الإمام المهديّ ناصر محمد اليمانيّ
24 - شوال - 1428 هـ
05 - 11 - 2007 مـ
09:17 مساءً
( بحسب التقويم الرسمي لأمّ القرى )
ـــــــــــــــــــ
المهديّ المنتظَر يحذّر النّصارى والمسلمين واليهود ..
بسم الله الرحمن الرحيم، من المهديّ المنتظر إلى النّصارى والمسلمين واليهود والنّاس أجمعين، والسلام على من اتّبع الهدى وبعد..
قال الله تعالى: {إِنَّ اللَّـهَ لَا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ} صدق الله العظيم [النساء:48]. يا معشر المسلمين، إنه لا يؤمن أكثركم بالله إلا وهم مشركون به عبادَه المقربين، ويا معشر النّصارى لقد ضللتم عن الصراط المستقيم وتعبدون المسيح عيسى وأمّه فتدعونهم من دون الله فأشركتم بالله المسيح عيسى ابن مريم وأمّه عليهما الصلاة والسلام، ويا معشر اليهود إنكم لتعبدون الشياطين من دون الله وأنتم تعلمون أنكم بالله مشركون وتعلمون الحقّ ولكنكم للحقّ كارهون، فتعالوا لننظر في علم الغيب في القرآن العظيم هل سينصرونكم أو ينتصرون؟ وقال الله تعالى: {احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ ﴿٢٢﴾ مِن دُونِ اللَّـهِ فَاهْدُوهُمْ إِلَىٰ صِرَاطِ الْجَحِيمِ ﴿٢٣﴾ وَقِفُوهُمْ ۖ إِنَّهُم مَّسْئُولُونَ ﴿٢٤﴾ مَا لَكُمْ لَا تَنَاصَرُونَ ﴿٢٥﴾ بَلْ هُمُ الْيَوْمَ مُسْتَسْلِمُونَ ﴿٢٦﴾} صدق الله العظيم [الصافات].
وإني المهديّ المنتظَر لا أدّعي علم الغيب بل أخاطبكم من حديث علّام الغيوب، وأعلم بأن هذه الآية تخُصّكم أنتم وآلهتكم من الشياطين الذين تدعونهم من دون الله فتعيذون بهم من عذابه، ولكنهم لا يستطيعون نصر أنفسهم فكيف ترجون النّصر منهم؟ وقال الله تعالى: {وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِلْغَاوِينَ ﴿٩١﴾ وَقِيلَ لَهُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ تَعْبُدُونَ ﴿٩٢﴾ مِن دُونِ اللَّـهِ هَلْ يَنصُرُونَكُمْ أَوْ يَنتَصِرُونَ ﴿٩٣﴾ فَكُبْكِبُوا فِيهَا هُمْ وَالْغَاوُونَ ﴿٩٤﴾ وَجُنُودُ إِبْلِيسَ أَجْمَعُونَ ﴿٩٥﴾ قَالُوا وَهُمْ فِيهَا يَخْتَصِمُونَ ﴿٩٦﴾ تَاللَّـهِ إِن كُنَّا لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ ﴿٩٧﴾ إِذْ نُسَوِّيكُم بِرَبِّ الْعَالَمِينَ ﴿٩٨﴾ وَمَا أَضَلَّنَا إِلَّا الْمُجْرِمُونَ ﴿٩٩﴾} صدق الله العظيم [الشعراء].
وهذه الآية تحتوي على ذكر ثلاثة مجموعات وهم: مجموعة الغاوين، ومجموعة علمائهم، والمجموعة الثالثة آلهتهم التي يعبدونها من دون الله من الشياطين.
فلنبدأ بتوضيح مجموعة الغاوين وهم من اليهود الأُمّيين والذين لا يعلمون كثيراً من حقائق الأمور عن نهايتهم المأساويّة ومصدّقين الأمانيّ التي يخبرهم بها علماؤهم بأنهم هم المنتصرون وأنهم هم الوارثون وإنْ هم إلا يظنون على حسب ما يقوله لهم علماء اليهوديّة من شياطين البشر، وأكرر وأقول إن الغاوين في هذه الآية هم من الذين لا يعلمون من اليهود وإنما يتّبعون أحاديث علمائهم الذين يُمَنّونهم بالكذب وهم يعلمون، وقال الله تعالى: {وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لَا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلَّا أَمَانِيَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ ﴿٧٨﴾} صدق الله العظيم [البقرة].
