سلام على من اتّبع الهدى؛ حسنا أخي اقرأ معي قوله تعالى:إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ ۖ وَلَا يَرْضَىٰ لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ ۖ وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ ۗ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ ۗ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ۚ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ.
لقد قلت أخي في كلمك لا يرضى من عباده الكفر أجل هذا صحيح و أيضا لا يرضى لعباده الكفر إنّما يرضى لهم الشكر و الإيمان فصفة الرضوان في هذه الآية تعود لله تعالى جلّ في علاه لنفسه فهو لا يرضى لنا الكفر و يرضى لنا الشكر.
أخي لم يقل الله تعالى في هذه الآية رضي عنّي أو عنك كما قال في آيات أخرى عن رضاءه عن المؤمنين فرضوانه على العباد جزء من رضوان الله الأعظم و الأكبر ألا إنّه رضوانه في نفسه؛ قال رسولنا الأكرم صلوات ربي و سلامه عليه: سبحان الله وبحمده عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته
وهو القائل صلى الله عليه و سلّم عندما رجع من الطائف في حديث طويل أقتبس منه قوله صلى الله عليه و سلم: لك العتبى حتى ترضى.
أتردي أخي أنّ رضوان الله تعالى في نفسه هو أعظم من نعيم جنّاته و حوره فهو القائل:وعد الله المؤمنين والمؤمنات جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ومساكن طيبة في جنات عدن ورضوان من الله أكبر ذلك هو الفوز العظيم.
إقرأ أخي قوله تعالى:ورضوان من الله أكبر.فإن قلت لي أنّ هذا رضوانه على عباده أقول لك بكلّ إحترام ذلك مبلغك من العلم فهل تراه أدخلهم جنّته من غير أن يرضى عنهم و لكن هذا الرضوان هو نعيم أكبر و أعظم من جنّته ألا وهو رضوان الله تعالى في نفسه و رضوان الله تعالى على عباده إلّا جزء من رضوان نفسه.
و تعالى لنعلّمك سرّا علّمه لنا إمامنا الحبيب ناصر محمد اليماني إنّ الله تعالى جعل عبادته تجارة بينه و بين عباده فاشترى منهم أموالهم و أنفسهم بأنّ لهم الجنّة فقال جلّ في علاه: إِنَّ اللّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ.
و لكن هناك عبادة أرقى و أعظم و أكبر من البيع و الشراء مع الله ألا وهي أن تبتغي مرضات نفسه جلّ في علاه فلن ترضى بجنّاته و حوره حتى يرضى في نفسه و لن يرضى الله في نفسه حتى يكون الناّس أمّة واحدة على الهدى و يدخلهم جميعا في رحمته فتشفع لهم رحمته جلّ في علاه من عذابه و عقابه و هذا هو سرّ الشفاعة التي لم تحط بها علما بعد.
تدبّر جيّدا قوله تعالى:إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ ۖ وَلَا يَرْضَىٰ لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ ۖ وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ ۗ، هذا أخي مراد الله تعالى أن نكون لله شاكرين أماّ هدف الشيطان فاقرأ قوله تعالى: ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ ۖ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ.
إنّ الشيطان قد اتّخذ غاية في نفسه أن لا نكون لله شاكرين فقال الله تعالى فيه و في أمثاله من يصدّ عن سبيل الله: ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ.أرأيت أخي قوله:ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ.
فإن كان الشيطان قد أسخط الله أفلا نرضيه أم تريدنا أن لا يرضى ربّنا في نفسه من بعد سخطه؟
يا أخي إنّ الشيطان إتّخذ سخط الله غاية أفلا نتّخذ رضوانه في نفسه غاية.
و الله ثمّ و الله ثمّ و الله لو عقلت هذا الأمر و تدبّرت جيدا بيانات ناصر محمد اليماني عن سرّ النعيم الأعظم لعلمت أنّك جهلت قدر ربّك و حاله و لا علمت بسرّ الشفاعة أنّها جميعا لله و أنّ رحمته هي من ستشفع لعباده من عذابه لا تبديل لكلمات الله و لا لصفاته.
أخي ابتغي رضوان ربّك تفز فوزا عظيما إنّي و الله لك ناصح أمين.