بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على محمد رسول الله وآله الأطهار وعلى المهدي المنتظر وآل بيته الأبرار وعلى جميع الأنصار السابقين الأخيار إلى اليوم الآخر السلام عليكم ورحمة الله
فهل هناك آلهة متعددة يعبدونها الناس من دون الله؟ أليس حين يتم سؤال أحد الناس عن الذي خلق السماوات والأرض ليقولن الله؟ فلماذا ضلوا عن ربهم فعبدوا من دونه آلهة أخرى لذلك حين يأتيهم الله بنذير لهم ليخرجهم من عبادة الآلهة المتعدة إلى عبادة الله الإله الواحد الفرد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن لن كفواً أحد هنا ترى أولئك الذين بعث الله فيهم نذيرا يتمسكوا بما يعبدون من دون الله ويحذرون الناس من دعوته ويأمرون بعضهم بعضا أن يصبروا على آلهتهم التي صاروا يعبدونها من دون الله وهم يحسبون أنهم مهتدون وأغلبهم صاروا شياطين وسوف أضع بين أيديكم إحدى جلساتي في دعوتي الجهرية في القوم كيف تحاصروا المستمعين حصاراً شديدا حتى لا تبقون لهم باباً إلا أغلقتموه حتى يؤمنوا بأنه الحق أو يعلموه حقيقةً فيصمتون ولكنهم لن يستطيعوا التكذيب فبماذا يكذبون بآيات الله فهذا ما يمنعهم إلا من كان شيطاناً مريدا وعلى هذا المنوال سوف ننطلق معكم نقطةً نقطة على هدى البيان الحق للقرآن الكريم ونلخص لكم الحدث والحقيقة عن حقيقة الآلهة المتعددة والشركاء وقال تعالى:
{وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَىٰ آلِهَتِكُمْ ۖ إِنَّ هَٰذَا لَشَيْءٌ يُرَادُ}
صدق الله العظيم [ص:٦].
والآن أحبتي في الله لماذا هؤلاء الملأ يقولون لقومهم اصبروا على آلهتكم؟ ولماذا جعلوها آلهة متعددة ولم يجعلوها إلهً واحد؟
والجواب أحبتي في الله أن هؤلاء الملاء قد ظهر رجلٌ فيهم يدعوهم ليجعلوا الآلهة إلهاً واحد كونه وجدهم يدعون مع الله عباداً أمثالهم فعلمهم أن ينافسوا الذين يدعونهم من دون الله ويتبعون طريقة هداهم فيحبون ربهم كما كان يحبه أنبياء الله ومن تبعهم وسار على نهجهم فيبتغون إلى ربهم الوسيلة ليكون كل واحد منهم هو الأحب والأقرب إلى الرب ولا يجعلوا الأنبياء خطاً أحمر فيعتقدون أنه لا يحق لهم منافستهم في حب الله وقربه فمن ثم صار تنافسهم هو حول حب ذلك النبي بغير قصدـ منهم فبالغوا فيه لذلك فإنهم قد رفضوا دعوة الداعية الحق لهم أن يتنافسوا مع جميع الأنبياء في حب الله وقربه ويتمنى كلٌ منهم أن يكون هو العبد الأحب والأقرب إلى الرب فتعجبوا من قول هذا الداعية وأخذتهم الدهشة إذ كيف يحصر التنافس هو إلهاً واحد لجميع العبيد سواء فقالوا:
{أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَٰهًا وَاحِدًا ۖ إِنَّ هَٰذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ}
صدق الله العظيم [ص:٥].
ومن ثم سيبادر أحد الأحباب ويقول ولكن ما زلت لم أعي كيف يجعل أولئك الذين تركوا التنافس في حب الله وقربه للنبي فصار آلهةً لهم من دون الله؟ فهل هذا يعني أن النبي الذي ترك قومه منافسته في حب الله وقربه قد جعلوه إلهً لهم من دون الله؟ بمعنى هل هناك قوماً اتخذوا من دون الله عباداً آلهة؟
ومن ثم نجيب السائل فنقول:
إن الجواب ستجدونه واضحاً وجلياً من مُحكم الكتاب في قول الله تعالى:
{وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا}
صدق الله العظيم [مريم:٨١].
