَّآ آسَفُونَا ٱنتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ }
{ فَلَمَّا ءاسَفُونَا } أي أسخطونا كما قال علي كرم تعالى وجهه. وفي معناه ما قيل أي أغضبونا أشد الغضب أي بأعمالهم. والغضب عند الخلف مجاز عن إرادة العقوبة فيكون صفة ذات أو عن العقوبة فيكون صفة فعل. وقال أبو عبد الله الرضا رضي الله تعالى عنه: إن الله سبحانه لا يأسف كأسفنا ولكن له جل شأنه أولياء يأسفون ويرضون فجعل سبحانه رضاهم رضاه وغضبهم غضبه تعالى، وعلى ذلك قال عز وجل: " من أهان لي ولياً فقد بارزني بالمحاربة " وقال سبحانه:{ مَّنْ يُطِعِ ٱلرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ ٱللَّهَ }[النساء: 80] وعليه قيل: المعنى فلما أسفوا موسى عليه السلام ومن معه، والسلف لا يؤولون ويقولون: الغضب فينا انفعال نفساني وصفاته سبحانه ليست كصفاتنا بوجه من الوجوه، وروي عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما تفسير الأسف بالحزن وأنه قال هنا أي أحزنوا أولياءنا المؤمنين نحو السحرة وبني إسرائيل.
وذكر الراغب ((أن الأسف الحزن والغضب معاً وقد يقال لكل منهما على الانفراد، وحقيقته ثوران دم القلب شهوة الانتقام فمتى كان ذلك على من دونه انتشر فصار غضباً ومتى كان على من فوقه انقبض فصار حزناً، ولذلك سئل ابن عباس عنهما فقال: مخرجهما واحد واللفظ مختلف فمن نازع من يقوى عليه أظهره غيظاً وغضباً ومن نازع من لا يقوى عليه أظهره حزناً وجزعاً، وبهذا النظر قال الشاعر:
فحزن كل أخي حزن أخو الغضب ))
تفسير جامع البيان في تفسير القرآن/ الطبري (ت 310 هـ) مصنف و مدقق
حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله: { فَلَمَّا آسَفُونا } يقول: أسخطونا.
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، { فَلَمَّا آسَفُونا } يقول: لما أغضبونا.
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعاً، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد { فَلَمَّا آسَفُونا }: أغضبونا.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: { فَلَمَّا آسَفُونا } قال: أغضبوا ربهم.
تفسير تفسير كتاب الله العزيز/ الهواري (ت القرن 3 هـ) مصنف و مدقق
قال: { فَلَوْلاَ } أي: فهلا، يقوله فرعون { أُلْقِيَ عَلَيْهِ } أي: على موسى { أَسْوِرَةٌ مِّن ذَهَبٍ } تفسير الحسن: كنز. أي مال من ذهب { أَوْ جَاء مَعَهُ الْمَلاَئِكَةُ مُقْتَرِنِينَ } أي جماعة الملائكة يمشون جميعاً عياناً يصدّقونه بمقالته أنه رسول الله.
قال الله عز وجل: { فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ } أي: عاصين.
{ فَلَمَّا آسَفُونَا } أي: أغضبونا { انتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ فَجَعَلْنَاهُمْ سَلَفًا وَمَثَلاً لِلآخِرِينَ }. قال مجاهد: يقول: فجعلنا كفارهم سلفاً لكفار أمة محمد عليه السلام { وَمَثَلاً لِلآخِرِينَ } [أي: عبرة لمن بعدهم].
تفسير تفسير القرآن/ التستري (ت 283 هـ) مصنف و مدقق
قوله تعالى: { فَلَمَّآ آسَفُونَا ٱنتَقَمْنَا مِنْهُمْ } [55] قال: أي فلما غايظونا بالإقامة على المخالفة في الأوامر، وإظهار البدع في الدين، وترك السنن اتباعاً لوجود الأهواء، نزعنا نور المعرفة من قلوبهم، وسراج التوحيد من أسرارهم، ووكلناهم إلى أنفسهم وما اختاروه، فضلُّوا وأضلّوا. ثم قال: الاتباع الاتباع، الاقتداء الاقتداء، فإنه سبيل السلف، وما ضل من اتبع، وما نجا من ابتدع.
سبق أن سألتك عن كتاب الجفر و ما فيه من خطب لسيدنا علي (رضي الله عنه)، باب مدينة العلم ؟! لأني أجد فيه كثير من الإشارات المرموزة و المشفرة و الموجهة لحفيده المهدي المنتظر.. فما تعليقك عليه و ماجاء به مع العلم أن سيدنا علي من أهل البيان التام، ملاحظة أخرى أضيفها (قبل أن تقولها لنا أنت)، كتاب الجفر به بعض الزيادات أو تحاريف (مثلا : مليثا، هليثا) لاكن خطبه محققة عند السنة و شيعة. فأرنا بيانك.
شيء ٱخر : قلت أن (ص) = مريم الصديقة الطاهرة.
و في بيان ٱخر أصبحت (ص) + (ن) تخص إسم : ناصر.
كذلك : حروف أوائل الصور = 14 حرف وقلت أنها ترمز لأسماء 28 نبي + ن الخاص بناصر لمحمد.
فهلا ألجمتنا بالبيان الحق: أن تربط كل حرف بإسم نبي. ولك جزيل الشكر. وأسألكم بيانات سهلة وقصيرة و ليس بها التكرار و إطالة.
بخصوص "هلخ" :ليست لسخرية، إنما وضعت أصابعي على أقرب حروف تحتها في لوحة الحروف=هلخ. و ليس الإسم هو المهم، هلخ أو "كلخ على كلخ" كما نعتني أحد المتدخلين. الأهم+مهم هو البحث و المناقشة العلمية للوصول إلى الغاية عن إقتناع.