https://nasser-alyamani.org/showthread.php?p=55294
الإمام ناصر محمد اليماني
22 - رمضان - 1433 هـ
10 - 08 - 2012 مـ
08:07 صباحاً
( بحسب التقويم الرسمي لأمّ القرى )
ـــــــــــــــــ
إنّ دعاءَ العبيد إلى العبيد ليشفعوا لهم عند الربّ المعبود دعاءٌ في ضلالٍ مبينٍ، فاحذروا وفرّوا إلى الله إني لكم منه نذيرٌ مبينٌ ..
بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على كافة أنبياء الله ورسله وآلهم الطيبين وجميع المسلمين في كل زمانٍ ومكانٍ إلى يوم الدين، أمّا بعد..
سلامُ الله عليكم ورحمة الله وبركاته أحبتي الأنصار السابقين الأخيار وجميع الباحثين عن الحقّ في العالمين، وخواتيمٌ مباركة علينا وعليكم وجميع المسلمين، وتقبل الله صيامنا وصالح أعمالنا، ومرحباً بضيفنا العمري في طاولة الحوار العالميّة للمهديّ المنتظَر من قبل الظهور، وأكرر الترحيب كثيراً بمن يأتي ليقرع الحجّة بالحجّة الحقّ من عند الله، فنحن لها بإذن الله.
ونقطة اختلافنا هي في كيفية تحقيق الشفاعة في نفس الربّ للعبيد كون الشفاعة هي لله جميعاً. تصديقاً لقول الله تعالى: {أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ شُفَعَاءَ قُلْ أَوَلَوْ كَانُوا لا يَمْلِكُونَ شيئاً وَلا يَعْقِلُونَ (43) قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا} صدق الله العظيم [الزمر:43-44].
بمعنى أنّها تشفع رحمة الله في نفسه من عذابه فيرضى، فإذا تحقق رضوان نفس الربّ تحققت الشفاعة من الله، فمن يأذن لهم بالخطاب سوف يقولون قولاً صواباً ويطلبون من ربهم تحقيق النعيم الأعظم من نعيم الجنة.
ولربّما يودّ العمري أن يقول: "وما هو النعيم الأعظم من الجنة؟". ومن ثم نفتيه بالحقّ: إنّ النعيم الأعظم هو رضوان الله على عباده، فهو نعيم أكبر من نعيم الجنة. تصديقاً لقول الله تعالى: {وَعَدَ اللّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} صدق الله العظيم [التوبة:72].
ويا حبيبي في الله العمري، فبما أنّ رضوان الله على عباده هو النعيم الأعظم من نعيم جنته حسب فتوى الله في محكم كتابه، ويعلم بذلك من قَدَرَ ربَّه حقّ قدره وهو لا يزال في الحياة الدنيا فيجد الإصرار الشديد في نفسه أنّه لن يرضى بملكوت الجنة جميعاً ما لم يتحقق رضوان الله على عباده جميعاً ما عدى شياطين الجنّ من الجنّ والإنس ومن كل جنسٍ حتى يذوقوا وبال أمرهم إلى ما شاء الله.
إذاً يا أخي الكريم، إن الذين أَذِنَ الله لهم بالخطاب لم يسألوا ربهم الشفاعة فذلك ليس القول الصواب فهم ليسوا بأرحم من الله بعبيده حتى يشفعوا لعباده سبحانه، ووعده الحقّ وهو أرحم الراحمين؛ بل الذين أذِن لهم بالخطاب لكي يطالبوا ربَّهم تحقيق النعيم الأعظم من نعيم جنته فيرضى. تصديقاً لقول الله تعالى: {وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شيئاً إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَرْضَى} صدق الله العظيم [النجم:26].