والسؤال الثاني هو ما هي الطريقة التي باتباعها جعلت الناس يتخذون العبيد آلهةً لهم بين يدي ربهم؟
والجواب كذلك ستجدونه جلياً واضحاً في كتاب الله عن الطريقة التي اتبعها الناس فجعلت العبيد آلهتهم وذلك تصديقاً لقول الله تعالى:
{أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ شُفَعَاءَ ۚ قُلْ أَوَلَوْ كَانُوا لَا يَمْلِكُونَ شَيْئًا وَلَا يَعْقِلُونَ}
صدق الله العظيم [الزمر:٤٣].
فانظروا أحبتي في الله للذين اتخذوا من دون الله آلهة في قوله تعالى: {وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَة}
؛ ستجدون الجواب من الرب في محكم الكتاب أنهم هم الذين اتخذوا شفعاءً لهم بين يدي ربهم لذلك يذكرهم ربهم بصيغة السؤال فقال: {أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ شُفَعَاءَ}
؛ وذلك لأن من اتخذ له شفيعاً بين يدي ربه فذلك هو آلهته من دون الله.
ولربما قلتم بما أن الذين اتخذوا الشفعاء بين بين يدي الله قد صاروا آلهتهم حتى لو ظنوا أنهم غير معتقدين بذلك إذاً فلا بد أن الله قد أخبرنا بأننا صرنا نعبدهم من دونه كوننا اتخذناهم آلهةً لنا عندما اتخذناهم شفعاؤنا بين يدي الله!
ومن ثم يأتيكم الجواب من مُحكم الكتاب مصدقاً لما توصلت إليه عقولكم وقال تعالى:
{وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَٰؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ ۚ}
صدق الله العظيم [يونس:١٨].
إذاً كل الذين اتخذوا شفيعاً لهم بين يدي ربهم فقد صار شفيعهم هو إلههم من دون الله فهم يعبدونه وعبادته هي عن طريق المبالغة فيه ولذلك قالوا هؤلاء شفعاؤنا عند الله، فغيروا ما في قلوبكم أيها الناس ولا تقولوا بل نحن نعبد الله يا رجل فلا تفتري علينا أننا نعبد الشفعاء؟
ثم نجيب فنقول: ومن أصدق من الله قيلا فهل أصدقكم وأكذب الله، ألم يخبرنا ربنا حبيبنا أن الذين يعبدون من دون الله ما يضرهم ولا ينفعهم هم الذين يقولون هؤلاء شفعاؤنا عندالله؟ ولكن هؤلاء الشفعاء سيتبرئون من من عبادة الذين أشركوهم بالله فيقولون: {تَبَرَّأْنَا إِلَيْكَ ۖ مَا كَانُوا إِيَّانَا يَعْبُدُونَ}
صدق الله العظيم [القصص:٦٣].
وقد كنا مثلكم ممن يتخذون نبيهم شفيعاً لهم بين يدي ربهم فيقولون وارزقنا يوم القيامة شفاعته؟ وكذلك جعلنا الشهداء والأطفال شفعاء لأهاليهم؟ فكيف تنكرون ذلك؟ وما دامت تلك عقيدتنا التي نعتقدها فإن الجواب على تلك العقيدة الباطلة جاء من الله أن كل أناس اتخذوا شفيعاً لهم بين يدي الله فهو إلههم وهم يعبدونه من دون الله فمن أصدق من الله قيلا فعليكم إذاً الكفر بهذا المعتقد الباطل إلى الحق فاكفروا بكافة الشفاء بين يدي الله فالشفيع هو الله وحده كونه الإله وحده لا شريك له.