وأما جنود إبليس فهم من شياطين الجنّ والإنس الذين يريدون أن يضلّوا اليهود والنّصارى والمسلمين والنّاس أجمعين، ومن شياطين الإنس علماء اليهود من الذين يفترون على الله الكذب وهم يعلمون أنهم على الله يكذبون، فلا نطمع في إيمانهم ذلك لأنهم ليسوا بغاويين ولا ضالّين حتى نبيّن لهم سبيل الحقّ من سبيل الضلال، وقال الله عن أوّلهم: {أَفَتَطْمَعُونَ أَن يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلَامَ اللَّـهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِن بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ﴿٧٥﴾} صدق الله العظيم [البقرة].
أولئك هم علماء اليهود ومنهم الطائفة الذين جاؤوا إلى محمدٍ رسول الله - صلّى الله عليه وآله وسلّم - وقالوا: نشهد أن لا إله إلا الله ونشهد أنّ مُحمداً رسول الله، والله يشهد إنّهم لكاذبون اتخذوا أيمانهم جُنّةً وتستراً بالدّين لأنهم من علماء اليهود، ومن ثم قد أصبحوا في نظر المسلمين بأنهم سوف يكونون من العلماء الأجلاء لأنهم يحيطون بالتوراة والقرآن لكي يأخذ عنهم المسلمون واعتمدوهم من رواة الحديث نظراً لأنهم كانوا علماء بالتّوراة وزادهم الله علماً بالقرآن فهم في نظر كثيرٍ من المسلمين نورٌ على نورٍ، لذلك كانوا يأخذون عنهم الأحاديث فقد اعتمدوهم من رواة الحديث نظراً لأنهم كانوا يلتزمون بالحضور إلى محاضرات محمد رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، وقد سبق وأنْ بيّن لكم ناصر اليماني بأنهم إذا خرجوا من مجالس الحديث من عند رسول الله - صلّى الله عليه وآله وسلّم - ومن ثم يبيّتون أحاديث غير الأحاديث التي قالها محمدٌ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم.
وكما قلنا لكم من قبل بأن هذه الطائفة لهم صلة مباشرة مع شياطين الجنّ بل هم فيهم أي روحين في جسدٍ واحدٍ، ولكن الشياطين لا تمرضهم كما تمرض الآخرين إذا دخلوا فيهم لأنهم ليسوا أولياءهم، وإنما يبتلي الله بعض النّاس بمسوس الشياطين فيُمرضونهم، وأما اليهود فلا يمرضونهم لأنهم أولياؤهم، ولكن القرآن يحرق الشياطين الذين في أجساد علماء اليهود الحاضرين لدى مجلس محمد رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وكان مُحمداً رسول الله - صلّى الله عليه وآله وسلّم - يأمر من يشاء من صحابته بتلاوة القرآن حتى يقول: حسبك. ومن ثم يُبيِّن لهم ما شاء الله من الآيات بالبيان بالحديث، ولكن لو نظر أحد الصحابة إلى وجوه اليهود كيف تتغير أثناء تلاوة القرآن لعرفوهم نظراً لأن نور القرآن يحرق النّار التي تسكن في أجسادهم من الشياطين، ولكن الصحابة الحقّ طلبة العلم مشغولون بالنظر إلى وجه أستاذهم ومعلمهم محمد رسول الله - صلّى الله عليه وآله وسلّم - لذلك لم يعرفوا المنكر الذي يظهر في وجه علماء اليهود المؤمنين كذباً، ولكن محمداً رسول الله - صلّى الله عليه وآله وسلّم - كان مواجه القوم الحاضرين لذلك كان يرى ويعرف المنكر الذي يظهر في وجوه المنافقين من علماء اليهود، بل يراهم يكادون يسطون بالذين يتلون القرآن في المجلس، وذلك لأن القرآن نورٌ يحرق الشياطين الذين في أجسادهم فيشعر اليهود بتضايقٍ شديدٍ وغضبٍ في أنفسهم بل يكادون يسطون بالذين يتلون، وقال الله تعالى: {وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ تَعْرِفُ فِي وُجُوهِ الَّذِينَ كَفَرُوا الْمُنكَرَ ۖ يَكَادُونَ يَسْطُونَ بِالَّذِينَ يَتْلُونَ عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا ۗ قُلْ أَفَأُنَبِّئُكُم بِشَرٍّ مِّن ذَٰلِكُمُ ۗ النَّارُ وَعَدَهَا اللَّـهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ۖ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ ﴿٧٢﴾} صدق الله العظيم [الحج].
