- 6 -
الإمام المهديّ ناصر محمّد اليمانيّ
25 - شوّال - 1429 هـ
25 - 10 - 2008 مـ
01:11 صباحًا
( حسب التقويم الرسمي لأمّ القرى )
[لمتابعة رابط المشاركة الأصليّة للبيان]
https://nasser-alyamani.org/showthread.php?p=432
ــــــــــــــــــــ
المحصنات في الكتاب نوعان اثنان لا ثالث لهما وهما المحصنة لفرجها والمحصنة بالزواج ..
بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمُرسَلين محمد صلّى الله عليه وآله وسلّم وصحابته الأخيار الأبرار والتّابعين للحقّ إلى يوم الدّين، وبعد..
إلى أخي الكريم محمد الحسام وإلى جميع علماء المسلمين على مختلف فرقهم ومذاهبهم سلامُ الله عليكم ورحمةٌ منه وبركاته، السلام علينا وعلى كافة المسلمين أجمعين، ويا إخواني علماء المسلمين إن لكلّ دعوى برهانٌ وبما أنكم لا تنتظرون نبيًّا ولا رسولًا؛ بل إمامًا عدلًا وذا قولٍ فصلٍ وما هو بالهزل يؤتيه الله علم الكتاب ليجعله الله شاهدًا بالحقّ للقرآن العظيم أنه الحقّ من عند ربّ العالمين على جميع الذين تولّوا عن القرآن العظيم. تصديقًا لقول الله تعالى: {وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلًا ۚ قُلْ كَفَىٰ بِاللَّـهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِندَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ ﴿٤٣﴾} صدق الله العظيم [الرعد].
ومن خلال هذه الآية المُبيّنة للمسلمين والنّاس أجمعين بأنّهم لا ينتظرون من بعد محمدٍ رسول الله - صلّى الله عليه وآله وسلّم - نبيًّا ولا رسولًا؛ بل إمامًا من الصالحين يؤتيه الله علم الكتاب القرآن العظيم، والحكمة من ذلك لكي يستطيع أن يبيّن للكفار حقائق من آيات القرآن العظيم بالعلم والمنطق الحقّ فيجدونه الحقّ على الواقع الحقيقي بلا شكٍ أو ريبٍ، ويدرك ذلك أولو العلم منكم في المجال الذي يخصّ الآية العلميّة على الواقع الحقيقي. تصديقًا لقول الله تعالى: {وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ هُوَ الْحَقَّ وَيَهْدِي إِلَىٰ صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ ﴿٦﴾} صدق الله العظيم [سبأ].
ومن ثمّ يتبيّن لهم أنّه الحقّ بالعلم والمنطق. تصديقًا لقول الله تعالى: {سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ} صدق الله العظيم [فصلت:53].
وأمّا الحكمة الأخرى من أن يؤتي المهديّ المنتظَر علم الكتاب وذلك لكي يستطيع أن يحكم بين جميع علماء المسلمين في جميع ما كانوا فيه يختلفون فيجمع شملهم فيوحّد كلمتهم فيتمّ الله بعبده نوره ولو كره المجرمون ظهوره، وهكذا تستطيعون أن تعرفوا المهديّ المنتظَر الحقّ من ربّكم بأن الله يؤتيه علم الكتاب القرآن العظيم فيزيده بسطةً في العلم على جميع علماء المسلمين فيُهيمن عليهم بسلطان العلم الحقّ من ربّهم ليجعل ذلك هو برهان الخلافة والقيادة عليهم أجمعين.
ويا معشر علماء المسلمين، لقد بدأ القرآن غريبًا على النّاس يوم تنزيله لأنهم قد خرجوا عن الحقّ فيعبدون آلهةً من دون الله ما نزّل الله بها من سلطانٍ وجاء القرآن يدعوهم إلى عبادة الله وحده فاستغربوه وقالوا: قال الله تعالى؛ قالوا: {أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَـٰهًا وَاحِدًا ۖ إِنَّ هَـٰذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ ﴿٥﴾} صدق الله العظيم [ص].