وإنني قادر بإذن الله أن أثبت لكم حقيقة هذا المعتقد عن الآلهة المتعددة والشفعاء وسترونه بقلوبكم هو الحق على الواقع الحقيقي رغم أن الذين مايزالون يعتقدون بالشفعاء سوف ينكرون ذلك وتأخذهم العزة بالإثم إلا أنهم كاذبون كون عقولهم سوف تفتيهم بأننا نطقنا بالحق الحقيق لا شك ولا ريب، وأما البرهان الواضح الذي يفضح حقيقة الشفعاء ستجدونه في قول الله تعالى:
{وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ ۖ وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ}
صدق الله العظيم [الزمر:٤٥].
فكل إنسان يعتقد بشفاعة عبد لعبد سواءً كان ذلك العبد نبي أو ولي فبمجرد ما يحدثهم أحد التاليات ذكرا، أو طلابهم أحد الملقيات ذكرا فيوحدون الله في الكتاب بأن ينفون شفاعة العبيد بين يدي الرب المعبود ويثبتون الشفاعة لله وحده فتشفع للناس رحمته من غضبه وعقابه، فمن ثم ترى أولئك تشمأز قلوبهم ويغضبون فيقولون ولماذا تقللون من شأن النبي فتنفون شفاعته كونهم يبالغون فيه فاتخذوه شفيعاً لهم بين يدي ربهم نظراً لاتباعهم أحاديثاً مفتراة عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وبينها وبين القرآن اختلافاً كثيرا؟ ولكن إذا جاءهم أحدهم بحديث من كلام الشيطان المفترى عن رسول الله وصحابته الصادقين الثابتين معه قلباً وقالبا وذكر فيه شفاعة النبي تهللت وجوههم بالفرحة فيستبشرون بذكر الذي من دون الله ليكون لهم شفيعاً بين يدي من هو أرحم بهم من الله وتلك هي عقيدتهم، ولذلك وصفهم الله بوصف أشد عمقاً ووضوخاً فقال:
{ذَٰلِكُمْ بِأَنَّهُ إِذَا دُعِيَ اللَّهُ وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ ۖ وَإِنْ يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُوا ۚ فَالْحُكْمُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ}
صدق الله العظيم [غافر:١٢].
فانظروا أحبتي في الله وتأكدوا مرةً أخرى سترون الأيات التاليات تترى كما يلي:
{أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ شُفَعَاءَ ۚ قُلْ أَوَلَوْ كَانُوا لَا يَمْلِكُونَ شَيْئًا وَلَا يَعْقِلُونَ (٤٣) قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا ۖ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۖ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (٤٤) وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ ۖ وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ (٤٥)}
صدق الله العظيم [الزمر].
ولا تستغربوا أحبتي في الله فالمشركين ثلاثة أنواع نوعين ضالين ونوع شياطين أما النوع الأول من المشركين فهم المؤمنين الذين يقولون هؤلاء شفعاونا عندالله من الذين لا يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم به مشركون والنوع الثاني هم قوم من الأرض المجوفة من الذين يعبدون الشياطين من دون الله بظن منهم أنهم ملائكة الرحمن المقربين والنوع الثالث من المشركين هم الشياطين الذين يدعون إناث الشياطين من دون الله فهم يعلمون بالحق ومع ذلك يتبعون سبيل الباطل وأولئك أولى بنار جهنم صليا.
ويا أحبتي في الله ما زال الموضوع لم يكتمل بعد ولم نحتوي الفكرة بكامل جوانبها لتتضح لكم الصورة كيف علمنا الإمام نون عليه الصلاة والسلام وكيف جمع الله هذا النور في قلوبنا ففقهناه فسبحان من أحيا قلوبنا من بعد موتها عشرات السنين، فتعالوا للنظر في المزيد من النور عن الشفعاء والآلهة المتعددة ثم لننظر هل الله سمى الذين يقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله بالمشركين؟ وهل الله كذلك سمى من زعموا أنهم شفعاؤهم بشركائهم عند الله؟
وإلى الجواب من من محكم الكتاب ستجدونه جلياً واضحاً ناصع البياض لا غبار عليه فقال تعالى:
{وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ مِنْ شُرَكَائِهِمْ شُفَعَاءُ وَكَانُوا بِشُرَكَائِهِمْ كَافِرِينَ}
صدق الله العظيم [الروم:١٣].