ومعنى قوله تعالى:{وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ}، وذلك الذين يتلون القرآن في مجلس محمدٍ رسول الله - صلّى الله عليه وآله وسلّم - حتى يقول لمن يتلو: "حسبك" لكي يبيّن لهم هذه الآية تنفيذاً لأمر الله في قوله تعالى: {وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ﴿٤٤﴾} صدق الله العظيم [النحل].
ومعنى قوله تعالى: {تَعْرِفُ فِي وُجُوهِ الَّذِينَ كَفَرُوا الْمُنكَرَ ۖ يَكَادُونَ يَسْطُونَ بِالَّذِينَ يَتْلُونَ عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا}، ويقصد محمداً رسول الله بأنه يعرف في وجوه المؤمنين ظاهر الأمر الكافرين في الباطن من الحاضرين من علماء اليهود، وذلك لأن محمداً رسول الله مواجهٌ للمجلس فينظر إلى وجوه القوم أثناء تلاوة القرآن فيعرف المنكر وهم الشياطين في وجوه المنافقين التي تتغير أثناء القراءة بل يكادون ينقضُّون على الذين يتلون، ولكنهم يضغطون على أعصابهم فيصبرون حتى لا يُكتشف أمرهم فيصبرون على حريق القرآن في أجسادهم.
ومعنى قوله تعالى: {قُلْ أَفَأُنَبِّئُكُم بِشَرٍّ مِّن ذَٰلِكُمُ ۗ النَّارُ وَعَدَهَا اللَّـهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ۖ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ ﴿٧٢﴾} صدق الله العظيم [الحج]، أي قل يا محمد بينك وبينهم: {قُلْ أَفَأُنَبِّئُكُم بِشَرٍّ مِّن ذَٰلِكُمُ ۗ النَّارُ وَعَدَهَا اللَّـهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ۖ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ ﴿٧٢﴾}.
ولربّما يودّ أحد أن يقاطعني فيقول: "كيف يخلو بهم محمدٌ رسول الله - صلّى الله عليه وآله وسلّم - لكي يقول لهم ذلك سرّاً؟ فلماذا لا يقوله لهم أمام الملأ ومن ثم يطردهم؟". ومن ثم نردّ عليه فنقول: له اسمع يا هذا إن محمداً رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم لم يكشف أمرهم ولم يطردهم تنفيذاً لأمر الله أن يُعرض عنهم ولا يكشف أمرهم. تصديقاً لقول الله تعالى: {وَيَقُولُونَ طَاعَةٌ فَإِذَا بَرَزُوا مِنْ عِندِكَ بَيَّتَ طَائِفَةٌ مِّنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ ۖ وَاللَّـهُ يَكْتُبُ مَا يُبَيِّتُونَ ۖ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّـهِ ۚ وَكَفَىٰ بِاللَّـهِ وَكِيلًا ﴿٨١﴾ أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ ۚ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللَّـهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا ﴿٨٢﴾} [النساء].
ولربّما يودّ أحدكم أن يقاطعني فيقول: "ولماذا أمر الله رسوله بالإعراض عنهم وعدم طردهم فهل الله يريد أن يُضلوا المسلمين؟". ومن ثم نردّ عليه: كلا إن الله لا يرضى لعباده الكفر، ولكن ليُبيّن الذين سوف يستمسكون بحديث الله القرآن العظيم وحديث رسوله الذي لا يخالف لحديثه في القرآن بل يزيده توضيحاً وبياناً من الذين سوف يستمسكون بأحاديث تخالف حديث الله وحديث رسوله - صلّى الله عليه وآله وسلّم - أولئك ضلوا عن كتاب الله وسُنّة رسوله، وذلك لأن أحاديث محمداً رسول الله - صلّى الله عليه وآله وسلّم تسليما كثيراً - تأتي لتزيد حديث الله في القرآن بياناً وتوضيحاً، ولا ينبغي له أن يأتي حديث العبد مخالفاً لحديث الربّ. تصديقاً لقول الله تعالى: {وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ ﴿٤٤﴾ لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ ﴿٤٥﴾ ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ ﴿٤٦﴾ فَمَا مِنكُم مِّنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ ﴿٤٧﴾} صدق الله العظيم [الحاقة].