ولكن بعض الذين كانوا يستغربون من هذا القول الحقّ ثمّ هداهم الله إلى الحقّ فعلموا أنّه الحقّ من ربّهم حتى إذا نَوَّرَ اللهُ قلوبهم فاستغربوا كيف كانوا يعبدون الأصنام التي صنعوها بأيديهم.
وها هو القرآن يعود في زمن تأويله غريبًا على المسلمين كما كان غريبًا عليهم في زمن تنزيله، ولأنّ المُنافقين قد رَدّوكم عما أنزل الله إليكم من ربّكم وأخرجوكم عن بعض الحدود والعقائد ولذلك سوف يكون غريبًا عليكم بادئ البيان الحقّ من ربّ العالمين بوحي التفهيم وليس بوسوسة شيطانٍ رجيمٍ وليس عِلمٌ لدُنّي؛ بل لا ينبغي لكم التصديق حتى آتيكم بالسلطان المبين من القرآن العظيم، وقد جعل الله السلطان في الآيات المحكمات أمّ الكتاب في القرآن العظيم.
ومن الحدود التي أخرجكم المُفترون على الله ورسوله بغير الحقّ عنها هو حدّ الُزناة المتزوجين فاستبدلوكم بحدٍّ مخالفٍ لما أنزله الله في محكم القرآن العظيم، وبما أن ناصر محمد اليماني يقول شيئًا خطيرًا فإذا كان على ضلالٍ فقد فرض الله على جميع علماء المسلمين الذود عن حياض الدّين وحدود الله فيأتون لموقع ناصر محمد اليماني المفتوح لكافة البشر فيلجمونه بعلمٍ وسلطانٍ مبينٍ إن كان على ضلالٍ مبينٍ، حتى إذا شاهد المتابعون لمنتديات البشرى بالمهديّ المنتظَر بأن علماء المسلمين حضروا لموقع المدعو ناصر محمد اليماني فأثبتوا بالحجّة الدامغة لحُجّته فألجموه إلجامًا فعند ذلك سوف يتبيّن للباحثين عن الحقيقة الحقّ من عالم الإنترنت من كافة دول العالمين بأنّ ناصر محمد اليماني على ضلالٍ، ومن ثمّ لا يتّبعه ولا يُصدّقه أحد، وكذلك يرتدّ الذين اتّبعوه عن اتّباعه لأنه تبيّن لهم أنّ المدعو ناصر محمد اليماني ليس المهديّ المنتظَر الحقّ من ربّهم فتبين لهم أن مثله كمثل المهديين الذين وسوست لهم الشياطين بغير الحقّ ليقولوا على الله ما لا يعلمون ولكن إذا كانت حُجّة ناصر محمد اليماني هي الدامغة الجامحة والمُلجمة لكافة علماء المسلمين فأخرس ألسنتهم بمنطق السلطان المُحكم من القرآن العظيم فعند ذلك أقيمت الحجّة على علماء المسلمين وأتباعهم أجمعين إن لم يتّبعوا الإمام المهدي الحقّ من ربّهم الذي جعله الله مهديًّا لهم من بعد خروجهم عن الحقّ فيعيدهم إلى الحقّ على منهاج النّبوة الأولى بعد أن زاغوا عنها فيأتي ليهديهم ويعيدهم إلى كتاب الله وسنّة رسوله الحقّ ويدعوهم إلى صراطٍ مستقيمٍ ولذلك يسمى المهديّ أي المهديّ إلى الحقّ من بعد أن أضللتم عن الحقّ.
ولكن يا معشر علماء الأمّة، إذا أثبتنا بالحقّ بأنّ المنافقين أخرجوكم حتى عن حدٍّ من حدود الدّين الإسلامي الحنيف فاستبدلتم ما لم يحكم به الله فتذكّروا قول الله تعالى:
{وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّـهُ فَأُولَـٰئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} [المائدة:44].
{وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّـهُ فَأُولَـٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} [المائدة:47].
{وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّـهُ فَأُولَـٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [المائدة:45].
صـــدق الله العظيــــــم
فلا تتعدوا حدود الله ولا تستبدلوها بما لم يأمركم الله به فتكونوا من الظالمين، وتذكروا قول الله تعالى: {تِلْكَ حُدُودُ اللَّـهِ ۚ وَمَن يُطِعِ اللَّـهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ۚ وَذَٰلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴿١٣﴾ وَمَن يَعْصِ اللَّـهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ ﴿١٤﴾} صدق الله العظيم [النساء].
وكان الحدّ لنساء المسلمين الحُرّات هو الحبس في البيوت سواء كانت عزباء أم متزوجة ولا تُحبس في بيت زوجها إذا كانت متزوجة لأنه سوف يُطلّقها ولا يحلّ لها أن تجلس معه في بيته من بعد أن طلقها بل يعود بيتُها هو بيت أهلها فإذا ثبت زناها أُخرجت من بيت زوجها إلى بيت أهلها. تصديقًا لقول الله تعالى: {وَاتَّقُوا اللَّـهَ رَبَّكُمْ ۖ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِن بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ ۚ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّـهِ ۚ وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّـهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ ۚ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّـهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَٰلِكَ أَمْرًا} صدق الله العظيم [الطلاق:1].
ولو تدبّرتم الآية الأولى التي نزلت بالحدّ الأول لوجدتم بأنّ الآية تتكلم عن نساء المسلمين الأحرار بشكل عام سواء كانت متزوجة أم عزباء فكان حدّها الحبس في بيت أهلها، وأمّا الذين يأتون الفاحشة من المؤمنين سواءً كان أعزبَ أم متزوجًا فحدّهم الأذى بالكلام الجارح والمُهين حتى يتوبا عن ذلك. تصديقًا لقول الله تعالى: {وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِن نِّسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِّنكُمْ ۖ فَإِن شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّىٰ يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّـهُ لَهُنَّ سَبِيلًا ﴿١٥﴾ وَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنكُمْ فَآذُوهُمَا ۖ فَإِن تَابَا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُوا عَنْهُمَا ۗ إِنَّ اللَّـهَ كَانَ تَوَّابًا رَّحِيمًا ﴿١٦﴾} صدق الله العظيم [النساء].
وهيهات هيهات أتريد أن تُجادلني بها يا محمد الحسام؟ إنك أنت الحكيم الرشيد! أفلا تعلم بأن هذا كان حدّ الزنى من قبل نزول حدّ الجلد ولكنك تعصد في كوزٍ هداك الله، وليس بيان القرآن أكل عصيدٍ، فتدبّر الآيات جيدًا هداك الله تجد أنه حدٌّ للزنى قد تمّ استبداله بحدّ الجلد، ولم يقُل الله كما قلت أنت عليه بغير الحقّ بأنها تُحبَس فتُرجَم، فاتّقِ الله ولا تقُل على الله غير الحقّ، وقال الله تعالى: {وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِن نِّسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِّنكُمْ ۖ فَإِن شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّىٰ يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّـهُ لَهُنَّ سَبِيلًا ﴿١٥﴾ وَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنكُمْ فَآذُوهُمَا ۖ فَإِن تَابَا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُوا عَنْهُمَا ۗ إِنَّ اللَّـهَ كَانَ تَوَّابًا رَّحِيمًا ﴿١٦﴾} صدق الله العظيم.