فهاهم الشفعاء شركاء الذين كانوا يدعونهم من دون الله واتخذوهم شفعاء بين يدي الله أرحم الراحمين قد كفروا بعقيدة الذين أشركوهم بالله ويكونون عليهم ضدا ولذلك قال تعالى:
{وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا (٨٣) كَلَّا ۚ سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا (٨٢)}
صدق الله العظيم [مريم].
يا بني آدم إنما الله يكلمكم عن العقيدة الحقيقية في الكتاب أن كل عبد يدعوا عبداً مثله فقد أشركه بالله وصار إله من دون الله فهو يعبده ويدعوه من دون الله كون عقيدة الهدى الحقيقية قد بينها الله ووضحها وجعلها في هدى جميع الأنبياء والمرسلين يبتغون إلى ربهم الوسيلة أيهم أقرب إلى الرب وما ينبغي لعبد أن يترك التنافس في حب الله لعبد آخر فيكون من المشركين بالله ولن يجد له من دون الله ولياً ولا نصيرا، إلا أصحاب اليمين تركوا التنافس ليس لأنهم لا يبتغون الوسيلة بل لأنهم اكتفوا بما قدموه من الأعمال الفرضية عليهم وهم المقتصدون وأولئك لو لم يخلق الله جنةً ولا نار لما عبدوا الله شيئا، غفر الله لجميع عباده ولنا معهم وهو أرحم الراحمين
فليست العقيدة الحقيقية ما تعتقدونه فتقولون بل نحن نعبد الله وحده ولم نشرك به أحدا! ثم نجيبكم فنقول إذاً فلماذا تدعون مع الله أحدا فاتخذتم شفعاء بين يديه وهو أرحم الراحمين؟ فعقيدتكم باطلة وإنما أنتم تعبدون ربكم ظناً منكم أنكم تعبدونه حق عبادته ولكنكم قد أشركتم به عباده المقربون فلم تعودوا تعلمون كيف تعبدون ربكم فقد ضللتم زمناً طويلا فبعث الله إليكم النذير الأخير ليعلمكم كيف تعبدون ربكم حق عبادته فتقدرونه حق قدره وأنتم عن دعوة الحق معرضون.
ولربما قال أحدكم إنما هؤلاء المشركون وشركاؤهم هم عبدة الأصنام وليس نحن؟
ثم نجيب هذا السائل فنقول ألا وإن للأصنام سر بعيد فهي عبارة عن تماثيل صنعتها الأمم الأولى لأنبياء الله في كل أمة ولأولياء الله المكرمون فيعتقدون أنهم شفعاؤهم عندالله حتى إذا تم حشرهم فمن ثم يعرف المشركون شركائهم الذين جسدوا أصناماً تماثيل لصورهم فيقولون:
{وَإِذَا رَأَى الَّذِينَ أَشْرَكُوا شُرَكَاءَهُمْ قَالُوا رَبَّنَا هَٰؤُلَاءِ شُرَكَاؤُنَا الَّذِينَ كُنَّا نَدْعُو مِنْ دُونِكَ ۖ فَأَلْقَوْا إِلَيْهِمُ الْقَوْلَ إِنَّكُمْ لَكَاذِبُونَ (٨٦) وَأَلْقَوْا إِلَى اللَّهِ يَوْمَئِذٍ السَّلَمَ ۖ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ (٨٧)}
صدق الله العظيم [النحل].