وبعد أن بيّنت لكم بأن محمداً رسول الله - صلّى الله عليه وآله وسلّم - لم يطردهم، وكذلك بيّنت الحكمة من الله بعدم طردهم، ومن ثم نعود لمواصلة شرح الآية التي كنا نخوض فيها وهي قصة شياطين البشر إذا كانوا في مجلس محمدٍ رسول الله يقولون الحقّ ولا يخفون الحقّ الذي يعلمونه في التوراة أمام محمد رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، ومن ثم يُعجَب محمدٌ رسول الله بقولهم وكذلك الصحابة تزداد ثقتهم بهم وذلك قبل أن يكشف الله أمرهم لرسوله كان يُعجَب بقولهم ويظنهم صادقين، ولكن حين عودتهم يجدون عتاباً من الشياطين التي تسكنهم وقالوا لهم: {إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ ﴿١٤﴾} [البقرة].
ومن ثمّ تعاتبهم الشياطين لماذا يقولون كلمة الحقّ أمام المسلمين؟ وقال الله تعالى: {وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَا بَعْضُهُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ قَالُوا أَتُحَدِّثُونَهُم بِمَا فَتَحَ اللَّـهُ عَلَيْكُمْ لِيُحَاجُّوكُم بِهِ عِندَ رَبِّكُمْ ۚ أَفَلَا تَعْقِلُونَ ﴿٧٦﴾} صدق الله العظيم [البقرة].
ولكن شياطين البشر أدهى من شياطين الجنّ فقد بيّنوا لهم إن لهم حكمة من ذلك لكي يكسبوا ثقة المسلمين حتى إذا وثقوا فيهم فعندها سوف ينفذون أحاديث الباطل التي كانوا يبيّتون من قبل. قاتلهم الله أنَّى يؤفكون. فكم أضلوكم عن الصراط المستقيم!
ومن ثم نعود لشرح الآية التي كنا نخوض فيها في بداية الخطاب في قوله تعالى: {وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِلْغَاوِينَ ﴿٩١﴾ وَقِيلَ لَهُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ تَعْبُدُونَ ﴿٩٢﴾ مِن دُونِ اللَّـهِ هَلْ يَنصُرُونَكُمْ أَوْ يَنتَصِرُونَ ﴿٩٣﴾ فَكُبْكِبُوا فِيهَا هُمْ وَالْغَاوُونَ ﴿٩٤﴾ وَجُنُودُ إِبْلِيسَ أَجْمَعُونَ ﴿٩٥﴾ قَالُوا وَهُمْ فِيهَا يَخْتَصِمُونَ ﴿٩٦﴾ تَاللَّـهِ إِن كُنَّا لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ ﴿٩٧﴾ إِذْ نُسَوِّيكُم بِرَبِّ الْعَالَمِينَ ﴿٩٨﴾ وَمَا أَضَلَّنَا إِلَّا الْمُجْرِمُونَ ﴿٩٩﴾} صدق الله العظيم [الشعراء].
ومعنى قوله: {قَالُوا وَهُمْ فِيهَا يَخْتَصِمُونَ ﴿٩٦﴾ تَاللَّـهِ إِن كُنَّا لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ ﴿٩٧﴾ إِذْ نُسَوِّيكُم بِرَبِّ الْعَالَمِينَ ﴿٩٨﴾}، وقال ذلك القول اليهودُ الغاوون قالوه للشياطين؛ قالوا: {تَاللَّـهِ إِن كُنَّا لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ ﴿٩٧﴾ إِذْ نُسَوِّيكُم بِرَبِّ الْعَالَمِينَ ﴿٩٨﴾ وَمَا أَضَلَّنَا إِلَّا الْمُجْرِمُونَ ﴿٩٩﴾}.
ومعنى قولهم: {وَمَا أَضَلَّنَا إِلَّا الْمُجْرِمُونَ ﴿٩٩﴾}، ويقصدون علماءهم المجرمين لأنهم اتّبعوهم وكذبوا عليهم ومنَّوْهُم بأنهم المنصورون وأنهم الوارثون.