فإذا تدبّرت سوف تجد بأن حدّ نساء المسلمين هو الحبس في البيوت وذلك لكي تُحفَظ من الزنى وتأديبًا لها، وهل مكان المرأة إلا في البيت؟ وأمّا الرجال فلم تجد غير أن الله أمركم أن تؤذوهم بالحديث الجارح المُهين. وأمّا النساء فكما وضحنا أمَر بحبسهنّ في البيوت حبسًا مؤبدًا حتى يتوفاهُنّ الموتُ أو يجعل الله لهنّ سبيلًا، ألا وإن السبيل هو الحُكم البدَل وهو الحكم الذي سوف يتنزَّل فيما بعد بمائةِ جلدة بدلًا عن الحبس حتى الموت وهو مجيء الأجل أو يتنزَّل حُكمٌ آخر، ولكنك تقول ( حتى الموت ) بأنه يقصد الرجم! ولكنّ الله ليس بظالمٍ يا محمد فكيف تقول ذلك وأنت تجد في ذات الآية حدّ الحرّ المتزوج والأعزب بأنه ليس إلا إيذاءً بالكلام؟ فاتّقِ الله ولا تقُل على الله بالبيان للقرآن غير الحقّ.
وقد تبيّن لي من خلال ردّك هذا بأنك لست عالمًا بالدين وإنما تبحث لك في الإنترنت، وهذه الآية التي جادلتني بها لا خلاف بين علماء المسلمين بأنها مما يسمونه المنسوخ. وعليك أن تعلم بأن تحريف بيان القرآن هو تحريف كلام الله عن مواضعه، فتدبّر وتفكّر قولَ الله تعالى في ذات الآية التي تُحاجّني بها بل هي مزيدٌ من البرهان بالحقّ لي وليس عليّ، ولو تدبّرت الحقّ من ربّك في ذات الآية التي تحاجني بها في قول الله تعالى: {وَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنكُمْ فَآذُوهُمَا ۖ فَإِن تَابَا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُوا عَنْهُمَا ۗ إِنَّ اللَّـهَ كَانَ تَوَّابًا رَّحِيمًا ﴿١٦﴾} صدق الله العظيم.
فلماذا يا أهل اللغة العربية الفُصحَى لم يقُل الله تعالى: (والذين) بل قال الله تعالى: {وَاللَّذَانِ} صدق الله العظيم؟ والخطاب جاء بالمُثنّى ويقصد الزاني الأعزب والزاني المتزوج من المسلمين حدهم سواء وهو الأذى بالكلام وتقبيح ما يفعلان وذمهم على ذلك ولومهم بمعنى أن حدّ الزناة من المسلمين هو حدٌ واحدٌ وهو الأذى بالكلام سواء كان أعزب أم متزوجًا، ومن أجل التوضيح قال الله تعالى: {وَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنكُمْ فَآذُوهُمَا ۖ فَإِن تَابَا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُوا عَنْهُمَا ۗ إِنَّ اللَّـهَ كَانَ تَوَّابًا رَّحِيمًا ﴿١٦﴾} صدق الله العظيم.
فإن أبيتم فأفتوني إن استطعتم لماذا قال الله تعالى: {وَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنكُمْ} فلماذا تكلم بالمُثنى؟ وذلك لأنه يتكلم عن الزاني الأعزب والزاني المتزوج ومن ثمّ ذكر حدَّهما أنّه الأذى بالكلام الجارح وتقبيح ما يفعلان حتى يتوبا، فإن تابا وأصلحا أمركم الله بالإعراض عنهما والعفو لأن الله قد عفى عنهم إن الله كان توابًا رحيمًا، وقال الله تعالى: {وَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنكُمْ فَآذُوهُمَا ۖ فَإِن تَابَا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُوا عَنْهُمَا ۗ إِنَّ اللَّـهَ كَانَ تَوَّابًا رَّحِيمًا ﴿١٦﴾} صدق الله العظيم.
وأَمْرُ الله هنا واضحٌ وجليٌّ بأن من علمتم منهما أنه تاب إلى الله متابًا وأصلح فهنا أمركم الله بالأمر أن تعرضوا عنه، فقد رُفِع عنه حدّ الأذى بالكلام من بعد التّوبة فلا يحقّ لكم أن تستمروا بتطبيق الحدّ عليه بالأذى بالكلام الجارح المُهين بعد أن تاب الله عليه وعفى عنه، ومن خالف أمر ربّه واستمر في الأذى فقد تعدّى حدود الله وظلم نفسه فلا استمرار للحدّ من بعد التّوبة في هذا الموضع.