وعزة الله وجلاله أن كل عبد يعتقد بشفاعة عبد له بين يدي ربه أرحم الراحمين فهو إلهه من دون الله شئتم أم أبيتم فهل أنتم أصدق من الله ومن أصدق من الله قيلا؟
وسأضع لكم هذا الإختبار الذهني البسيط بسؤال بسيط جداً سنمحص به عقيدتكم إن كنتم صادقين فنقول:
ألستم تعلمون أن الله بعث محمد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ليخرج قومه من عبادة الأصنام التي اتخذوها شفعاءً لهم بين يدي الله فقالوا إنما يعبدونها لتقربهم إلى الله زلفى والسؤال هو: كيف لمحمدٍ رسول الله أن يدعو قومه ليخرجهم من عبادة الأصنام التي اتخذوها شفعاءً لهم عند ربهم ثم يقول لهم أنا شفيعكم فيجعل نفسه صنماً جديداً يدعونه من دون الله ليشفع لهم عند ربهم كما كانوا يدعون أصنامهم من قبل؟ فهل بالله عليكم سيصدقه قومه ويتبعونه؟ فهل أنتم قوم لا تتفكرون ولا تعقلون؟ فكيف للنبي أن يدعو قومه فيقول لهم: ذروا عبادة الأصنام ودعائها من دون الله ثم يقول لهم أنا صنمكم الجديد فادعوني من دون الله، كون تلك هي عقيدتكم يا معشر المسلمين حين افتريتم على رسول الله زوراً وبهتاناً عظيما أنه قال أنا لها أنا لها فجعلتموه صنماً جديداً تسألونه الشفاعة ليقربكم إلى الله زلفى، فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر.
فهيا يا أصحاب عقيدة شفاعة العبيد بين يدي الرب المعبود ادعو شركائم من دون الله ليشفعوا لكم فهل تراهم سوف يستجيبون لكم؟ وقال تعالى:
{لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ ۖ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لَا يَسْتَجِيبُونَ لَهُمْ بِشَيْءٍ إِلَّا كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْمَاءِ لِيَبْلُغَ فَاهُ وَمَا هُوَ بِبَالِغِهِ ۚ وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ} صدق الله العظيم [الرعد:١٤].
فدعاؤكم في ضلال مبين كونكم تدعون العبيد بين يدي الرب المعبود فمن أرحم من الله أرحم الراحمين لو كنتم تعقلون؟ فكيف تلتمسون رحمة الشفعاء بين يدي من هو أرحم بكم وبهم الله أرحم الراحمين؟
وبعض البشر سيقولون وإنما نحن ندعوهم من بعد موتهم ليستجيبوا لنا من بعد بعثهم فيشفعوا لنا يوم القيامة عند ربنا ولذلك أجاب الله عقيدتهم المنكرة بالقول الصواب فقال تعالى:
{إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ ۖ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ ۚ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ} صدق الله العظيم [فاطر:١٤].
يا قوم إن شركائكم هم كل من تدعونهم من دون الله من الأنبياء والأولياء والصالحين من العباد ألستم تقولون لكبرائكم وعلمائكم ياشيخ فلان إدعو لي الله ليشفيني أو يفرج همي أو تقولون لبعضكم بعضا دعواتكم أو ادعو لنا ربكم؟
فهذا شرك بالله وصار أولئك شراكائكم عند الله كونكم جعلتم بينكم وبين ربكم وسيطا والله أمرنا وقال:
{فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} صدق الله العظيم [الجن:١٨].
فانظروا لنبي الله نوح عليه الصلاة والسلام كيف أطلق على كبراء القوم الذين كان قومه يدعونهم من دون الله وقال تعالى:
{وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ مَقَامِي وَتَذْكِيرِي بِآيَاتِ اللَّهِ فَعَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْتُ فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ وَلَا تُنْظِرُونِ}
صدق الله العظيم [يونس:٧١].
فهل يا قوم ما تزالون تعتقدون بالشفعاء بين يدي ربكم أرحم الراحمين؟ وأعلم جواب بعض الذين ما زالت قلوبهم لم تتطهر بعد من عقيدة الشفعاء فيقول ولكننا لن نسأل الشفاعة من أحد يوم القيامة بل سيأتي النبي ليطلبها من ربه لأمته فيقول أمتي أمتي؟
ثم نجيبكم فنقول لكم إنكم لكاذبون إنكم لكاذبون !فوالله لن يتجراء نبيٌ ولا ولي أن يقف بين يدي الله ليجادل عن نفس أخرى حتئ لو كانت النفس نفس ولده وفلذة كبده، تصديقاً لقول الله تعالى:
{يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَنْ نَفْسِهَا وَتُوَفَّىٰ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ}
صدق الله العظيم [النحل:١١١].