إذاً تحقيق الشفاعة مقترنٌ برضوان نفس الربّ سبحانه، فانظر لقول الله تعالى: {وَيَرْضَى} صدق الله العظيم، بمعنى أن تحقيق الشفاعة هي بتحقق رضوان الله في نفسه، ولن يرضى الله بقول من يطلب الشفاعة لأحدٍ عباده بل من يأذن الله له بعلمٍ من الله كون قوله في الطلب يرضي الله، فتجدون الذين يريدون تحقيق الشفاعة في نفس الله يطالبوا ربّهم تحقيق النعيم الأعظم من جنته {وَيَرْضَى}، فإذا رضي تحققت الشفاعة في نفس الله فتشفع لهم رحمته من عذابه. تصديقاً لقول الله تعالى: {قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا} صدق الله العظيم [الزمر:44]، أي تشفع لهم رحمته من عذابه فيرضى، فإذا رضي عن عباده الضالين تحققت الشفاعة، وإنما الذين جعلهم الله سببَ تحقيق الشفاعة إنما يطلبون من ربهم تحقيق النعيم الأعظم فيرضى. تصديقاً لقول الله تعالى: {وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شيئاً إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَرْضَى} صدق الله العظيم [النجم:26].
ولربّما يودّ أن يقول العمري: "يا ناصر محمد اليماني، تعال لأعلمك كيفية تَحقُق الشفاعة، وسوف آتيك بحديث عن النّبيّ كمال يلي:
ونأتيك بالبرهان المبين من محكم الكتاب عن فتوى دعاء العبيد إلى العبيد ليطلبوا لهم التخفيف من الربّ المعبود. وقال الله تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ فِي النَّارِ لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ ادْعُوا رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْمًا مِّنَ الْعَذَابِ ﴿٤٩﴾قَالُوا أَوَلَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُم بِالبيّنات قَالُوا بَلَىٰ قَالُوا فَادْعُوا ۗ وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ ﴿٥٠﴾} صدق الله العظيم [غافر].
فكذلك عقيدة المشركين بالله عبادِه المقربين كمثل أصحاب النار يطلبون من ملائكة الله المقربين خزنة جهنم أن يدعوا لهم الله أن يخفف عنهم يوماً من العذاب، ومن ثم تنظرون إلى فتوى ملائكة الرحمن لخزنة جهنم: {قَالُوا فَادْعُوا وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلاَّ فِي ضَلالٍ} صدق الله العظيم، أي فادعوا الله هو أرحم بكم من ملائكته المقربين، وما دعاء الكافرين لعبيده من دونه أن يشفعوا لهم عند ربهم إلا في ضلالٍ.
ولكن للأسف يا عمري إنكم تعتقدوا بنفس عقيدة أصحاب النار أنّه يتمّ طلب الشفاعة من العبيد إلى العبيد ليشفعوا لهم عند ربّهم، ولكن هذا الدعاء في ضلالٍ؛ كون الطريقة الحقّ لطلب الشفاعة هو الدعاء المباشر من العبيد إلى الربّ المعبود أن يرحمهم، ويحاجّون ربهم بصفة الرحمة في نفسه إنّه هو أرحم الراحمين، فإذا لم يرحمهم هو فمن ذا الذي هو أرحم من الله بعباده؟ سبحانه عمّا يشركون وتعالى علواً كبيراً! فقد جئناك بالبرهان المبين من محكم الكتاب:
إنّ طلب الشفاعة من العبيد إلى العبيد ليشفعوا لهم عند الربّ المعبود إنّ ذلك الدعاء في ضلال مبين كونه مخالف لفتوى الله في محكم كتابه: {وَقَالَ رَبُّكُـمْ ٱدْعُونِى أَسْتَجِبْ لَكُمْ} صدق الله العظيم [غافر:60].
وأما دعاء العبيد إلى العبيد ليشفع لهم عند الربّ المعبود فذلك دعاء شركيّ في ضلالٍ مبينٍ. تصديقاً لقول الله تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ فِي النَّارِ لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ ادْعُوا رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْمًا مِّنَ الْعَذَابِ ﴿٤٩﴾قَالُوا أَوَلَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُم بِالبيّنات قَالُوا بَلَىٰ قَالُوا فَادْعُوا ۗ وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ ﴿٥٠﴾} صدق الله العظيم [غافر]، أي وما دعاء الكافرين لعبيده من دونه إلا في ضلالٍ، اللهم قد بلغت اللهم فاشهد.
وسلامٌ على المرسلين، والحمد لله ربّ العالمين..
أخوكم الإمام المهديّ ناصر محمد اليماني.
ــــــــــــــــــــــ