ولكن إذا استمر هذا الحدّ فسوف يكون فيه ظُلمًا لنساء المسلمين ذاك الحبس المؤبّد في البيوت حتى يتوفاهنّ الموتُ، وإنما حبسها هو حفظٌ لها من الزّنى وأدبٌ لها، ولكنّ الله قد جعل لهنّ سبيلًا ويريد أن يعدل بين الرجل والمرأة وهو حدّ الجلد فتجلدوهنّ مائة جلدة، وجعل الله لهنّ وللرجال حدًّا واحدًا وهو مائة جلدةٍ للزُناة المسلمين سواءً كانوا عُزّابًا أم متزوجين، وكذلك خمسون جلدة للعبيد والإماء سواءً كانوا عُزّابًاً أم متزوجين. تصديقًا لقول الله تعالى: {سُورَةٌ أَنزَلْنَاهَا وَفَرَضْنَاهَا وَأَنزَلْنَا فِيهَا آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لَّعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ﴿١﴾} صدق الله العظيم [النور].
بمعنى أنّ ما سوف يقوله من بعد ذلك هو كلامٌ واضحٌ وجليٌّ للجميع ومُفصلٌ تفصيلًا، وقال الله تعالى: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ ۖ وَلَا تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّـهِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّـهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۖ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ ﴿٢﴾} صدق الله العظيم [النور].
وهنا يتساءل المتدبّر لكتاب الله لماذا بدأ بالمرأة من قبل الرجل؟ وذلك لأنه يُعتبر فَرَجٌ لنساء المسلمين، فلو طال الحدّ الأول ولم يأتِ البدل فسوف يكون فيه ظُلمًا للمرأة لأنه حكم عليها بالحبس المؤبد في البيوت حتى يتوفاهنّ الموت، بينما الرجل ليس إلا يؤذى بالكلام فإن تاب أمركم الله أن تعرضوا عنه وهو حرٌّ طليقٌ، ولذلك جاء هذا الحدّ العدل والمُحْكَمُ بمائة جلدة للجميع، وقال الله تعالى: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ ۖ وَلَا تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّـهِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّـهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۖ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ ﴿٢﴾} صدق الله العظيم.
وهذه آيةٌ واضحةٌ بيِّنةٌ ولا تحتاج إلى بيانٍ نظرًا لوضوحها الشديد بالحكم على الزُناة بشكلٍ عامٍ من الأحرار سواءً كانوا ذكورًا أم إناثًا سواء متزوجين أم عُزّاب بمائةِ جلدة فلا تحتاج لبيانٍ أكثر مما هي مُبيَّنة، والزنى هو وضع فرجٍ في فرجٍ مُحرَّم عليه سواءً كان أعزبَ أم متزوجًا.
ومن ثمّ ننتقل إلى الآيات التي ذكرت المُحصنة وهي المتزوّجة، وقال الله تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُن لَّهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّـهِ ۙ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ ﴿٦﴾ وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللَّـهِ عَلَيْهِ إِن كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ ﴿٧﴾ وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَن تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّـهِ ۙ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ ﴿٨﴾ وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّـهِ عَلَيْهَا إِن كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ ﴿٩﴾ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّـهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّـهَ تَوَّابٌ حَكِيمٌ ﴿١٠﴾} صدق الله العظيم [النور].