فلن تجزي نفس عن نفس شيئا سواءً نفس مؤمن أو كافر إنس أم جن أم ملائكة، وإنما سمح الله لنا في هذه الحياة الدنيا أن نستغفر للذين سبقونا بالإيمان ونستغفر للضالين من موتى الكافرين وندعو لبعضنا البعض عن ظهر الغيب، وأما يوم القيامة فتخشع الأصوات للرحمن فلا تسمع إلا همسا فجادلوا ربكم من هذه الحياة الدنيا واستغفروا للمسلمين أجمعين أحياءً وميتين ثم استغفروا للضالين من موتى الكافرين كما استغفر نبي الله إبراهيم لأبيه آزر من بعد موته ثم ادعوا الله أن يهدي عباده أجمعين ليكونوا أمة واحدة على الحق شاكرين ربهم فيرضى ولذلك قال تعالى:
{هَا أَنْتُمْ هَٰؤُلَاءِ جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَمَنْ يُجَادِلُ اللَّهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَمْ مَنْ يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلًا}
صدق الله العظيم [النساء:١٠٩].
فلا تزعموا يا معشر الجاهلين الصم البكم الذين لا يعقلون أن الإمام المهدي المنتظر ناصر محمد اليماني حين يعلمنا أن الشفاعة لا تحل إلا للعبد الفائز بالدرجة العالية الرفيعة في جنة النعيم فتعتقدون أن ذلك يعني أن الإمام المهدي سيقول ربي شفعني فتكونون قد افتريتم على خليفة الله زوراً وبهاتنا كبيراً.
وأشهد لله أن الذين يحاولون جزافا، أن يفتروا على خليفة الله بذلك القول أنهم لكاذبون خبتم وخسرتم يا من أعمى الله قلوبكم فارتددتم بعد إيمانكم كمثل العضو المسمي نفسه "قول الحق" وهو قول الباطل الذي إذا قيل له وصاحبه اتقي الله أخدتهم العزة بالإثم فأعرضوا عن أيات الله البينات واتبعوا أهوائهم وأعرضوا عن أمر الرحمن أن لا يقولوا على الله ما لا يعلمون وأطاعوا أمر الشيطان الذي يأمرهم بالسوء والفحشاء وأن يقولوا على الله ما لا يعلمون.
فتعالوا لنعلمكم إن كان لكم أذان بها تسمعون فنقول: إن العبد الفائز بالدرجة العالية الرفيعة في جنة النعيم والذي تحل له الشفاعة؛ ليس كما تعتقدون فتشركون بالله أنه سيقف بين يدي ربه ليقول أمتي أمتي أو يقول أنا لها أنا لها فإنكم لكاذبون، قل هاتوا برهانكم بذلك القول إن كنتم صادقين؟ وحاشا لله أن يخالفنا خليفة الله إلى ما ينهانا عنه بل يقول لنا كونوا ربانيين واعبدوا الله وحده لا تشركون به شيئا، وإنما ذلك العبد الذي سيملك الشفاعة هو تصديقاً لقول الله تعالى:
{لَا يَمْلِكُونَ الشَّفَاعَةَ إِلَّا مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَٰنِ عَهْدًا}
صدق الله العطيم [مريم:٨٧].
وأما كيف يملك الشفاعة ولله الشفاعة جميعا؟ وذلك بأن يجعله الله السبب فيعطيه الإذن بالخطاب بالقول الصواب، ليحقق الشفاعة في نفس الله لتشفع للناس رحمته من غضبه وعقابه.
