بسم الله الرحمن الرحيم . أختى فى الله نور الايمان , أحييك بتحية الاسلام الخالدة , السلام عليكم ورحمة الله وبركاته . وبعد , قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( جبلت النفوس على بغض من يسيء اليها )) . وأنا يا عزيزتى الفاضلة , أحس بأنك تتألمين من الأذى الذى أصاب بعض ممن تحبين بسبب دخول القوات السعودية الى البحرين . ولكى تعلمى حقيقة ما يجرى فى عالمنا الآن , بعيدا عن مشاعرنا الخاصة , فأسمحى لى يا حبيبة الله , أن أسألك هذا السؤال : هل تحبين الامام على كرم الله وجهه ؟ , فستقولين : بلى والله , هو أحب الى من كل صحابة رسول الله , وسأقول لك : فهل حارب على عليه السلام , المعترضين على حكومته ؟ , حيث انقسم الصحابة الى قسمين , وسالت بينهم الدماء , وقتل من قتل , وكان على يمثل الحكومة , وكانت المعارضة يقودها اثنان من المبشرين بالجنة , وهما حوارى الرسول , الزبير بن العوام , وطلحة بن عبيد الله , فماذا ستقولين لمن كان فى المعارضة وقتها , من الذين قتلوا وشردوا بسبب معارضتهم للامام على ( عليه السلام ) ؟ . ألن يكونوا غاضبين من الامام على ؟ . أعلم أنك ستردين على مستنكرة : (( ولكن يا أخى , ان على كان على حق , لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم , قد شهد له بذلك !!! . )) . وسأقول لك : صدقت يا أختى العزيزة , لقد كان حبيبنا ( الامام على بن أبى طالب ) على الحق . ولكن هذه الشهادة ستكون حجة لأرباب الحكم فى هذا الزمان وليس العكس !!! . سيقولون اذا كان على – عليه السلام – قد استحل دماء المعارضين , وهو أكثر منا ورعا , فكيف تطالبوننا بأن نكون أفضل من الامام على , والله لا نقدر على ذلك !!! . وسنرد عليهم أنا وأنت , ونقول لهم : (( ولكن الامام على لم يقصد أن يبادرهم بالقتال , وانما كان هناك بعض المنافقين , والطامعين فى السلطة , هم الذى أشعلوا الفتنة بين الفريقين ! )) . ولكن ردهم حاضر : (( اذا كان هناك محرضين فى زمان الامام على , فالآن المحرضين أكثر !!! , وتدعمهم قوى خارجية ! )) . فها أنت ترين يا عزيزتى , بأنه كلما جئناهم بحجة , جاءونا بحجة مثلها . وأحكى لك قصة سعد بن عبادة , وقد كان من زعماء الأنصار . لما تولى عمر بن الخطاب رضى الله عنه خلافة المسلمين , جاءه سعد بن عبادة , فقال له : ( أنا لا أحب ولايتك يا عمر , مثلما أحببت ولاية صاحبك ) . يقصد أنه يحب أبا بكر , أكثر من عمر , لأن أبا بكر كان ألين وأرق على الناس من عمر , وكان عمر شديدا فى الحق , ولا فرق عنده فى ذلك بين الزعماء وعامة الناس , وكان سعد من الزعماء , فكره شدة عمر . فرد عليه عمر : (( من كره صاحبه تحول عنه !)) . وبالفعل ترك سعد بن عبادة مدينته التى نشأ فيها , وارتحل الى بلد آخر , وعاش فيه . فهل تمرد على حكومة عمر ؟ , مع العلم بأن نصف الأنصار يدينون له بالولاء !!!! . لقد عصمه دينه وأيمانه من أن يقود الفتنة , فلله دره , ويا له من رجل صالح , وصحابى جليل , لم يسمح لهوى نفسه , وحبه وكرهه , بأن يمس عقيدته . وكذلك العبد الصالح , لا ينبغى أن يؤثر ميله القلبى , على طاعته لله , ومن طاعة الله , الابتعاد عن الفتن . ولكى تعلمى يا أختاه خلاصة ما قلته لك , .... أنظرى الى حال أي من دولنا الاسلامية , فلنقل مثلا , مصر والسودان , أو العراق وايران , أو السعودية وباكستان . ففى كل هذه الدول , معارضة يتم قمعها , وان تفاوتت درجة هذا القمع . وكمثال , أنا أحب أهل ايران حبا شديدا , ليس لأن لى صديق منهم وحسب , انما للبعد الاسلامى فى خطابهم السياسى , ومعاداتهم لدولة الكيان الصهيونى . ولكن هناك فى ايران , عدد من كبار رجال الدين من المذهب الشيعى , يتم قمعهم وسجنهم بسبب معارضتهم للحكومة , والحكومة تضرب بيد من حديد , كل من تسول له نفسه تهديد النظام والأمن , حتى وان كان من الشيعة . فلنفترض الآن , بأن والدك , أو أحد من تحبين , كان من رجال الدين الذين تم سجنهم فى ايران , فهل كنت ستحبين أحمد نجاتى ؟ , وبماذا ستحكمين على حكومته عندها ؟ . أما سعد بن عبادة رضى الله عنه , لو كان فى مكانك , لما سمح لمشاعره القلبية بأن تتحكم فى مواقفه الدينية , حتى وان جهر بتلك المشاعر . ونفهم من كل هذا السرد , بأن كل حكوماتنا , فى الهوا ... سوا , وان تفاوتوا فى الظلم , وكلهم لا يسمحون بتهديد أمنهم , من وجهة نظرهم , وليس من وجهة نظر معارضيهم . ولن نستطيع أن نحكم على نظام ما , بأنه خالى من الظلم , ولكن نستطيع أن نقارن بينها , فنقول مثلا , بأن حسنى مبارك , يعتبر ملاكا , اذا قارناه بمعمر القذافى !!!!!!!!!! .