وكذلك هذه الآيات كما أخبركم الله من الآيات البيِّنات يقول الله لكم بأنّ الذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم؛ فمثلًا حملت زوجته وهو يعلم بأنه لم يجامعها لأي سببٍ من الأسباب المهم بأنها حبلت وهو يعلم أن هذا من غيره وليس منه لأنه لم يجامعها أو سافر عنها وهي محيض بالدورة الشهريّة ومن ثمّ جاء وهي حامل ولذلك اتهمها بالزنى، فالحكم عليه هو أن يشهد أربع شهادات بالله إنّه لمن الصادقين والخامسة أنْ لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين، ولكنه إذا كان هو من أحبلها وأنكر ذلك لكي ينتقم منها ومن أهلها فقد تمّ طرده من رحمة الله وأصبح من أهل النّار خالدًا مُخلَّدًا إلا أن يتوب فيعترف بأنّ المولود ولده فيردّ اعتبارها واعتبار أهلها، وإن ذلك عند الله لأعظم جُرمًا من لو أنه قتلها وقتل أهلها جميعًا.
وأمّا هي فيدرأُ عنها العذاب، ألا وإنّ العذاب هو المذكور في أوّل السورة، أم تريدون أن يذكره الله لكم مرةً أخرى في نفس الموضع وقد ذكر بشكلٍ عام للزناة المتزوجين والعزاب؟! إذًا العذاب الذي يُدرأُ عنها هو المائة الجلدة فتشهد أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين والخامسة أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين.
وحتى تعلمون علم اليقين يا معشر علماء المسلمين بأن حدّ المتزوّجة هو مائة جلدة ولذلك قال الله لكم أن تجلدوا الزانية المتزوّجة من الإماء بنصف ما على المحصنات من العذاب أي بخمسين جلدة. تصديقًا لقول الله تعالى: {وَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ مِنكُمْ طَوْلًا أَن يَنكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِن مَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُم مِّن فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ۚ وَاللَّـهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِكُم ۚ بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ ۚ فَانكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلَا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ ۚ فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ} صدق الله العظيم [النساء:25].
ويا قوم لم أجد في كتاب الله وسنّة رسوله لكلمة المحصنات غير معنيين اثنين لا ثالث لهم وهما:
1- المُحصنة أي العفيفة التي أحصنت فرجها من الزنى. تصديقًا لقول الله تعالى: {وَالَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهَا مِن رُّوحِنَا وَجَعَلْنَاهَا وَابْنَهَا آيَةً لِّلْعَالَمِينَ ﴿٩١﴾} صدق الله العظيم [الأنبياء].
وكذلك قول الله تعالى: {وَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ مِنكُمْ طَوْلًا أَن يَنكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ} صدق الله العظيم.
والمحصنة هي العفيفة المؤمنة تصديقًا لحديث محمدٍ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، إذًا المحصنة هي التي تُحصِن فرجها من الزنى، فهل ترون عليها حدًا جزاءً لها لأنها أحصنت فرجها فتجلدوها بمائةِ جلدة والأَمَةُ المتزوّجة تجلدونها بنصف ما على المُحصنة لفرجها فهل يقبل العقل هذا؟! ولربّما يودّ أحدٌ أن يُقاطعني فيقول: "مهلًا مهلًا يا ناصر اليماني إنك لا تعلم بمرادفات اللغة وإنما يقصد المؤمنات بقوله المحصنات ويقصد الحرّات المُسلِمات". ومن ثمّ أردّ عليه وأقول: إنّ الأمر لعظيمٌ وخطيرٌ وحدٌّ من حدود الدّين، أتريدني أن أحكم بغير ما أنزل الله نظرًا لقولك بالظنّ الذي لا يُغني من الحقّ شيئًا؟ وأمّا قولك أنه يقصد المحصنات أي المُسلِمات الحرّات اللاتي لم يتزوجن بعد، فمن ثمّ أردّ عليه: قُل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين. ويكفيني برهانٌ واحدٌ محكمٌ في القرآن العظيم يقول إنّ المحصنة هي الحرّة المسلمة.
فأنا لا أجد في القرآن العظيم إلا معنيين اثنين لا ثالث لهما وهما:
المحصنة لفرجها والمحصنة بالزواج.
فأمّا المحصنة لفرجها قال الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴿٢٣﴾} صدق الله العظيم [النور].