ولربما قال "قول الحق"، ولماذا ذلك العبد بالذات هو الذي سيجعله الله سبباً في تحقيق الشفاعة في نفس الله لتشفع للناس رحمة الله من غضبه وعقابه؟
فمن ثم نجيب أخينا فنقول: وذلك لأنه اتخذ عند الرحمن عهدا أن لا يرضى حتى يرضى ولذلك قال تعالى:
{لَا يَمْلِكُونَ الشَّفَاعَةَ إِلَّا مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَٰنِ عَهْدًا}
صدق الله العظيم [مريم:٨٧].
ولربما يقاطعنا قبيل السائل فيقول: ولماذا لا يكون ذلك الذي اتخذ عند الوحمن عهداً هو محمد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟
ثم نجيب السائل فنقول وذلك لكون حبيبنا في حب ربنا محمد رسول الله لم يتخذ عندالرحمن عهدا أن لا يرضى حتى يرضى بل أخبرنا ربنا حبيبنا عن رسول الله أنه سيرضى تصديقاً لقول الله تعالى:
{وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَىٰ}
صدق الله العظيم [الضحى:٥].
وأعلم أن العضو قول الحق سيقول ساخراً كعادته فهل تحقيق ذلك العبد للشفاعة في نفس الله لتشفع للناس رحمة الله من غضبه وعقابه هو أن يتخذ عند الله عهدا فيقول لن أرضى حتى يرضى فإذا رضى الله تحققت الشفاعة؟
ثم نجيب أخينا في الله ونقول نعم إن الشفاعة هي أن يرضى الله ولكن رضوان ذلك العبد متعلق برضوان ربه كون ذلك العبد اتخذ عند ربه عهدا أن لا يرضى في نفسه حتى يرضى الله في نفسه لأن الله وعد عباده أن يرضيهم حتى يرضوا تصديقاً لقول الله تعالى: {رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ۚ}
صدق الله العظيم [البينة:٨].
ولذلك اتخذ ذلك العبد وزمرته عهداً عند ربهم أن لا يرضوا حتى يرضى ولن يرضيهم ربهم حتى بترليون وسيلة ولا حتى بترليون جنة يخلقها الله لهم ولا ولن يرضوا حتى لو ضاعف الله لهم ما سيعطيهم عدد ذرات هذا الكون العظيم وعدد ما كان وما سيكون إلى أن يصير الكون كما كان عليه قبل أن يكون ثم يزيدهم بأمر الكاف والنون وهم ثابتون لا يرضون أبدا ويقيم الله لهم يوم القيامة وزنا ويتساوى إصرارهم بميزان القدرة الإلهية ولن يرضيهم ربهم فيرضوا حتى يرضى ولذلك خلقهم ولا تبديل لخلق الله في غايتهم ولن يبدلوا تبديلا حتى يرضى ربهم حبيب قلوبهم فإذا أوفاهم الله بما وعد وحقق لهم الرضوان الأكبر وهو النعيم الأعظم من جنة النعيم والحور العين فيرضى ومن أوفى بوعده من الله، هنا تعم رحمة الله وينتهي الفزع من قلوب أولئك الذين كانوا يظنوا أن يفعل بهم فاقرة فتتحقق الشفاعة من الله وحده فتشفع للناس رحمة الله من غضبه وعقابه وإنما كان ذلك العبد الذي وقف بين يدي ربه يجادله عن تحقيق النعيم الأعظم من الجنة وهو رضوان نفس الله فكان جداله لتحقيق رضوان الله سبباً في تحقيق الشفاعة لأن الله وعد بأن يرضي عنهم ويرضوا عنه فرفض ذلك العبد وزمرته أن يعطيهم ربهم حتى يرضوا فيرضى الله عنهم، فقالوا وإن رضيت عنا يا رب فذلك ليس هدفنا فأنت لم تخلقنا من أجل جنتك فمن ثم ترضي عنا وتدخلنا الجنة ونحن لسنا عبيد الجنة بل خلقت الجنة من أجلنا وخلقتنا من أجلك وما رضوانك علينا إلا جزء من رضوانك الأكبر والأعظم فتكون راض في نفسك وكيف يرضى الله في نفسه حتى يدخل عباده في رحمته، من أجل ذلك اتخذ ذلك العبد وزمرته رضوان نفس ربهم غاية وما بدلوا تبديلا، فمن ثم أوفاهم ربهم بما وعد فرضي في نفسه فعمت رحمته غضبه وتحققت الشفاعة ومن ثم رضي ذلك العبد عن ربه بعد أن تحقق رضوان الله ونفس ذلك العبد هي النفس الوحيدة المطمئنة التي جعل الله رضوانها قبل رضوانه.