فقد بيّنا لكم يا معشر اليهود ما سوف يجري في علم الغيب لعلكم تحذرون، فاتّبعوني أهدكم صراطاً مستقيماً، وقولوا لا إله إلا الله محمد رسول الله، ولا تفرّقوا بين أحدٍ من رسل الله أجمعين، واعتنقوا الإسلام واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً تَسلَمون من عذابه ويهديكم صراطاً مستقيماً ويؤتيكم من لدنه أجراً عظيماً. تصديقاً لقول الله تعالى:
{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَن يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا ﴿٦٠﴾ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَىٰ مَا أَنزَلَ اللَّـهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنكَ صُدُودًا ﴿٦١﴾ فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جَاءُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللَّـهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا إِحْسَانًا وَتَوْفِيقًا ﴿٦٢﴾ أُولَـٰئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّـهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُل لَّهُمْ فِي أَنفُسِهِمْ قَوْلًا بَلِيغًا ﴿٦٣﴾ وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّـهِ ۚ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُوا أَنفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّـهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّـهَ تَوَّابًا رَّحِيمًا ﴿٦٤﴾ فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴿٦٥﴾ وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِن دِيَارِكُم مَّا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِّنْهُمْ ۖ وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا ﴿٦٦﴾ وَإِذًا لَّآتَيْنَاهُم مِّن لَّدُنَّا أَجْرًا عَظِيمًا ﴿٦٧﴾ وَلَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطًا مُّسْتَقِيمًا ﴿٦٨﴾ وَمَن يُطِعِ اللَّـهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَـٰئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّـهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ ۚ وَحَسُنَ أُولَـٰئِكَ رَفِيقًا ﴿٦٩﴾} صدق الله العظيم [النساء].
ويا معشر النّصارى، تعالوا لننظر ما سوف يجري في علم الغيب، وما هي نتيجة امتحانكم في الحياة الدنيا إن ظللتم على ما أنتم عليه تدعون المسيح عيسى ابن مريم وأمّه من دون الله؟ وقال الله تعالى:
{وَإِذْ قَالَ اللَّـهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَـٰهَيْنِ مِن دُونِ اللَّـهِ ۖ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ ۚ إِن كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ ۚ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ ۚ إِنَّكَ أَنتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ ﴿١١٦﴾ مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّـهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ ۚ وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَّا دُمْتُ فِيهِمْ ۖ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنتَ أَنتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ ۚ وَأَنتَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ﴿١١٧﴾ إِن تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ ۖ وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴿١١٨﴾ قَالَ اللَّـهُ هَـٰذَا يَوْمُ يَنفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ} صدق الله العظيم [المائدة:من الآية 116 إلى الآية 119].
فاتّبعوني يا معشر النّصارى أهدكم صراطاً مستقيماً، ويؤتِكم الله من لدُنه أجراً عظيماً ويغفرْ لكم جميع ذنوبكم إن الله كان غفوراً رحيماً.
ويا معشر المسلمين، إنه لا يؤمن أكثركم إلا وهم بربهم مشركون به عبادَه المقربين، فلا تقولوا يا محمد رسول الله أو كما يقول الجاهلون يا محمد وليّ ويا علي فيدخلكم الله نار جهنّم ثم لا تجدون لكم من دون الله ولياً ولا نصيراً، فلن يغني عنكم محمدٌ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم وأهل بيته شيئاً عن عذاب الله لئن دعوتم سواه.
ويا معشر الشيعة الاثني عشر، إني أرى أكثر المشركين بالله فيكم من المسلمين، فأكثركم يدعون آل بيت رسول الله من دون الله إلا قليلاً منكم، فاتّبعوني أهدكم صراطاً مستقيماً.
ويا معشر المسلمين على مختلف مذاهبهم، لقد خالفتم أمر الله بتفرّقكم إلى مذاهب وشيعٍ وكلّ حزب بما لديهم فرحون، فاتّبعوني أهدكم صراطاً مستقيماً وأحكم بينكم في جميع ما كنتم فيه تختلفون، فأستنبط لكم حكمي من نصوص القرآن العظيم إن كنتم تؤمنون بالقرآن العظيم، ومن أحسن من الله حُكماً؟! ما لم؛ فمثلكم كمثل الذين قال الله عنهم: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَن يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا ﴿٦٠﴾} صدق الله العظيم [النساء]. والسلام على من اتَّبع الهادي إلى الصراط المستقيم.
المهديّ المنتظَر الناصر لمحمدٍ رسول الله والمسيح عيسى ابن مريم وجميع شيعتي من الأنبياء والمُرسَلين ولا أفرّق بين أحدٍ من رُسله وأنا من المسلمين؛ الإمام ناصر محمد اليماني.
_____________
[ لقراءة البيان من الموسوعة ]
https://nasser-alyamani.org/showthread.php?p=4635