وفي هذا الموضع نجد المحصنة أي العفيفة من النساء سواءً كانت متزوجة أم عازبة وقذفوها بغير الحقّ زورًا وبهتانًا، وقال الله تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا ۚ وَأُولَـٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ﴿٤﴾ إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِن بَعْدِ ذَٰلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّـهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴿٥﴾} صدق الله العظيم [النور].
وفي هذا الموضع يقصد المُحصنة لفرجها من النساء سواءً كانت عزباء أم متزوجة فمن يقذفها ثمّ لم يأتِ بأربعة شهداء فحدّه ثمانون جلدة ولا تقبل له شهادة بعد ذلك، وهذا هو المعنى الأول لكلمة (المحصنات) أي العفيفات.
ومن ثمّ نأتي للمعنى الآخر، وقال الله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالَاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُم مِّنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُم مِّن نِّسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُم بِهِنَّ فَإِن لَّمْ تَكُونُوا دَخَلْتُم بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ وَأَن تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ ۗ إِنَّ اللَّـهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا ﴿٢٣﴾ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} صدق الله العظيم [النساء:23-24].
ومعنى قول الله تعالى: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} صدق الله العظيم، بمعنى أنّ الله حرّم على المسلمين كذلك الزواج من المتزوجات إلا ما ملكت أيمانكم وهُنَّ من الإماء ملك اليمين من الغنائم من نساء الكافرين، بمعنى أنه ليس لكلمة المحصنات غير معنيين اثنين لا ثالث لهما لا في كتاب الله ولا في سنّة رسوله ولا في اللغة العربية الفصحى، وقال الله تعالى: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ۖ كِتَابَ اللَّـهِ عَلَيْكُمْ ۚ وَأُحِلَّ لَكُم مَّا وَرَاءَ ذَٰلِكُمْ أَن تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُم مُّحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ ۚ فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً ۚ وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُم بِهِ مِن بَعْدِ الْفَرِيضَةِ ۚ إِنَّ اللَّـهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا ﴿٢٤﴾ وَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ مِنكُمْ طَوْلًا أَن يَنكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِن مَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُم مِّن فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ۚ وَاللَّـهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِكُم ۚ بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ ۚ فَانكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلَا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ ۚ فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ ۚ ذَٰلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنكُمْ ۚ وَأَن تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَّكُمْ ۗ وَاللَّـهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴿٢٥﴾} صدق الله العظيم [النساء].
وقد تبيّن لنا قوله تعالى: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ۖ كِتَابَ اللَّـهِ عَلَيْكُمْ ۚ وَأُحِلَّ لَكُم مَّا وَرَاءَ ذَٰلِكُمْ أَن تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُم مُّحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ} صدق الله العظيم [النساء:24]. وهنا يقصد بقوله تعالى: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ} أي المتزوجات لأنه محرم الزواج منهنّ حتى يطلقهنّ أزواجهن.
وأمّا قول الله تعالى: {وَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ مِنكُمْ طَوْلًا أَن يَنكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ} أي المحصنات لفروجهن المؤمنات.
وأمّا قوله تعالى: {فَانكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلَا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ ۚ فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ ۚ ذَٰلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنكُمْ ۚ وَأَن تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَّكُمْ ۗ وَاللَّـهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} صدق الله العظيم، وهنا أراد الله أن يبيّن لكم أن حدّ المحصنة هو كذلك مائة جلدة كحدّ المرأة العزباء، وأمركم أن تجلدوا الأمّة المحصنة بنصف ما على المحصنات من نساء المسلمين الزانيات، ولا ينبغي أنه يقصد نصف ما على العفيفة، فهل يوجد للعفيفة حدٌّ؟! أفلا تتّقون؟
وأُذَكِّركم ما جاء في أول هذا البيان بقوله تعالى: {وَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنكُمْ فَآذُوهُمَا ۖ فَإِن تَابَا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُوا عَنْهُمَا ۗ إِنَّ اللَّـهَ كَانَ تَوَّابًا رَّحِيمًا ﴿١٦﴾} صدق الله العظيم [النساء]. ويقصد الحُرّ المتزوج والحُرّ الأعزب، فوجدتم حدّهما واحدًا وهو الأذى بالكلام الجارح والمُهين وتقبيح ما يفعلان، ومن ثمّ بدّل الله هذه الآية بآيةٍ مفروضةٍ وهي حدّ الجلد للمتزوجين والعزّاب حدًّا سواءً؛ سواء كان حُرًّا متزوجًا أم حُرًّا أعزبَ، وسبق وأن كتبنا بيانًا في هذا الشأن وإنما زدنا في هذا البيان مزيدًا من التّفصيل حول نفي حدّ الرجم الذي ما أنزل الله به من سلطان.