وهنا يندهش العضو المسمى "قول الحق" وقبيله وزمرتهم فيقولوا بلسان واحد موحد فأتنا بالبرهان المبين من محكم القرآن العظيم أن الشفاعة لن تتحقق إلا إذا رضى الله؟
ومن ثم نترك لهم الجواب الجلي والواضح البين لأولي الألباب وليش لأشر الدواب من محكم الكتاب وقال تعالى:
{وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لَا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَرْضَى}
صدق الله العظيم [النجم:٢٦].
وأما رضوان الله فله مرحلة أولى يتم السعي لتحقيقها من هذه الحياة الدنيا عن طريق البلاغ لهدى البشرية جميعا كون الله قد عرف لنا ما يرضي نفسه فقال تعالى:
{إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ ۖ وَلَا يَرْضَىٰ لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ ۖ وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ ۗ}
صدق الله العظيم [الزمر٧].
ومن بعد أن يتحقق الهدف بهدى البشرية فيصيروا أمة واحدة لربهم شاكرين فيرضى فتأتي يوم القيامة المرحلة الثانية لرضوان نفس ربنا فيحقق لقومٍ يحبهم ويحبونه وعدهم فيرضى ولسوف يرضى.
فهيا يا معشر المسلمين وعلمائهم كفاكم نوماً على بطونكم صحصحوا فقد ولى زمن النوم إستيقضوا من قبل أن تنادون من مكان بعيد فتفرون فلا تجدون لكم من دون الله ولياً ولا نصيرا ألا تعلمون أن هدفنا عكس هدف الشيطان الرجيم تماما كون الشيطان يسعى بكل حيلة ووسيلة ليجعل الناس أمة واحدة على الكفر حتى لا يكونوا لربهم شاكرين كونه علم أن الله يرضى لعباده الشكر ولا يرضى لهم الكفر لذلك أقسم وقال:
{قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ (١٦) ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ ۖ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ (١٧)}
صدق الله العظيم [اﻷعراف].
فانظروا لقول الشيطان الرجيم: {وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ}
؛ فذلك هدفه في نفس الله حتى لا يكون الله راضٍ كون الله عرف لنا رضوانه بأنه في هدى عباده فيكونون لربهم شاكرين، فهل فقهتم يا قوم؟ وهل ما تزالون تصفوننا بأننا دعاة فتنة وضلال حين ندعوكم لتعبدوا ربكم حق عبادته ونجاهد في سبيل الله لتحقيق الهدف المعاكس لهدف الشيطان الرجيم؟ إذاً فالحق في نظركم هو ما يسعى إليه الشيطان وحزبه وصرتم من زمرته وأنتم لا تعلمون.
اللهم لا حول لنا ولا قوة إلا بك نحن عبادك جميعاً ولا ندري ما تفعل بنا ولا بهم فثبت قلوبنا وأقدامنا وأتمم لنا نورنا واغفر لنا إنك على كل شيءٍ قدير، اللهم إنا مهمومين مغمومين ورضوان نفسك غايتنا فمدنا بنعيم رضوان نفسك إلى قلوبنا لنطمئن وجنبنا وجميع المؤمنين هذه الفتنة وانصرنا على إبليس اللعين وحزبه بحولك وقوتك واغفر لقومنا فإنهم لا يعلمون ربنا من تبعنا فإنه منا ومن عصانا فإنك غفورٌ رحيم، كتب هذه المشاركة من هدى البيان الحق للقرآن أخوكم عبدالنعيم الأعظم علاءالدين نورالدين، وسلاٌ على المرسلين والحمدلله رب العالمين.