ويا محمد الحسام أبشر فسوف أجيبك بإذن الله على جميع أسئلتك من حكم القرآن العظيم، فمن ذا الذي قال لك بأني أنكر ما قلته من قبل أو آتى بكلامٍ غيره بغير الحقّ! وهل بعد الحقّ إلا الضلال؟ ولكن بعد أن نخرج بنتيجةٍ في حدّ الرجم وأرجو أن تقرأ البيان السابق مِنّا في نفي حدّ الرجم بالحقّ وإثبات بطلانه والحكم بما أنزل الله وفرضه على المسلمين بجلد الزُّناةِ الأحرار بمائة جلدة والعبيد والإماء بنصف ما على الأحرار.
ولم يجعلني الله من القرآنيين وإنما أنا حكمٌ بينكم بالحقّ فيما كنتم فيه تختلفون، وإن وافقتُهم في نفي حدّ الرجم فإني أخالفُهم إلى الحقّ وأبطل فتواهم بغير الحقّ بأنّ الصلوات المفروضات ليست إلا ثلاث صلوات، وأقول يا معشر القرآنيين، لقد أضعتم فرضين من الصلوات فاتّقوا الله ولا تقولوا على الله غير الحقّ.
ويا معشر المسلمين، إني لا أتّبع أهواءكم ولا رضوانكم بغير الحقّ بل حَكَمٌ بينكم بالعدل وذو قولٍ فصلٍ وما هو بالهزل، ولم أقُل بأنّي سوف أشفعُ للناس بين يدي الله بل أحاجّه في نعيمي الأعظم وهو أن يكون الله راضيًا في نفسه فذلك منتهى نعيمي وأملي وكلّ غايتي ومنتهى مرادي، ومن ثمّ تأتي الشّفاعة لمن يشاء الله من العباد فتشفع رحمته من غضبه وعذابه لكي يحقق لعبده ما يعبد وهو أن يكون ربّي راضيًا في نفسه، وكيف يكون راضيًا في نفسه ما لم يدخل كلّ شيء في رحمته؟ ولم أقُل بأني سوف أقول يا رب شفِّعني! إذًا لكنت أوّل من يُلقي بي في نار جهنّم، ولن يتجرأ أحدٌ على الشّفاعة لأنه ليس أرحمَ بعباده من أرحم الراحمين، ومن كان يلتمس الشّفاعة ممن هم أدنى رحمة من الله سواءً محمد رسول الله - صلّى الله عليه وآله وسلّم - أو ناصر محمد فإني أبشِّره بنار جهنّم خالدًا فيها وإنه لمن المشركين الكافرين بأنّ الله هو أرحم الراحمين، فكيف يلتمسون الرحمة ممن هم أدنى رحمةً من أرحم الراحمين؟! أولئك ما قدروا الله حقّ قدره فما عرفوه حقّ معرفته، ولم أجِب بعد على سؤالك عن الشّفاعة وإنما قلت هذه الكلمات الحقّ المختصرة في أمر الشّفاعة لأني لا أستطيع صبرًا حتى أجيبك عليها من بعد الإجابة عن السؤال الأول لنفي حدّ الرجم.
أخوكم الإمام المهديّ ناصر محمد اليماني.
_____________